في جلسة نيل الثقة، الثلاثاء المقبل والتي قد تمتد إلى الأربعاء، يخاطب الرئيس سعد الحريري مجلس النواب ورئيسه بالجملة التالية: «هذه الحكومة نريدها حكومة أفعال لا حكومة اقوال»، وهي التي سيستهل بها تلاوة البيان الوزاري، الذي يُقرّ اليوم في جلسة تعقد في القصر الجمهوري، برئاسة الرئيس ميشال عون، وحضور الرئيس الحريري والوزراء، بعد إدخال تعديلات وتنقيح على المسودة الأولى (راجع ص 4).
من هذه الزاوية بالذات، تنتظر الأوساط الاقتصادية والاستثمارية فضلاً عن القطاعات المهنية والنقابات والمؤسسات المهددة بالاقفال والمواطنين الذين ينتظرون الكهرباء 24/24، وفرص العمل، والمشاريع المنتظرة من «سيدر» الباريسي، الفعل والافعال، لا القول والاقوال، وسط «حماس» الكتل الممثلة بالحكومة، لتقديم أوراق اعتماد تنطوي على «ايجابية في التعامل» بقوة الحاجة إلى حكومة توقف الانهيار، وتعيد انعاش الثقة بلبنان الدولة والمؤسسات.
في هذا الوقت، يستقبل الرئيس الحريري، الذي يتوجه إلى دولة الإمارات السبت المقبل للمشاركة في مؤتمر اقتصادي في دبي، وفد اللقاء الديمقراطي المؤلف من الوزيرين اكرم شهيب ووائل أبو فاعور عند السادسة في بيت الوسط للتداول في هواجس اللقاء في ما خص اتفاق الطائف واداء الحكم في هذه المرحلة.
وفي هذا السياق، علم أيضاً ان لقاء الرئيس عون مع الوزيرين شهيب وابو فاعور هدف الى شرح بعض الملاحظات وتخلله كلام إيجابي عن دور الرئيس عون التوفيقي، فيما اعتبرت مصادر مطلعة انه طوى صفحة نهاية الاسبوع والمواقف التي أطلقها جنبلاط مؤخرا، وذكرت المصادر ان موضوع توزيع الدستور والنظام الداخلي لمجلس الوزراء على الوزراء هو من مهام رئاسة مجلس الوزراء.
مجلس الوزراء اليوم
ووفقاً لما اشارت إليه «اللواء» أمس، فقد تقرر ان يعقد مجلس الوزراء اجتماعاً ظهر اليوم في قصر بعبدا، لإقرار البيان الوزاري لحكومة «الى العمل» بعد ان أنجزت اللجنة الوزارية في اجتماعها الثالث والأخير أمس القراءة الأخيرة لمسودته مع تعديلات طفيفة.
وفي حال تمّ إقرار البيان اليوم، مثل ما هو متوقع، فمن المرجح ان يدعو رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى جلسة الثقة الثلاثاء والاربعاء المقبلين، ويوم الجمعة بعد الظهر، إذا اقتضى الأمر، نظراً لتزامن الخميس، الذي هو يوم عطلة رسمية، مع الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، حيث سيقام للمناسبة، احتفال لتيار «المستقبل» عند الرابعة من بعد الظهر في Seaside Arema (البيال سابقاً) بيروت البحرية.
ولا تتوقع مصادر سياسية مطلعة ان يواجه إقرار البيان في مجلس الوزراء اليوم عراقيل، خصوصاً بعد الاتفاق الذي تمّ منذ يومين بين الرئيس الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي على تهدئة السجالات الإعلامية وتم ايقافها، بحسب ما أوضح وزير الصناعة وائل أبو فاعور الذي كشف بأن الحزب دخل في مرحلة الحوار المباشر مع الرئيس الحريري، لأن هناك قضايا تحتاج الي نقاش معه، لكن ذلك لا يفسد في العلاقة التاريخية قضية.
وسيزور أبو فاعور ووزير التربية اكرم شهيب الرئيس الحريري اليوم، موفدين من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بعد ان التقيا امس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، ونقلا إليه تحيات جنبلاط وحرصه على العلاقة الإيجابية مع رئاسة الجمهورية وتمسكه بالتوافق الذي نشأ بين الرجلين، بحسب ما أكّد أبو فاعور الذي نفى ان يكون تمّ خلال اللقاء التطرق إلى اتفاق الطائف، لكنه أشار إلى انه علم بأن وثيقة الوفاق الوطني لم توزع على الوزراء من قبل دوائر القصر الجمهوري، أي ان المغلف الذي وضع امامهم لم يكن توزيعه من مسؤولية دوائر القصر، مجددا تمسك الحزب بالطائف، مشيرا إلى ان المسلكيات المقبلة في كل عمل مجلس الوزراء يجب ان ترتكز على هذا الاتفاق.
