اليوم يبدأ مجلس النواب مناقشة البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية، التي أبصرت النور بعد معاناة راوحت قرابة التسعة أشهر، اختلط فيها الحابل بالنابل، حتى وصل الأمر إلى كفر الشعب اللبناني بالطبقة السياسية التي نصّبت نفسها قيّمة على الدولة ومقدراتها تتصرف بها بما يخدم مصالحها الشخصية، ويلبي متطلباتها السياسية في نهب السلطة من دون أي وازع من ضمير.
ولا يعتقدن أحد بأن جلسات المناقشة العامة للبيان الوزاري، ستشهد أية مفاجآت من هذا الفريق أو من ذاك، لأن الجميع اتفقوا مسبقاً على الخطوط العريضة للبيان الوزاري باستثناء تحفظ القوات اللبنانية على البند المتعلق بالمقاومة من دون ان تذهب في تحفظها إلى حدّ خلق أزمة وزارية قبل ان تمثل الحكومة امام الهيئة العامة للمجلس النيابي، وسينصب اهتمام النواب الذين سيناقشون البيان الوزاري والذين هم جزء من التركيبة الحكومية على مناقشة البنود الإصلاحية التي وردت في البيان بعيداً عن النقاط الخلافية المتعلقة بالمقاومة وسلاح حزب الله الذي يحتفظ به خارج إطار الدولة ومؤسساتها الشرعية، ولا سيما تلك التي تستجيب لمطالب الدول التي شاركت في مؤتمر «سيدر» وقدمت مساهمات مالية تفوق الأحد عشر مليار دولار للبنى التحتية في بلد لا يزال يحرص العالم اجمع على عدم سقوطه. وسوف تتحوّل هذه المناقشات إلى نوع من المبادرات بين الأحزاب المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية في الحرص على الاستقرار السياسي وعلى تحقيق هذه الإصلاحات في أقرب وقت ممكن حتى لا تعيد الدول المانحة النظر في المساعدات التي قدمتها للبنان. ويعلق معظم اللبنانيين آمالاً على ان تثمر هذه المناقشات اتفاقاً على تحقيق الإصلاحات المنشودة في بنية الدولة، وفي مقدمها وقف هدر المال العام، وهذا يتطلب من حكومة الوحدة الوطنية سياسة حاسمة وشفافة حتى تتمكن من الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي، وسيكون بطبيعة الحال على رأس الإصلاحات المطلوبة محاربة الفساد المستشري في كل دوائر الدولة وكيفية تحقيق هذا الهدف السامي، وهذا سيكون الامتحان الأساسي للطبقة السياسية نفسها المسؤولة أولاً وآخراً عن تفشي هذه الآفة في المجتمع بالشكل الذي يعرفه الجميع، إذ كيف يُمكن للفاسد ان يحارب الفساد وكيف للمفسد ان يتخلص من هذا المرض لأن هناك من يطالبه بوقف سرقة المال العام على عينك يا تاجر؟.
وبناء على تقدّم، لا يعلق معظم اللبنانيين أي آمال على ما ورد في البيان الوزاري من بنود إصلاحية وعلى رأسها محاربة الفساد، ويعتبرون ان الأمر لا يتعدى مباراة علنية بين أرباب السلطة الفاسدين لتمرير البيان الوزاري وهو حتماً سيمر لأن حكومة الوحدة الوطنية هي نسخة مصغرة عن المجلس النيابي، كونها تضم معظم مكوناته من أحزاب وكتل نيابية باستثناء قلة ضئيلة لا تملك سوى رفع صوت المعارضة داخل الندوة النيابية وخارجها، مطالبة بالاصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح، ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داود.