شكلت خطوة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بإجبار وزراء التيار الوطني الحر على توقيع إستقالاتهم قبل تعيينهم في الحكومة لتقديمها عنهم في حال قصروا في وزاراتهم أو لم يحققوا الانجازات المطلوبة، أو في حال أزعجوا رئيس تيارهم، سابقة لم يشهد لبنان مثيلا لها في تاريخ حكوماته، ما جعلها موضع إستغراب كل اللبنانيين الذين إعتبرها بعضهم ″نوعا من أنواع الديكتاتورية التي لجأ إليها باسيل كبدل عن ضائع للثلث المعطل الذي لم ينجح في الحصول عليه″.
هذه الخطوة طرحت سلسلة تساؤلات لجهة:
ما الذي يرمي إليه جبران باسيل من هذه الخطوة؟، وكيف لوزير تم تعيينه بمرسوم وقع عليه رئيسيّ الجمهورية والحكومة أن يضع إستقالته بشكل مسبق في يد طرف آخر حتى ولو كان رئيس تياره السياسي؟، وكيف يمكن لمجلس النواب أن يمنح ثقة لوزير مستقيل سلفا؟، وما هو موقف رئيسي الجمهورية والحكومة من هذا العرف الباسيلي الجديد؟..
تشير المعطيات الى أنه مع خطوة باسيل المستغربة، فإن الحكومة باتت مؤلفة من 21 وزيرا، 20 منهم للتيارات السياسية المختلفة في لبنان، والوزير جبران باسيل الذي يمتلك مصير وقرار وصوت كل وزراء التيار الوطني الحر، ما دفع كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي الى وصف باسيل بأنه ″مغرم بالسلطة، وبممارسة الديكتاتورية”، في حين يرى مراقبون بأن ″وزير الخارجية يراكم أخطاءه التي تزعج حلفاءه، وتؤدي شيئا فشيئا الى إنهاء فرصه في الوصول الى رئاسة الجمهورية″.
يقول أحد المراجع الحقوقية لـ″سفير الشمال″: ″حينما يكتب المرء إستقالته يوم تعيينه وزيرا، فهذا يعني أنه لم يعد عضوا في الحكومة، وإذا ما قُدمت الاستقالة في تاريخ لاحق، ووضع عليها التاريخ الجديد، فهذا يُعتبر تزوير في مستندات رسمية، علما أن مرسوم تعيين الوزير لا يُعلق على أي شرط، لأن المرسوم نافذ وكامل المفاعيل بمجرد صدوره″.
ويرى المرجع أن ″خطوة باسيل فيها إساءة غير مسبوقة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والى المجلس النيابي مجتمعا، خصوصا أن الثقة التي يعطيها للحكومة ووزرائها باتت من دون قيمة إذا كان وزير في الحكومة يمتلك إستقالات تسعة وزراء غيره ما يعطل دور المجلس النيابي في مراقبته وتقييمه، كما أن هذه الخطوة فيها تهديد مباشر لصلاحيات رئيس الحكومة الذي سيجد نفسه شيئا فشيئا مضطرا للتعاطي مع الوزراء العشرة من خلال باسيل الذي يمتلك قرار إستمرارهم أو عدمه، وهذا يدخل في إطار الاعراف الجديدة التي تهدف الى مصادرة دور رئيس الحكومة″.
لا شك في أن باسيل يمارس وصاية غير مستحقة على الدولة اللبنانية، ويبتكر أعرافا وتصرفات من شأنها في حال إستمرت أن تضع الحكومة على فوهة بركان، وهذا ما بدأ يظهر فعلا من محاولة باسيل إظهار إنتصاره بحصوله على 11 وزيرا بعد مصادرته وزير اللقاء التشاوري حسن مراد، ومشاركته الرئيس سعد الحريري بالوزيرة فيوليت الصفدي، الى التوترات السياسية التي تتنامى بين باسيل وجنبلاط الذي بدأ أيضا يطلق سهامه على الحريري بفعل تنسيقه الى حدود التماهي مع باسيل في كل القرارات..