حتى الآن، المعطيات الحكومية تشير إلى إحراز بعض التقدم على صعيد إيجاد حلول للعقد القائمة. لمسألة تدوير الحقائب، وتمثيل نواب اللقاء التشاوري ، على الرغم من الحديث عن شخصية مشابهة لشخصية جواد عدرا قد تشكّل مخرجاً، تكون من حصة رئيس الجمهورية وتمثّل اللقاء التشاوري في آن.
وسط كل هذه المعمعة يرزح لبنان تحت ضغوط عديدة، بحيث من المفترض أن ينتقل النقاش فيه من التفاصيل الحكومية إلى ملفات أكثر خطورة، منها ما هو اقتصادي اجتماعي، ومنها ما يتعلق بتطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، والتي تشير مصادر متابعة إلى أنها قد تكون مقبلة على مشهدية قاتمة في الفترة المقبلة، وهذا ما سينعكس سلباً على الوضع في لبنان.
ولم تأتِ الرسائل الفرنسية التي تلقاها المسؤولون اللبنانيون من عبث، بل هي تعبير عن المخاطر التي تحدق بلبنان. عملياً يصرّ الرئيس سعد الحريري على أن يكون الأسبوع الحالي هو أسبوع الحسم حكومياً، واعتبر في مجالسه الخاصة أنه في حال لم يتم الوصول إلى حلّ لتشكيل الحكومة، فهو سيقدم على خطوة غير تقليدية، لكنه لم يفصح عن ماهيّة هذه الخطوة.
إقرأ أيضًا: لقاءات باريس لم تنتج شيئًا والأزمة إلى مزيد من التعقيد!
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري أجرى اتصالاً بالحريري أولاً للاطلاع منه على أجواء اتصالاته ومشاوراته، وثانياً لإبلاغه بالتحضير لعقد جلسة نيابية من خلال عقد اجتماع هيئة مكتب المجلس يوم الأربعاء، فردّ الحريري على برّي بأنه يحتاج إلى يومين لتتضح الصورة الحكومية لديه.
وتؤكد مصادر متابعة، أن الحريري يجوجل خياراته بحال عدم الوصول إلى أفق للحلّ، ومن بين هذه الخيارات يستبعد المقربون من الحريري خيار الاعتذار خاصة أنه تلقى رسالة لافتة بأنه في حال اعتذاره لن يكون مضموناً له إعادة تكليفه، فيما الاتجاه لديه هو تقديم مسودة حكومية إلى رئيس الجمهورية.
وبذلك يكون قد رمى الكرة في ملعب غيره، معلناً أنه أدى قسطه للعلا، وبقي الأمر في يد رئيس الجمهورية الذي يعود له الموافقة على الصيغة الحكومية وإرسالها إلى المجلس النيابي لنيل الثقة، أو أن يرفض التوقيع عليها، يحدث كل ذلك في وقت تنتقل عملية التشكيل من أسبوع الى اسبوع من دون ان تحقق أي نتيجة عملية، على رغم ان هناك حديثاً عن ان هذا الأسبوع سيكون أسبوع الحسم.
حيال هذا الواقع، هل من سيناريوهات اضافية؟
هناك من بدأ يتحدث عن خارطة طريقأشبه بقلب الطاولة: فإذا لم تتحقق خطوة تأليف الحكومة وصدور المراسيم وفق الآلية الدستورية، فإن المطروح هو التالي: اصدار تشكيلة بمن حضر مع احتمال قبولها والتوقيع عليها أو عدم التوقيع. أن يعمد الرئيس الحريري الى الاعتكاف، وهذا ليس من طبيعته اطلاقاً، بل تركيز على محاولات أخرى للخروج من النفق.
أما الإعتذار، مع ما يعني ذلك من مضاعفات، فهو الكيّ آخر الدواء وهنا تقع البلاد في حمم نيران البركان.
إقرأ أيضًا: هل ستنجح المشاورات وتتشكل الحكومة؟!
هذه الاحتمالات أحلاها مرّ، لكنها مطروحة، مع كل ما يعني ذلك من تصدع في الوضع القائم الأيام الآتية، بل الساعات الآتية كافية لتظهير صورة من يتحمل مسؤولية التعطيل.. وقد لا تكون مبالغة او قراءة في الغيب أن يخرق الرئيس الحريري هذا الجمود ويبدأ من جديد مسيرة تفاهمات تعبر عن ارادة وطنية جامعة تتجاوز المحاصصة والمناكفة والانانيات التي يروح اليها البعض على خلفية «أكون أنا او لا يكون أحد؟!» خصوصاً وان ليس للبنان من عدو يقاتله ويضمر له الشر والويلات وعظائم الامور سوى إسرائيل.
لكن ما هي الخطوة التالية بعدما استنفد الحريري تسعة اشهر محاولا تشكيل الحكومة؟ تجيب المصادر اذا حل الاثنين من دون تشكيل الحكومة يعني ان القوى المعطلة تريد اخذ البلاد الى مكان خطير ولن يخاطر الحريري في المساهمة بذلك ولن يحول ذاته الى ضحية لان سمعته الشخصية بالدق ولن نسمح بذلك. المصادر تعتبر أن الوضع المالي خطير جداً، وتصنيف "موديز" زاد الامر تعقيداً ونتوقع تصنيفاً مماثلا من ستندار اند بورز وفيتش، بحسب المصادر فان الحريري امام خيارين:
أما أن يكون رئيس حكومة اصيلة، وأما ان يبدأ بمزاولة عمله في السراي لتسيير شؤون الناس، وصولًا الى تعويم حكومة تصريف الاعمال.
اذا تفصلنا ايّام معدود على نهاية أسبوع الحسم: اما حكومة وأما الدخول في مرحلة جديدة قد تطول كثيرًا.