بعلبك تلك المدينة المنسية على قارعة الوطن تئن بصمت يحاكي أنين أهلها المسحوقين الذين يتقلبهم الفقر على هامش الحياة.
تلك المدينة التي يحلم كل سكان الأرض بزيارتها يوماً ومشاهدة قلعتها الصامدة بصمود التاريخ.
اليوم يمعن بعض العاقين والمغضوب عليهم بالضغط على جراحها لإيلامها، ويكافؤونها لأنها حضنتهم حين لفظهم الآخرون، وآوتهم حين شردهم الآخرون، وأطعمتهم حين جوعهم الآخرون، يقطعون عنها الماء دونما أي وازع أو ضمير فشريان نبضها تقطع عنه المياه ولا من مبرر.
سنة كاملة ونهرها يصرخ عطشاً وهم يبكون عطش الحسين في كربلاء ليل نهار فما أشبههم بجيش يزيد حينما قطع الماء عن أطفال ونساء وشباب الحسين عليه السلام.
إقرأ أيضًا: عشية إطلالة نصر الله تعميم لإطلاق النار؟!!
أسواقها مرهونة للمرابين وأمام مرأى الجميع ولا يخجل مرابٍ من التصريح بذلك رغم أن القانون يمنع الربا ويحاسب على مرتكبيه.
الربا تلك الجريمة التي أكلت أخضر ويابس سوق مدينة بعلبك وبعض عقاراتها المهمة وأصحابها الذين إضطرهم كساد أرزاقهم الى رهنها ليطعموا أبناءهم بصمت وهم يعلمون أنهم قد دخلوا في أتون النار يدخلونه بأرجلهم عل القدر أن ينجيهم يوماً.
قلعتها الشامخة تشكو غربتها عن زوارها فالحجارة التي صمدت آلافٌ من السنين والتي تكسرت عليها الأيام تراها كأنها تتفتت حزنًا على جيرانها الذين يعيشون البؤس من جراء سياسات الإنماء والسياحة التي يمارسها من تسللوا ذات ليل وفي غفلة من شرفائها ليسرقوا إدارتها المحلية فيعيثون فيها ويتآمرون عليها ويفلسون صناديقها وبدل أن يُأمنوا رواتب عمال النظافة صرفوا الأموال على معاركهم الإنتخابية دون أدنى شعور بالإنسانية حتى أنهم باعوا أمنها الصحي بحفنة من الدولارات، ولكن هيهات هيهات فلقد بدأت الإعتراضات ككرة ثلج ولن تهدأ الى أن يسقط الفاسدين بِشَرِّ أعمالهم.