ورداً على سؤال، أوضح أبو فاعور ان التسوية الوزارية التي حصلت، والتي تنازل بموجبها جنبلاط من الوزير الدرزي الثالث، تمت بموجب تفاهم مع الرئيس عون وليس مع أي طرف آخر، ونحن ما زلنا في موقع الحرص على هذه التسوية وهذا التفاهم والذي شدّد الرئيس عون حرصه عليه ايضا وان كان غير مكتوب.
وأكّد ان جنبلاط حريص كل الحرص على ان يكون مساهماً ايجابياً في هذه الدينامية الجديدة التي انطلقت بعد تشكيل الحكومة، وهذا الجو الإيجابي الذي حصل في البلد، موضحاً ان زيارته إلى السعودية أمس الأوّل، كان موعدها محدداً سابقاً، قبل الاشتباك الذي حصل مع «المستقبل».
وانسجاماً مع التهدئة التي تحدث عنها أبو فاعور، لوحظ ان جنبلاط تجنّب في تغريدته أمس على «تويتر» التصويب على الحكومة، لكنه قال انه إذا كان من نصحية أبديها، فإنه من المفيد ان يكون لبند الأوّل في البيان الوزاري هو الإصلاح، كما ورد في توصيات «سيدر»، إلا انه أضاف غامزاً من قناة خصومه: «اما تحاليل بعض مواقع الممانعة فاطمئنوا أقل شيء على ما يرام وارتاحوا على تعبكم».
وعلى ذلك، افادت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان جلسة مجلس الوزراء المخصصة لاقرار البيان الوزاري اليوم ستمر بسلاسة بعد التوافق على النفاط الواردة فيه من ممثلي المكونات الحكومية، واوضحت ان هناك توقعا بأن يكرر وزراء حزب القوات موقفهم من بعض النقاط وربما التحفظ على البند المتصل بالمقاومة والتأكيد على حيثية الدولة بما يعنيه القرار الاستراتيجي للدولة.
وعلم ان الجلسة ستفتتح بكلمتين لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سعد الحريري تعقبها تلاوة البيان الوزاري الذي قد يكون لبعض الوزراء ملاحظات حوله. وتوقعت المصادر اقرار البيان سريعا.
نص مشروع البيان
اما مشروع أو مسودة البيان الوزاري، الذي حصلت «اللواء» على نصه الحرفي قبل تنقيحه من قبل اللجنة الوزارية (راجع ص 4) فقد أبقى القديم على قدمه في المواضيع الأساسية كملف المقاومة، رغم التحفظ العلني لممثلي «القوات» اللبنانية في حين أضيفت فقرات جديدة في ملف النازحين السوريين تتصل بالمبادرة الروسية مع إبقاء الباب مفتوحاً امام مبادرات أخرى لعودة آمنة لهم، من دون التطرق إلى انتظار الحل السياسي للأزمة السورية أو العودة الطوعية.
تبدأ المسودة التي تقع في عشر صفحات بعبارة: «هذه الحكومة نريدها حكومة أفعال لا حكومة اقوال، نريدها حكومة للقرارات الجريئة والاصلاحات التي لا مجال للتهرب منها بعد اليوم، حكومة تتصدى لأسباب الخلل الإداري والفساد المالي والتهرب الضريبي، ومن ثم تتحدث في مقدمتها عن جدول أعمال يزخر بالتحديات التي تحدد مسار العمل الحكومي وعناوين الإنجاز والاستثمار وترشيد الانفاق ومكافحة الفساد وتحفيز النمو لمحاربة البطالة والفقر، وتلحظ ان ألف باء التصدّي لهذه التحديات تتطلب ورشة عمل مشتركة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مهمتها الانتقال بالبلاد من حال القلق الاقتصادي والاجتماعي والتذمر الأهلي إلى حال الاستقرار وإعادة الأمل للمواطن بالدولة ومؤسساتها وقدرتها على الإصلاح.
