أذكر منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، وكنتُ موظّفاً في مصلحة التعليم الخاص (التابعة لوزارة التربية والتي ترعى شؤون المدارس الخاصة) قبل انتقالي للتّعليم الجامعي، أنّ معضلة ربط الحصول على إفادة مدرسية بدفع الأقساط المدرسية المتأخرة كانت قد طُرحت بحدّة وجدّية حين قدّم حينها رئيس دائرة التعليم الإبتدائي الأستاذ فؤاد دبوق مُطالعة تقضي بأنّ الإفادة المدرسية هي حقٌّ شخصيٌ للطالب، هو حقٌّ مُقدّس لا يمكن رهنُه بأية مسألة أخرى، ذلك أنّ الطالب قضى زمناً من عمره، وحصل على نتيجة دراسية بجهده وعرقه، لتظهر في هذه الافادة التي يرهنها أصحاب أصحاب المدارس بدفع ما يتوجّب على وليّ أمره من أقساط مدرسية.
إقرأ أيضًا: أموال سيدر تأخرت.. فأحرق جورج زريق نفسه
خلصت مطالعة الأستاذ دبوق حينها بوجوب إلزام المدرسة الخاصة بإعطاء الطالب إفادة بمساره التعليمي، وفي حال كان وليّ أمره مُتخلّفاً عن دفع ما يتوجّب عليه من رسوم مدرسية، فيمكن للإدارة ملاحقة الوالد قضائياً لتحصيل حقوقها "المهدورة"، وبالتالي لا يحقّ لها أخذ الطالب رهينةً بين يديها لابتزاز الأهل والطالب معاً.
للأسف، لم تجد هذه المطالعة طريقها للقوننة والتّطبيق، وما زالت تجارة العلم رائجة كغيرها من القطاعات التجارية، بعد أن فقدت رسالتها ومصداقيّتها، لذا أُهيب بوزير التربية الحالي أو التّالي أن يسحب الإفادة المدرسية من الأيادي التي طالما تلاعبت بها واستعملت من خلالها الطلاب والأهالي رهينةً بحُجّة تحصيل الحقوق المزعومة.