على مدى أيام، فشلت جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، في التوصل إلى بيان مشترك حول القضايا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لرفعه إلى اجتماع وزراء خارجية هذه الدول اليوم. المواضيع الخلافية عديدة، تبدأ من مقاربة الملّف السوري وتفرّعاته، ولا تنتهي بموضوع الهجرة

ينعقد اليوم في بروكسل اجتماعٌ مشترك بين وزراء خارجية دول الجامعة العربية ووزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، يُفترض به أن يتناول القضايا الشائكة في منطقة «الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، وتحديداً ما يتعلق بالأوضاع في كلّ من سوريا وفلسطين وليبيا والسودان والعراق ولبنان، وأزمة النازحين السوريين في البلدان العربية المضيفة. هذا الاجتماع، تحضيريٌ للقمة الأوروبية ــ العربية، التي ستُعقد في شرم الشيخ في 24 و25 الشهر الجاري. كان من المفترض أن يسبق لقاء وزراء الخارجية، اجتماعٌ يُعقد أمس لكبار المسؤولين في البلدان العربية والأوروبية، حتى يتمكّن كلّ فريق من مناقشة الورقة التي حضّرها، قبل أن يصدر عن الفريقين بيانٌ مُوحّد يُرفع إلى وزراء الخارجية. إلا أنّ عمق الاختلافات في التوجهات بين الاتحاد الأوروبي وبعض البلدان العربية، الذي تمظهر في الأوراق المتبادلة خلال الأيام الماضية، أدّى إلى إلغاء اجتماع كبار المسؤولين. ما يعني عملياً، أنّه لن يتمخض عن لقاء وزراء خارجية، سوى بيان يُعيد تأكيد نقاط مُتفق عليها، لناحية «التعاون لحلّ النزاعات، ومواجهة الإرهاب، ومنع انتشار الأسلحة النووية»، من دون أن يكون مرتفع السقف.

تعدّدت الميادين التي برزت فيها الاختلافات بين الأوروبيين والبلدان العربية، إلا أنّ أبرزها كان في ما خصّ إعادة تفعيل العلاقات العربية مع سوريا، وعودة النازحين السوريين إلى بلدانهم، الجدل حول تعريف الإرهاب، الحريات في السودان، والموضوع الفلسطيني. فقد علمت «الأخبار» أنّه في المسودة التي رفعتها البلدان العربية إلى الاتحاد الأوروبي، كان هناك تأكيد على «إعادة التطبيع مع سوريا»، ليردّ الأوروبيون بشطب العبارة، لاعتبارهم أنّ «الظروف السياسية لا تزال غير مؤاتية لذلك بسبب عدم تقدّم الحلّ السياسي». وقد جرى التعبير داخل اجتماعات الاتحاد الأوروبي، بصراحة، عن واجب «فرملة» الاندفاعة العربية لإعادة العلاقات مع الدولة في دمشق. إلا أنّ المفارقة، كانت في ذكر وزراء الخارجية العرب من جديد في ورقتهم التحضيرية، إعادة «التطبيع مع سوريا»، مع التزام كلّ البلدان بسقف القرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية. استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، كان محطّ جدل. «الاتحاد» مُصرّ على اتهام الدولة السورية وتنظيم «الدولة الإسلامية» الإرهابي باستخدام هذه الأسلحة، في حين أنّ «الجامعة» تشطب هذه العبارة، مُستخدمة تعبير «السلاح الكيميائي الذي استُخدم في سوريا»، من دون تحديد الجهة المُتهمة. في هذا الإطار، وقع اختلاف حول بند تعريف الإرهاب ووسائل تمويله، «وقد برز التمايز المصري عن الأوروبيين في هذا المجال»، بحسب المعلومات.
من الملّف السوري يتفرّع بند عودة النازحين. أعاد وزراء الخارجية العرب، اعتماد الفقرة التي أُقرّت خلال القمة العربية التنموية في بيروت، في 20 كانون الثاني، لناحية «تأكيد عودة ودعم النازحين مادياً في بلدهم، مع الالتزام بسقف الأمم المتحدة». ومضاعفة الجهود الدولية الجماعية لتعزيز الظروف المؤاتية لعودة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم». أيضاً، وضع الاتحاد الأوروبي ملاحظته بأنّ عودة النازحين يجب أن تكون طوعية «وظروفها لم تنضج بعد».
كان للسودان ملاحظاته أيضاً حول المسودة الأوروبية، فقد ذكرت الأخيرة ضرورة «احترام الحريات وحقوق الإنسان»، ما اعتبره السودان تدخلاً بشؤونه. تماماً كما ظهر «الإصرار الأوروبي حول مسألة حرية المعتقد والإنترنت والاتصالات والإشارة بشكل غير مُباشر إلى حقوق المثليين، وهذه مواضيع نعتبرها شائكة عربياً»، بحسب مصادر دبلوماسية. بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، «وضع الأوروبيون في مسودتهم أنّ القدس عاصمة مشتركة لفلسطين والعدو الإسرائيلي. رفض الوفد الفلسطيني هذا الأمر». مع ذلك، تقول المصادر إنّ «الطرح الأوروبي هذه المرّة فلسطينياً، أقل سوءاً من المرات السابقة، على الأقل في مقاربة وضع الأونروا». في هذا الإطار، وفي أحد البنود الذي يتحدّث عن المعابر الحدودية، شدّدت مسودة الاتحاد الأوروبي على «مراعاة مخاوف الإسرائيليين». هنا، برز الاختلاف في طريقة صياغة البند بين الوفود العربية أنفسهم. ففي حين أراد البعض استخدام تعبير «مراعاة مخاوف الجميع»، طالب البعض الآخر بصياغة البند بطريقة «تُبقي الهواجس الإسرائيلية قائمة». موضوع الهجرة إلى البلدان الأوروبية، بقي محطّ خلاف بين الأوروبيين حتّى. فقد كان لافتاً «أنّهم لم يذكروا أي فقرة عن الهجرة، مُبرّرين بأنّ الأمر لا يزال قيد البحث من جانبهم».