تكمنُ أهميّة إسترجاع محافظة إدلب السوريّة لدى النظام السوريّ لما تحمله في طيّها من رسائل إقليميّة ودوليّة وإنتصارًا على المؤامرة العالميّة ضدّها على حدّ وصفها، لاسيّما وأنّها آخر مُحافظة تُسيطر عليها الجماعات المسلّحة المعارضة للرئيس الأسد، وهي التي فرضت سيطرتها عليها منذ أربعة أعوام ونيّف.
وتعتبرُ دمشق، في عودة الجيش النظاميّ إلى محافظة إدلب "كسر شوكة تركيا"، التي دعمت المعارضة منذ إنطلاق الثورة السوريّة عام 2011.
أمّا من منظارٍ دوليٍّ، يودُّ الكرملين أن يبرز أنّه اللّاعب الأساسيّ في ساحة الصراع السوريّة، بعد خروج الأميركيّين نسبيًّا منها، خصوصًا وأنّه لم يسمح بإعادة السيناريو اللّيبيّ في سوريا.
وبالرغم من أنّ الحسم العسكريّ يُناسبُ موسكو إلّا أنّه يتوجّب عليها بحث هذا الملف مع تركيا لاسيّما وأنّه مرتبط بالنقاش أو بالأحرى الإتفاق الذي تمّ بين الروس والأتراك.
وصِفت إدلب بـِ أمّ المعارك، لاسيّما وأنّه تمّ تأجيلها مرّات عدّة بعد إتفاقيّة سوتشي الموقعة بين الجانبين الروسيّ - التركيّ، خصوصًا وأنّ الأخيرة لم تستطع ضبط التنظيمات الإرهابيّة التي إستمرّت بخروقاتها للإتفاقيّة القائمة، ممّا شكّل عجزًا لدى الأتراك في إنشاء منطقة آمنة تمهيدًا لشنّها عمليّة عسكريّة ضدّ وحدات الحماية الكرديّة، شمالي سوريا لذا عادة معركة إدلب إلى الواجهة من جديد.
وكان للصحافة العالميّة، رصدًا لعمليّة إدلب، حيثُ نشرت منذُ ساعاتٍ قليلةٍ، صحيفة التايمز، تقريراً لـِ "ريتشارد سبنسر" تناول فيه إجبار الرجال السوريّين على الإنضمام إلى صفوف الجيش السوريّ قُبيل الهجوم النهائيّ على إدلب آخر معاقل المعارضة في سوريا.
وكشف كاتب التقرير، إن المئات من الرجال السوريّين تمّ تجميعهم، وإجبارهم على الإنضمام لصفوف الجيش، مُوضّحًا أنّ هذه الخطوة تأتي بعد حملة واسعة ضد الفارين من خدمة الجيش الإجبارية أو من صفوف الاحتياط.
وتابع في تقريره، أنه لم يتم الكشف رسميا عن هذه الخطوة المفاجئة أو رفع سن الإنضمام لجنود الاحتياط من 40 إلى 43 عاماً.
وأردف في تقريره، أن الجيش السوري يُعزز قدراته منذ العام الماضي تمهيداً للمشاركة في أكبر عملية له منذ 8 سنوات وإستعادة آخر معاقل المعارضة في إدلب.
لننتقل إلى ساحة إدلب، ففي الداخل نستطيعُ وصف الحال بـِ "الساخن"، خصوصًا بعد تعرّض مقرّات جبهة النصرة الإرهابيّة في سوريا، بين الحين والآخر لهجمات تقضي على العشرات من أفرادهم، إلّا أنّ إستهداف إدلب هذه المرّة له أكثر من معنى وحجمه أكبر من مجرّد تفجير لـِ مقرّ عسكريّ.
وتأتي معركة إدلب، في وقتٍ دقيقٍ للغاية فالإرهابيّين مُحاصرين في تلك البقعة من جهة، أمّا من جهة أخرى تركيا تودُّ تشريع وجودها وفق اتفاق الذي ينصُّ على جلوسها في حوار مُباشر مع سوريا ويبقى السبيل الأخير الذي سوف تلجئ إليه وهو التسوية الدستوريّة التي ستناقش مع كلّ من روسيا وإيران وسوريا.