جورج زريق يوم أمس كان الحدث الإعلامي الأبرز، الحدث الشعبي الأقوى، تجاوز بتأثيرة جلسة الحكومة التي أقرت البيان الوزاري، وتجاوز بتأثيره مواعيد رئيس الجمهورية، وزيارة رئيس الحكومة الإيطالي، تجاوز كل حدث سياسي، وخُصصت له الصفحات على التواصل الاجتماعي وفي الصحف وفي المواقع الإلكترونية كافة.
لقد أصبحت قضية زريق قضية وطن على كل المستويات اختصرت بمعانيها ودلالاتها معنى الأزمات المتلاحقة التي تضرب المواطن اللبناني بكل فئاته وألوانه وانتماءاته، لأن الموت احتجاجًا رسالة بالغة الأثر، هي صفعة قوية على وجه الدولة والزعماء والقادة والمسؤولين والأحزاب وقادتها وأنصارها، هي صفعة أقوى على وجه الشعب الذي يرتضي هذه المذلة والإهانة ويسكت عنها، يسكت عنها، لأن انتماءه السياسي أقوى من هويته الوطنية أقوى من إحساسه بالمسؤولية تجاه مجتمعه، يسكت عنها لأن ولاءه للزعيم والحزب أقوى من أي إحساس تجاه قضاياه وأزماته وموته، أقوى من مسؤولياته تجاه أطفاله ومستقبل أطفاله.
إقرأ ايضًا: ريا الحسن تعيدُ المواطنين إلى كنف الدولة!!
لذلك فإن الدولة ليست وحدها من يتحمل مسؤولية هذا الموت لمجتمع هو نفسه لا يريد أن يعيش، لا يريد حقوقه، وهو يلتزم حقوقا أخرى تتصل بالطائفة والزعيم والحزب.
الدولة مسؤولة، وقد كان قطاع التعليم منذ عقود خارج الاولويات وترك لمصيره بأيدي تجار العلم والمحاسيب والأزلام وتحت سلطة الطوائف والاحزاب، ومن يدفع الثمن هم الأهالي والمواطنون وأبناءهم.
الدولة عندما تستقيل من مسؤولياتها تحت صغوط الفساد والمحسوبيات فإن وظيفة الشعب هي المطالبة بل وحتى الثورة لتحصيل حقوقه المشروعة ولانتزاع حقوقه المطلوبة، لكن ما حصل أن هذا الشعب لم تتعد ثورته مواقع التواصل الإجتماعي، وبقي وسيبقى كل شيء على حاله لانعدام الرؤية والرغبة في تصويب المسار ولانعدام الرؤية في ضرورة التغيير والمحاسبة.
قضية جورج زريق لن تتعدى حالات الانفعال العفوي والدموع العاطفية وسيبقى هذا الوطن رهينة الدولة اللامسؤولة، وضحية الشعب اللامسؤول.