تحدثت صحيفة "سفابودنايا براسا" الروسية، عن احتمال نشوب نزاع عسكري في فنزويلا قد يكون له تداعيات عالمية، لاسيما بعد إعلان دونالد ترامب عن إمكانية إرسال الجيش الأمريكي إلى هناك.
وقالت في تقرير ترجمته "عربي21"، إن تمركز 5 آلاف جندي أمريكي حاليا في كولومبيا، جارة فنزويلا وحليفة الولايات المتحدة، فضلا عن إمكانية عقد اجتماع بين الرئيس الكولومبي إيفان دوكي ونظيره الأمريكي، في السابع من شباط/ فبراير، يأتي في إطار خطة مدروسة.
وبحسب ما صرح به وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لا تستطيع موسكو تجاهل حقيقة مجاهرة الولايات المتحدة برغبتها في تغيير النظام الفنزويلي بأية طريقة، بما في ذلك التدخل العسكري، الأمر الذي يقوض كل أسس القانون الدولي.
وأضافت الصحيفة أن غضب وزارة الخارجية الروسية أمر مفهوم، خاصة وأنها ترى أن الوضع في فنزويلا بمثابة إعادة تجسيد للسيناريو السوري. في هذا الصدد، سعت روسيا من خلال تدخلها في شؤون الشرق الأوسط، إلى وقف ممارسة انتهاك القانون الدولي.
في الأثناء، يتوجب على روسيا التدخل في أمريكا اللاتينية من أجل حماية مصالحها الاقتصادية هناك بما في ذلك الاتفاقيات الثنائية في مجال التعاون العسكري التقني وصيانة المعدات، فضلا عن الاستثمارات الضخمة في مجال النفط. وتدفع إمكانية التدخل الروسي في فنزويلا، البعض للتساؤل حول ما إذا كان لدى روسيا قوات كافية للتدخل العسكري.
وأوضحت الصحيفة أن وقوف إيطاليا في صف نيكولاس مادورو، بعد رفضها قرار الاتحاد الأوروبي الذي يعترف بخوان غوايدو كرئيس مؤقت، مثلت خطوة غير متوقعة. من جهته، لا يستبعد الباحث في الشؤون الأمريكية والخبير في مركز الدراسات الأمنية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، قسطنطين بلوخين، إمكانية استخدام واشنطن لقوة ثالثة من أجل غزو فنزويلا.
على صعيد آخر، يستبعد بلوخين قيام واشنطن بغزو واسع النطاق في سيناريو مماثل للذي شهده العراق وأفغانستان، لأن ذلك قد يحول فنزويلا إلى "فيتنام" في أمريكا اللاتينية. كما يجعل هذا التدخل الفنزويليين معارضين بشدة للولايات المتحدة وهو ما يعزز نظام مادورو ولا يخدم المصالح الأمريكية.
وفي حديث للصحيفة قال بلوخين إن ترامب نفسه لا يؤيد عمليات غزو واسعة النطاق، لاسيما بعد إنفاق واشنطن حوالي 8 تريليونات دولار في الشرق الأوسط. الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة يمكن أن تُطلق عملية خاصة باستخدام القوات الخاصة الأمريكية، ليس من أجل تغيير النظام، بل لتصفية مادورو جسديا.
ونقلت عن الخبير العسكري، أليكسي ليونكوف، أن فنزويلا مستعدة لصد الغزو الأمريكي، إذا ما حدث ذلك في شكله الكلاسيكي. في الواقع، عندما دخلت روسيا سوريا، كانت قدرات الجيش السوري ضعيفة للغاية، مقارنة بالأطراف التي تهاجمه ما جعله عرضة للعديد من الهجمات التي نجح في تنفيذها الإرهابيون المسلحون بأسلحة حديثة، الذين كانوا يمتلكون العديد من المزايا مقارنة بجيش الأسد. لكن، تمكنت روسيا من قلب موازين القوى، ما مكن الجيش السوري من قصف الإرهابيين.
ويرى ليونكوف أن الوضع في فنزويلا مختلف قليلا عما يحدث في سوريا، حيث قدمت روسيا مساعدة فنية عسكرية لفنزويلا، مزودة إياها بأسلحة تناهز قيمتها 12 مليار دولار. نتيجة لذلك، قامت فنزويلا بتحديث قواتها البرية.
كما تستطيع فنزويلا إنشاء نظام دفاعي متعدد الطبقات، وإسقاط صواريخ "توماهوك" الأمريكية، التي غالبا ما تستخدمها في هجماتها، نظرا لامتلاكها أنظمة دفاعية روسية متطورة على غرار "النظام الصاروخي تور" و"نظام صواريخ بوك" و"أس 300 في إم" التي يمكنها الصمود أمام عدوان دولة تمتلك تقنيات عالية الجودة مثل الولايات المتحدة.
وأفادت الصحيفة نقلا عن ليونكوف، أن الولايات المتحدة لن تدخل في نزاع مباشر مع فنزويلا، حيث أنها ستستخدم كولومبيا لهذا الغرض على الأرجح، ويمكن أن ترسل إلى هناك وحدات من الشركات العسكرية الخاصة، التي كانت سابقا في سوريا ومناطق أخرى.
الجدير بالذكر أن البنتاغون خسر مؤخرا قائده الأكثر خبرة، المتمثل في جيمس ماتيس، الذي عمل سابقا كقائد لسلاح مشاة البحرية الأمريكية، والذي غادر معه البنتاغون عدد من القادة العسكريين ذوي الخبرة.
وأشارت الصحيفة إلى الاجتماع المقرر عقده في السابع من شباط/ فبراير، الذي سيجمع الرئيس الأمريكي بنظيره الكولومبي. وقد توجه عضو من هيئة الأركان المشتركة للولايات المتحدة إلى كولومبيا من أجل تقييم وضع القوات المسلحة الكولومبية وإعطاء تعليمات بشأن الوحدات التي ستعبر الحدود تحت غطاء المعارضين الفنزويليين، وبالتالي، امتلاك غوايدو لوحدات مسلحة خاصة. علاوة على ذلك، ستقدم واشنطن يد المساعدة لغوايدو عن طريق تنفيذ بعض الغارات الجوية مثلما جرى في سوريا.
وأوضحت الصحيفة، وفقا لليونكوف، أن الوضع يتوقف على مدى سرعة تعبئة فنزويلا، وعلى المساعدة التقنية العسكرية التي يمكن أن توفرها كل من روسيا والصين.
على صعيد آخر، تدرك الولايات المتحدة أنه بإمكان روسيا نقل مجموعة من قواتها إلى فنزويلا بشكل سريع، الأمر الذي سيحول النزاع بين الولايات المتحدة وفنزويلا إلى صراع أميركي روسي.
أما فيما يتعلق بمصالح روسيا النفطية في فنزويلا، فقد ذكر رئيس قسم الدراسات التحليلية في الصندوق الوطني لضمان الطاقة الروسي، ألكسندر باسيشنيك، أن روسيا لن تخسر شيئا هناك على الرغم من تزايد الصعوبات التي تواجهها.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن عدم استقرار الوضع في فنزويلا يؤثر على سعر النفط. وعن كيفية تطور الأحداث، لا أحد يعلم بعد ما إذا كانت فنزويلا ستتحول إلى سوريا أو ليبيا أخرى.