شهد قاعات المجلس النيابي اليوم الثلاثاء زحمة خطباء في اليوم الأول من جلسات الثقة، فمن يستمع إلى السادة النواب وكلماتهم ومداخلاتهم على هامش التصويت على الثقة للحكومة، يعيش لوهلة من الزمن على آمال طويلة وعريضة في إنقاذ البلاد من مشاكلها السياسية والإقتصادية والإجتماعية، لكنه يستيقظ على حلم، وأن هذه الكلمات هي كلمات مصورة تلفزيونيًا ولا تتعدى كونها دعاية للنائب ومن يمثله من حزب أو تيار أو زعيم، يخاطب شعبه وبيئته بالمزيد من الوعود والأوهام والشعارات، ومن حق هذا الشعب أن يحلم، وعليه أيضًا أن يصدق.
قلة قليلة لا تأخذها الشعارات، ولا تستغرق في الكلمات والمواقف الملتبسة، تقول كلمتها بحرص وواقعية، بعيدًا عن التبعية العمياء، وبعيدًا جدًا عما يريد هؤلاء إيصاله للناس بشكل مشبوه ومضلل، أو على أحسن تقدير بشكل يراد منه تخدير القواعد وطمأنتها.
إقرأ أيضًا: ريا الحسن تعيدُ المواطنين إلى كنف الدولة!!
اليوم استعاد النائب حسن فضل الله خطابه القديم خلال جلسة الثقة للحكومة السابقة، ليجدد الحديث عن الفساد، بل ويزيد من العنتربات الكلامية التي يعرف أنها لن تتعدى قاعات المجلس النيابي، لأن استعادة الكلام السابق نفسه وبالطريقة نفسها مؤشر على استمرار إطلاق الشعارات المصورة التي طائل منها ما لم تكن هناك جدية ولو بالحد الأدنى.
ما ساقه فضل الله في كلمته اليوم وبالتفاصيل التي وردت هو إدانة له ولحزبه قبل غيرهم من مافيات الفساد، لأن الحريص والجاد بمحاربة الفساد يبرز كل معطياته ومستنداته ووثائقه بعيدا عن انتظار التسويات من هنا أو هناك، ومع هذا أو ذاك أيًا يكن المسؤول عن هذا الفساد.
المسؤولية والشفافية والجدية هي بتقديم كل المعلومات التي يتحدث عنها فضل الله للأجهزة المعنية، وبالتالي تنطلق عمليه محاربة الفساد بعيدًا عن الدعاية الإعلامية.
إقرأ أيضًا: قضية زريق.. فاجعة شعب أم فاجعة دولة
إن الاستمرار بهذه الطريقة في محاربة الفساد هو استغباء لعقول اللبنانيين، وهو تغطية للفاسدين والمسؤولين في منظومة الفساد هذه وهو تعقيد إضافي في طريق الحرب على الفساد.
إننا ندعو إلى مقاربة هذا الملف بعيدا عن الاستهلاك الإعلامي وإطلاق المواقف والوثائق والأرقام كالفوازير التي ليس لها حلول.
الحلول واضحة ومعروفة ورائحة الفساد تغطي البلد كله، فلم يعد هناك معنى لخطابات وكلمات غير قابلة للتنفيذ.