علّوش ألمتمترِسُ على «الجبهة الشمالية» لم يُقِرّ بتراجع تيار «المستقبل» في طرابلس، كذلك لم يستسلم لواقعِ حالِ «التيار الأزرق» في مواجهة «حربِ قيامِ الحكومة»، وحتى ما قبل حرب التسعة أشهر التي استهدفت، وفق البعض، موقعَ الرئاسة الثالثة وثوابتَ «المستقبل» و«الحريريّة السياسية»، فإنبرى الى «المواجهة» عبر إطلالاته الإعلامية المكثفة أو عبر تصريحاته النارية التي لامست روحيّة «الحريرية السياسية» التي يتجنّب خطابها «الشرس» حاليّاً معظم نواب تيّار «المستقبل» وحتى البعض ممّن تحمّل المسوؤليات داخل التيار.
الطبيبُ الشمالي متفائل بتأليف الحكومة الجديدة لكنّه في المقابل يعترف لـ«الجمهورية» بأنّه حتى الساعة لم يستفِق من صدمة عدم توزيره مؤكّداً أنّه «حتى اللحظة لم يلقَ جواباً يُقنعه على رغم المحاولات التخفيفية للقرار».
وفي محاولةٍ لتعزية الذات يبرّر عدمَ توزيره بصوتٍ عالٍ بأنه «ربما الضغط لتأليف الحكومة أو المواضيع المطروحة أمامها، أو ربما أيضاً لا حاجة لهذه الحكومة بالذات لقول ما لا تريده أن يقال أمامَ التسويات القائمة».
ولكنه يؤكد أنه «لم يتلقَّ أيّ إجابة واضحة» حول سبب عدم توزيره، وأنه عملياً ما زال ينتظر سماع «الجواب الواضح» الذي لم يصله بعد.
في المقابل يؤكد علوش أنّ علاقته برئيس الحكومة سعد الحريري «ممتازة» على رغم أنها مرّت بصعوبات في بداية مشوار النيابة الذي سلكه الطبيبُ الجرّاح الذائعُ الصيت في امتهانه لتخصّصه... ولكن بعد «حربَيْ تموز والوسط التجاري» بنى علوش مع الحريري «علاقة احترام ثبّتتها ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري»، ومتّنها وفق تعبير علّوش، «البعدُ الإنساني» الذي تلمّسه «في عيون إبن رفيق الحريري وتصرّفاته، في وقتٍ كانت خبرةُ الإبن في السياسة ما زالت في بدايتها»، فاعتبر علوش «أنّ الوقوفَ بجانب إبن رفيق الحريري هو واجبٌ بغضّ النظر عن طريقة تقييم الإبن للموقف الذي نتّخذه».
ويقرّ علوش بأنه شعر بـ«حالة التخلّي» في أكثر من مناسبة لكنّ الأحداث المصادِفة الطارئة كانت تعيده بقوة الى السرب الحريري فتجده «دائمَ الجهوزية للمواجهة».
وهل تخلّى الحريري عن صقوره؟
يجيب علوش «أنّ بعض الوزراء لا يمكن الحكمُ عليهم لأننا لم نرَ بعد أداءَهم في تحمّل المسوولية المباشرة وقد تكون هناك تفاهماتٌ بين بعض الوزراء أو في ما بينهم على مواقف مسبَقة معيّنة».
أما عن إختيار الوزيرة ريّا الحسن للقيادة الأمنية فرفض علوش «الحكمَ قبل التحكيم» ومتابعة أداء الوزيرة ليحكمَ بعدها على صوابية قرارِ منحِها حقيبة وزارة الداخلية من عدمِه، لافتاً الى وجوب عدم تجاهل قدراتها الكامنة في شخصها، بغضّ النظر عن جنسها ذكراً كانت أم أنثى، الأمر الذي لا يوليه أيَّ أهمية معلّقاً:
«هناك رجالٌ لا يستحقون المناصب ولا التوزير وكذلك هم لا يستحقون الوقوف حتى على باب الوزارة ولكنهم للأسف وُزِّروا في وقت هناك نساء تستحقنّ تولّي رئاسة الحكومات». ويحذّر علوش «مَن كان دخوله للموقع العام من أجل بناء أمجاد شخصية للانطلاق لمواقعَ أكبر»، منبِّهاً من أنها «ليست صفةً حميدةً من صفات رجال الدولة».
«لا يُؤمَن للصقور»
ويقولها علوش بثقة «إنّ تسمية البعض بـ«الصقور» في تيار «المستقبل» لم تكن موفّقة، لأنّ علاقة الوزير السابق نهاد المشنوق مع «حزب الله» ورئيس الجمهورية في السنوات الماضية لم تَنمّ أو تعبّر عن «صقورية حقيقية» بل على العكس». كذلك الأمر بالنسبة الى الوزير السابق أشرف ريفي «لأنّ المزايدة على قيادة التيّار في وقت حساس»، وفق تعبير علوش، «أدّت الى ضرب التيّار والريفي معاً وإضعاف الإثنين».
ويضيف علّوش أنه لا ينظر الى نفسه على أنه «صقرٌ من صقور «المستقبل» إذا كانت الصقوريةُ الآنفةُ الذكر هي المعيار»، حسب تعبيره.
«سأنسحبُ من التيّار إذا أضاع البوصلة»
في المقابل يرى علوش نفسَه «رجلاً ملتزِماً في تيار «المستقبل» ورؤيتِه، ويعتبر «أنّ وجود هذا التيّار هو لمصلحة لبنان أوّلاً ويعتبر نفسَه ممثلاً أولاً لرؤية لبنان واللبنانيّين لبناء دولة مستقرّة وحرّة».
ويقول إنّه حين يرى أنّ وجود تيّار «المستقبل» مُضِرٌّ لوجودِ لبنانَ ومصلحتِه ولا يطبّق رؤيته، بغضّ النظر عن انتمائه الى الطائفة السنّية، «سأنسحب في هدوء» لأنّ علوش حينها «لن يجد ذاته ورؤيته أو مكانه داخل «المستقبل» مجدداً» على تعبيره.
«نعم وعدَني الحريري»
وعلى رغم عدم توزيره يحذّر علوش «البعض» من «التسرّع في الإستنتاج»، معلناً أنه ما زال حتى الساعة عضواً في تيار «المستقبل» وأيضاً على رغم وعد الحريري له بالتوزير، مكتفياً بالقول: «إنّ المجالس تبقى في الأمانات» لافتاً الى أنّ التواصلَ الذي تمّ بيننا «لم يكن كافياً للتبرير»، ورافضاً اتّهامَ الحريري بالنكث بالوعود لانّه يرفض «أن تكون هيبةُ الحريري في المستقبل موضعَ المساءَلة».
ويقول: «ما زلتُ عضواً في تيّار «المستقبل»، وإذا كانت هناك «مهمّة» مقنعة وأشعر حقيقةً بقدرتي على تأديتها، فأنا جاهز، لكني لم أعد مستعدّاً للاستشراس والتنطّح والمواجهة بإسم «المستقبل» من دون إيلائي مهمّة محدّدة».