يسعى الإتّحاد الأوروبيّ وإيران على تحسين علاقاتهما الدبلوماسيّة منذُ عام 1998، وعمل المجلس الأوروبيّ لعقد مفاوضات تهدفُ إلى إبرام إتفاق شامل في مجاليّ التجارة والتعاون. وإستُهلّت المفاوضات مابين عام 2002 و 2005، إلّا أنّه إنتهى بسبب رفض إيران التعاون التامّ مع الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة، لاسيّما بعد الكشف عن وثائق تخصُّ أنشطة إيران النوويّة السرّيّة.
ويتربّع الإتّحاد الأوروبيّ، في المرتبة الرابعة من بين شركاء إيران التجاريّين، بعد الصين والإمارات العربيّة المتحدة وتركيا، إذ وصل حجم واردات البضائع من إيران إلى 5,5 مليار يورو تقريبًا، أمّا حجم الصادرات إليها فبلغ 7,4 مليار يورو، أمّا الواردات النفطيّة الأوروبيّة من إيران فوصلت إلى 90 في المئة، ولكنّ عند فرض الحظر على إيران تدنّت المبادلات التجاريّة لتصل إلى 12,8 مليار يورو، خلال عام 2012.
وسنحت التطوّرات التي حصلت في الملف النوويّ الإيرانيّ ووصول الرئيس حسن روحاني إلى سدّة الحكم التفكير في استئناف العلاقات الإيرانيّة الأوروبيّة.
إلّا أنّ سؤالًا يُطرحُ هُنا: "هل ستواجه أوروبا صعوبات فعليّة في التنفيذ خاصّة من جانب دول الإتّحاد الأوروبيّ؟"
إقرأ أيضًا: " هل يستحقّ رائد خوري التهنئة؟! "
مقابل ذلك، أعربت إيران عن تفاؤلها بالآليّة أعدّها الإتّحاد الأوروبيّ لمُتابعة التجارة معها، والإلتفاف على العقوبات الأميركيّة المفروضة عليها، إلّا أنّ واشنطن شكّكت بأن تمسّ هذه الآلية حملتها لممارسة أقصى ضغط إقتصاديّ على طهران، ووجّهت تهديدات وخيمة للشركات المنتهِكة لِعقوباتها.
وتعليقًا على إطلاق الآليّة الأوروبيّة، صرّح عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، أنّ هذه الآليّة تُشكّل "خطوة أولى ضمن وعود تعهد بها الأوروبيون تجاه ايران، ونتطلّع إلى تنفيذها في شكل تام ومن دون نقص ونأمل بأن تغطي كل السلع والمواد".
بدوره، عمل الإتّحاد الأوروبيّ شهوراً في إعداد هذه الآليّة، وليس مرجّحاً أن يُباشر العمل بها قبل أشهر أخرى. واستبعد ديبلوماسيون أن تتمخّض الآلية عن معاملات تجارية ضخمة، تُعدّ طهران أنّها تحتاج إليها لإنقاذ الإتفاق النوويّ.
وفي هذا السياق، قال ديبلوماسيّ أوروبيّ:"لن تغيّر الأمور في شكل كبير، لكنها رسالة سياسية مهمة موجّهة إلى إيران، لإثبات أننا مصمّمون على إنقاذ الاتفاق النووي، وأيضاً إلى الولايات المتحدة لنثبت أننا ندافع عن مصالحنا، على رغم عقوباتها التي تتجاوز حدودها".
ووصفت وكالة الأنباء الألمانيّة، "إنستكس"، بأنّها عبارة عن مشاريع مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاصّ من أجل مساعدة الشركات الأوروبيّة التي لها مصالح تجاريّة مشروعة في إيران، لـِ تفادي العقوبات الأميركيّة.
وسيُتيح إطلاق الكيان الجديد بالتدفّقات الماليّة في القطاعات غير المستهدفة بالعقوبات الأميركيّة، لاسيّما قطاعي الدواء والغذاء. وتستهدف هذه العقوبات قطاعات إقتصاديّة إيرانيّة عدّة، ضمنها الطاقة والمصارف.
وتسعى إيران جاهدة على إنجاح هذا الإتفاق، خصوصًا وأنّها لا تملك البديل في ظلّ العقوبات الأميركيّة المطروحة عليها، إلّا أنّها ستعمل في هذه الفترة ولو "شكليًّا" على التصعيد بوجه الولايات المتّحدة من منطلق الحفظ على ماء الوجه.