وتشدد المقدمة على ان المطلوب قرارات وتشريعات واصلاحات جريئة قد تكون صعبة ومؤلمة لتجنب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية نحو حالات أشدّ صعوبة وألماً، لكنها لفتت إلى «اننا امام فرصة لن تتكرر للانقاذ والإصلاح، ومسؤولية عدم تفويت الفرصة تقع على كل الشركاء في السلطة».
وأكدت المسودة على ان الحكومة تلتزم التنفيذ السريع والفعال لبرنامج اقتصادي إصلاحي استثماري خدماتي واجتماعي، يستند إلى الركائز الواردة في رؤية الحكومة اللبنانية المقدمة إلى مؤتمر «سيدر» والمبادرات التي اوصت بها دراسة الاستشاري «ماكينزي» وتوصيات المجلس الاقتصادي الاجتماعي، مشيرة إلى ان هذا البرنامج هو سلّة متكاملة من التشريعات المالية والاستثمارية والقطاعية، مع عدد من الإجراءات الإصلاحية التي يرتبط نجاحها بعدم تجزئتها أو تنفيذها انتقائياً.
وفي هذا السياق، حدّد البيان الأوّلية الآتية: الاستثمار العام بموجب مشاريع «سيدر» ، الاستقرار المالي والنقدي بما في ذلك الالتزام بإقرار موازنة 2019 بتصحيح مالي بمعدل 1 في المائة سنوياً على مدى خمس سنوات، من خلال زيادة الإيرادات وتقليص الانفاق، بدءاً من خفض العجز السنوي لمؤسسة كهرباء لبنان وصولاً إلى الغائه، والاستمرار في سياسة الاستقرار في سعر صرف العملة الوطنية باعتبارها أولوية للاستقرار، كما يتحدث البيان عن تحديث القطاع العام، عبر تنفيذ إصلاحات تشمل تجميد التوظيف والتطوع خلال العام 2019 وإعادة هيكلة القطاع العام وإصلاح أنظمة التقاعد، ويؤكد على إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد تحت بند رابعاً الذي يتحدث عن إصلاحات هيكلية، ومن ضمنها تطوير الأسواق المالية من خلال تحويل بورصة بيروت إلى شركة مساهمة.
وفي البند الخامس الذي يُشير إلى الإصلاحات القطاعية، يُؤكّد البيان التزام الحكومة بالشراكة مع القطاع الخاص تأمين التغذية الكهربائية 24 على 24 ساعة وإعادة التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان بالحد من الهدر التقني والمالي، وتثبيت حق لبنان الكامل في موارده الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة من خلال تثبيت حدوده البحرية وتلزيم تراخيص بلوكات الدورة الثانية قبل نهاية العام 2019 وإصدار المراسيم التطبيقية لقانون دعم الشفافية في قطاع البترول، وكذلك استكمال تنفيذ خطة إدارة النفايات الصلبة التي أقرّتها الحكومة السابقة وإصدار المراسيم التطبيقية لقانون الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة.
الشق السياسي
اما في الشق السياسي للبيان، فقد استعادت الحكومة العبارة الواردة في بيان حكومة «استعادة الثقة» لجهة التأكيد بأننا في الصراع مع العدو الإسرائيلي، فإننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما بقي من أراضٍ لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لمّا يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية، وذلك استناداً إلى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، تؤكد الحكومة واجبَ الدولة وسعيها لتحرير مزراع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع تأكيد الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي وردّ اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة».
ويضيف بأن «الحكومة ستواصل العمل مع المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته التي أعلن عنها في مواجهة أعباء النزوح السوري ولاحترام المواثيق الدولية، مع الإصرار على أن الحل الوحيد هو بعودة النازحين الآمنة إلى بلدهم ورفض أي شكل من أشكال اندماجهم أو دمجهم في المجتمعات المضيفة. وتجدد الحكومة ترحيبها بالمبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم». وستعمل الحكومة على تفعيل التواصل اللبناني - الروسي في هذا المجال من خلال اللجنة الأمنية - التقنية التي تم تشكيلها».
«إن الحكومة تؤكد ان اتفاق الطائف والدستور المنبثق عنه هما الأساس للحفاظ على الاستقرار والسلم الأهلي والحفاظ الأساسي للتوازن الوطني والناظم الوحيد للعلاقات بين المؤسسات الدستورية.
كما تؤكد الحكومة على التزامها سياسية النأي بالنفس التي أقرّتها الحكومة السابقة بكافة مكوناتها في جلستها المنعقدة في 5/2/2017».
