من العقل والقلب والروح والمحبة نتمنَّى لهذه الحكومة، المختلفة بكل فصولها، النجاحات في كل الحقول التي تحتاج الى انقاذ، بل الى معظمها، أو أي قدر منها تستطيع تنفيذه. فلبنان كلّه بحاجة الى مشاريع إصلاحية. ومن كعب الدست.
ومثلما جاء تأليفها محمّلاً بالمفاجآت السارة، فلتأتِ أعمالها وانجازاتها تقول للبنانيّين ليس كل الحكومات بعضها مثل البعض، ولا كل الوزراء يأتون ويذهبون وكأنهم مرّوا مرور الكرام… أو مرور اللامبالين الا بما يحصدون. وهنا الطامة الكبرى. وأحياناً يكون مرورهم مرور المستعجلين على كل شيء…
ولكن، يقول المثل الذي ينفِّخ في اللبن يكون الحليب قد حَرْوَقه. وهنا بيت القصيد وهنا “العقدة” التي نادراً جداً ما تمكَّنت حكومة من القفز فوقها وتحقيق ما يشبه المعجزة.
والحكي هنا عن انجاز كل بنود البيان الوزاري. وأحياناً تكون البيانات طافحة بنصوص مشاريع بالعشرات. وقدامى السياسة، والمعتَّقون في عالمها وعالم الصحافة، ما زالوا يؤكدون حتى اللحظة أن الكمال لله وحده. غير أن المسألة على صعيد الحكومات وبياناتها تختلف جداً. وأحياناً تتساوى في ندرة الإنجاز وقلة المشاريع التي عرفت أو بلغت مرحلة التنفيذ. وخصوصاً في هذه المرحلة…
من هنا القول إن المسألة ليست هنا، إنما هي في “حالة” الحكومات، والعلاقات بين الوزراء، وحجم الضغوط أو التسهيلات من خارج، فضلاً عن المفاجآت التي تحصل أحياناً وترغم الحكومة على الاهتمام بغير ما كان على البال…
كثيرة هي البيانات الوزارية، التي استهلكت أياماً وأسابيع من التفكير، والتدقيق، والتغيير، ونالت إعجاب فريق فيما الفريق الآخر وجد لها، في رفضه لها، الكثير من العلل، بينما كان الناس في عجلة من أمرهم كالعادة: بعضهم يبدي اعجابه ويحث الحكومة على التعجيل في التنفيذ، فيما يكون البعض الآخر يتحدث عن متغيرات ومفاجآت ستقلب الأوضاع رأساً على عقب.
ولكن، دائماً هنالك “ولكن”. ونادراً ما اختلفت حكومة عن أخرى في ميادين المشاريع، والاصلاح، والانجاز، والتغيير، والتجديد. ولم يفتني هنا أن أفتش عن مراجع تعود بتاريخها الى أيام زمان والمقارنة بأيام هذه الأيّام.
إلا أنني لم اتذكَّر شخصياً، ولم يتذكَّر سواي، أن بياناً وزارياً وجد طريقه الى التنفيذ. تنفيذ ثلثه أو ربع الوعود مع المشاريع. في أفضل الظروف وأروقها تجود الحكومة بمشروعين ثلاثة، أو أربعة، ليختلف الوزراء على ما تبقَّى من جدول البيان الوزاري.
وأحياناً ليست قليلة تُعْجِزُ الظروف الحكومات عن الالتفات الى البنود والوعود النائمة في سطور البيان الوزاري. مما يحوّل هذه البيانات الى مجرد بطاقات مرور ونيل الثقة في الدرجة الأولى، ثم كاسك عَ المعنّى. كل شيء في أرضه، وكل وزير في اهتماماته، وكل حكومة وانتم بخير.
واقع الحال يتطلَّب جهوداً جبارة، وعملاً متواصلاً، وسهراً جديّاً. فلبنان مصاب بألف داء وداء، ويحتاج الى مسعفين مخلصين وصادقين. المهمة ليست سهلة، إنما الأفعال بالنيات.
والاصلاح يحتاج الى مصلحين يبدأون بما أفسده الآخرون ثم الدهر.