أعلن النائب فؤاد مخزومي، في كلمته خلال جلسة مناقشة البيان الوزاري، أن "من أجمل صفات المولود الجديد أنه يطل علينا باكتمال الشهر التاسع وهو يحمل وعودا كثيرة وليست له سوابق".
وقال: "ها نحن اليوم أمام حكومة ولدت بعد مخاض عسير، ويفترض أنها تحمل لأهلنا وعودا كثيرة ولكن... هذه المولودة الجديدة، أليست لها سوابق؟ هذا ما نحب أن نصدقه... نريد لهذه الولادة أن تكون نعمة للبلاد والعباد... فتحكم بعدل لا يشوبه انحياز أو فساد".
أضاف: "نعم... نحب أن نصدق رغم كل المظاهر، أن حاملي أمانة الوطن، وإن لم تتغير مراجعهم وليس في الأفق ما يوحي بتبدل يرتجى، آتون إلى السلطة هذه المرة بإرادة تشبه حاجات الناس وتشبع آمالهم وأحلامهم. {وما يعود يحترق قلبنا عا بي حرق حالو ويتم اولادو نتيجة الفقر والظلم والتجاهل}.
وتابع: "من هذه الطينة نفسها تعاقبت حكومات كثيرة كانت السياسة فيها تتحكم بالاقتصاد، ومصالح الحكام تضحي بمصالح الناس، فهل نتوقع من المولودة الجديدة أن تجعل السياسة في خدمة الاقتصاد، وتنصرف إلى خدمة المصلحة العامة متخلية عن سائر المصالح؟ هل نكون على حق إذا صدقنا ما نحب أن نصدقه؟".
وقال: "أمامنا بيان وزاري يراد لنا أن نعطي ثقتنا بالحكومة الجديدة بناء عليه، وهو نسخة مطابقة لبيان الحكومة المستقيلة ذات الأداء المخيب بمعظمه. وأمامنا تشكيلة حكومية يقال إنها جديدة وهي استنساخ معدل في الشكل، مطابق في المضمون، وربما في المضمر أيضا. فهل بمقدورنا إعطاء فرصة ثانية لمن وما جربنا من مراجع سياسية وبيان لم تثمر بنوده؟".
ورأى انه "من الواضح أن هذا البيان موجه إلى ممولي "سيدر" لطمأنتهم والحصول منهم على 11 مليار دولار مخصصة لتطوير البنى التحتية في دعم غير مباشر لليد العاملة السورية في لبنان. تلك فائدة نجنيها اليوم لنخفف من وطأة الوضع القائم. فماذا عن الغد ومشاريع التنمية في لبنان؟".
وقال: "مسألة النازحين موقتة مهما طالت. أما حاجتنا الدائمة فإلى مشاريع تنموية وخطة عمل تنهض باقتصاد البلد وتؤمن فرص عمل لشبابنا اللبناني في وطنه. فأي أمل نعقد على بيان لا جديد فيه، وعلى أيد لا تزال تتحرك بالإرادة التي صنعت تقصير الحكومة السابقة؟".
اضاف: "وأبعد من أموال "سيدر" وأعبائها تأتي عناوين كبرى اشترطها المؤتمر الدولي نفسه مثل خفض الإنفاق ووضع حد للتوظيف العشوائي ولترسية العقود بالتراضي، ومحاربة الفساد. فماذا يمكن أن نتوقع؟ هل سيطبق شيء من هذا فتصدر الحكومة المراسيم التطبيقية لمشاريع القوانين الصادرة عن المجلس النيابي؟ هل سيتم تصغير حجم القطاع العام ليصار إلى تفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص على ألا يفتح مجال أمام الفاسدين كي يوظفوا حصيلة فسادهم فيعطوها طابعا شرعيا وفرص ربح وازدهار لا تستحقها؟ هل ستضع هذه الحكومة مصلحة الوطن والمواطن قبل تشنج من هنا أو مسايرة من هناك، فنجدها مترفعة عن الخواطر والحساسيات، حاصرة همها في حسن إدارة شؤون الناس والقطاعات الحيوية؟".
وتابع: "هل من حقنا أن نصدق أن هذه الحكومة ستدرك حاجة القطاع الصناعي إلى شريانها الحيوي القائم على التصدير، فتمكن الصناعي أو التاجر اللبناني من إيصال أصنافه إلى دول الخليج العربي وإلى العراق، عبر المعابر السورية من دون كلفة ناتجة عن عواطف ومواقف غير مجدية على ألا يتدخل أو يتورط أي من البلدين بشؤون جاره الداخلية؟ هل ستحسم مسألة النازحين وعودتهم إن أعطينا الثقة اليوم؟ هل ستعمل هذه الحكومة "أخيرا" بوحي مما ورد في اتفاق الطائف، على وضع قانون انتخاب نيابي متجرد من الحسابات المشبوهة والضيقة، يعكس الإرادة الشعبية بصدق ونزاهة؟".
وقال: "التساؤلات كثيرة وتشمل أيضا كوارث البيئة وهموم الصحة فهل نلقى من هذه الحكومة حلولا تشمل جوهر القضيتين ولا تكتفي بشراء مسكنات غالية ذات عمولات مرتفعة وعقود منفلتة؟ ولا ننس هاجس التعليم والشباب وفرص العمل. فهل ستواكب الحكومة تطورات العصر وتجري تعديلات جوهرية على المناهج الدراسية وعلى النظام التعليمي ليتناسب مع الاقتصاد الرقمي فلا يبقى التعليم في لبنان خارج القرن الواحد والعشرين ولا يتكون عندنا، جيلا بعد جيل، جيش من العاطلين عن العمل وحشود من المهاجرين؟".
واضاف: "كثيرة هي التساؤلات وقليلة هي العوامل المطمئنة. حكومة تستولد هكذا، في ظروف داخلية وإقليمية صعبة ومحرجة، والوطن غارق في مخاوفه وفي تدني مؤشراته الاقتصادية والمالية، تتآكله شهية الفاسدين على كل مستوى وفي كل مجال، {من أكبر ريس لأصغر مأمور} والحروب دائرة من حوله، فيما التفاهمات ترسم وتصاغ بقربه وبشأنه وربما على حسابه، هل تفيده حكومة كالتي عهد إلينا الوثوق أو عدم الوثوق بها؟".
وقال: "هل من الوفاء للمواطن اللبناني الذي أمثله في هذه الندوة الكريمة بقرار من أهل بيروت، أن أقول لأعضاء هذه الحكومة: خذوا مهلة ستة أشهر كاملة وأعطونا في المقابل إنجازات جذرية ومجدية؟ نعم. قد لا نملك الضمانة الشافية ولكن، نعرف أن البديل عن الحكومة في ظروفنا الحالية فراغ مخيف عشنا فصوله على مدى أشهر أرهقت البلد... لذلك، مراعاة للأوضاع السائدة عندنا ومن حولنا، نستلهم الديموقراطيات المتطورة التي تمنح مهلة مئة يوم أو ثلاثة أشهر لحكوماتها كي تثبت أهليتها، فنعطي هذه الحكومة ثقتنا لضعف الأشهر الثلاثة، لستة أشهر كاملة مع بقائنا يقظين، جاهزين للمتابعة الدقيقة والمحاسبة الدائمة كما هو واجب السلطة التشريعية، وبعد ستة أشهر لن نتردد، إن سلبا أو إيجابا، في إظهار الحقيقة والانتصار للحق حيثما تجلى... والله ولي التوفيق".