تحفظ «القوات»
وكان وزير الإعلام جمال الجراح، قد أوضح بعد انتهاء الاجتماع الثالث للجنة الصياغة، بأن الجو كان ايجابياً جداً، ولم يكن هناك أي جدال أو مشاكل حول أي نقطة، لكنه أشار إلى تحفظ من قبل ممثلي «القوات اللبنانية» حول طلبهم بأن تكون المقاومة من ضمن مؤسسات الدولة الشرعية لم يؤخذ بهذا النص، كذلك كان هناك تحفظ آخر يقول «بالوصول إلى الهدف المنشود بعد إعادة القرار الاستراتيجي العسكري والأمني كاملاً للدولة اللبنانية»، لكن اللجنة بمعظم أعضائها، ما عدا ممثلي «القوات» رأت ان الصياغة المعتمدة في البيان الوزاري تكفي بما هو وارد فيها، وهو محل إجماع كل الوزراء.
ولفت إلى ان مقاربة الوضع الاقتصادي أخذت الوقت الطويل من النقاش، مؤكداً التزام الحكومة بتخفيض عجز الموازنة عبر زيادة الواردات وتخفيض النفقات، لكنه شدّد على ان زيادة الواردات لا تعني ابداً زيادة الضرائب، وربما يكون ذلك بتوسيع الجباية، وزيادة عدد المكلفين وتحسين الوضع الاقتصادي والنمو، كاشفاً بأنه وضع فقرة بشأن إلغاء وزارة الإعلام والاستعاضة عنها بالمجلس الوطني للاعلام.
ولاحقاً، قالت مصادر القوات اللبنانية «للواء» انها «تمسكت بموقفها خلال اجتماع لجنة صياغة البيان الوزاري وذهبت الى النهاية من خلال تحفظها، حيث لا يمكنها الذهاب ابعد من ذلك وهي اصرت على موقفها الذي ينسجم مع موقفها الثابت من العام 2005، وستستمر في المواجهة سياسيا من اجل الوصول الى نصوص واضحة المعالم لا تحتمل اي التباس وتؤكد على دور الدولة اللبنانية فقط لا غير ، لان اي ادوار اخرى تعرض لبنان لمخاطر سياسية وعسكرية وامنية فيما الدولة اللبنانية هي مرجعية جميع اللبنانيين من هنا جاء تحفظ القوات التي ستواصل نضالها في هذا الاتجاه لانه لا يمكن للاستقرار في لبنان ان يكون نهائيا وثابتا إلا من خلال دولة الامن خلالدولة فعلية وقادرة وممسكة بالقرار الاستراتيجي».
وفي المعلومات أن الوزيرة شدياق اعترضت أيضاً على أداء وزير الخارجية جبران باسيل لجهة السعي إلى إعادة سوريا (نظام الرئيس بشار الأسد) إلى الجامعة العربية.
اعتداء إسرائيلي
وعلى صعيد آخر، لفت الرئيس برّي، خلال لقاء الأربعاء النيابي، أمس إلى أمر وصفه بالخطير، يتعلق بما أقدمت عليه إسرائيل من تلزيم واستغلال لمساحة محاذية للحدود البحرية الجنوبية للبنان»، مشيرا الى ان «هذا الامر يشكل تعديا على السيادة اللبنانية ويستهدف مخزوننا وثروتنا النفطية ومياهنا».
وقال: «هذه المسألة لا يمكن السكوت عنها، وانه سيثير هذا الموضوع غدا (اليوم) مع رئيس الحكومة الإيطالية الذي يزور لبنان ومع المسؤولين وجهات دولة معنية».
وأوضح أن «لبنان لزم البلوك التاسع لثلاث شركات ايطالية وفرنسية وروسية، وهذا الاعتداء الإسرائيلي يأتي على الرغم من ان الشركات ابتعدت 25 كيلومترا داخل الحدود اللبنانية الجنوبية البحرية».
يذكر ان المسؤول الإيطالي الأوّل سيلتقي الرئيس الحريري أيضاً، وهو يزور لبنان ليس بدعوة رسمية.
على صعيد عمليات التسلم والتسليم كان اللافت للانتباه مقطع الفيديو الذي نشره الرئيس الحريري عبر حسابه على موقع «تويتر» للتسلم والتسليم الذي جرى أمس في وزارة الداخلية بين الوزير السابق نهاد المشنوق والوزيرة الحالية ريّا الحسن، وعلق قائلاً: «فخور بهذه اللحظة».