ظهرت في لبنان مؤخرا ملامح عقدة جديدة تتعلّق بمطلب تمثيل الطائفة العلوية بوزير في الحكومة المقبلة، وهو ما يرفضه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري.
وتقول مصادر في تيار «المستقبل» الذي يرأسه الحريري، إن الرفض لسببين، الأول منع إدخال عرف جديد يكرّس تمثيل الأقليات، والثاني عدم قبوله حكومة موسّعة من 32 وزيراً، تفتح شهّية القوى السياسية على تكبير حجم السلطة الإجرائية بمراحل لاحقة.
وتتزامن المطالبة السياسية بالوزير العلوي مع تحركات في الشارع، حيث نفذ شبان من أهالي جبل محسن (ذات الغالبية العلوية) وفاعليات سياسية واقتصادية واجتماعية وأهلية، اعتصاما أمام مسجد فاطمة الزهراء، وزاروا الخيمة التي نصبت قبل أسابيع احتجاجا على «الإهمال المتمادي لحقوق الطائفة العلوية الإسلامية». وتحدث باسم المعتصمين عضو «اللقاء التشاوري» محمد طرابلسي، الذي طالب نائبي الطائفة العلوية بـ«عدم منح الثقة للحكومة العتيدة في حال عدم توزير علوي في عدادها». وقال: «ما داموا يتحدثون عن تشكيل حكومة وحدة وطنية، فنحن نطالب بتمثيل الطائفة العلوية فيها لأنها مكون أساسي في لبنان، خصوصا أنهم يقولون إن الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل لا يريدان إعطاء الطائفة العلوية وزيراً».
ويبدو أن هذا المطلب مرتبط بحسابات داخلية لها علاقة برفع عدد الوزراء إلى 32 وزيراً، وخارجية تتعلّق بتقوية حلفاء النظام السوري في التركيبة الحكومية، وأوضح عضو المكتب السياسي في تيّار «المستقبل» مصطفى علوش، أن «منظمي هذه الاحتجاجات هم من أزلام النظام السوري، وينفذون تعليماته بدقّة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «مطلب تمثيل العلويين يراد منه حكومة موسعة تضمن للتيار الوطني الحرّ الحصول على الثلث المعطّل». وشدد علوش على أنه «في بلد مفلس كلبنان يفترض تصغير الحكومة بدل تكبيرها». ورأى أن «تمثيل العلويين سيشرّع الباب أمام طوائف أخرى للمطالبة بتمثيلها».
ويعدّ العلويون أقلية في لبنان، إذ لا يتجاوز عددهم 55 ألف شخص، بينهم 36 ألف ناخب أدرجت أسماؤهم على لوائح الشطب في انتخابات عام 2018. وغالبيتهم الساحقة موالية للنظام السوري، ولهم نائبان في البرلمان اللبناني هما علي درويش عن مدينة طرابلس ومصطفى حسين عن عكار (شمال لبنان).
وأكد النائب مصطفى حسين، أن الطائفة العلوية «صاحبة حقّ في أن يكون لها وزير في الحكومة، طالما أنها من النسيج اللبناني». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كل حلفائنا سواء (حزب الله) أو حركة (أمل) أو التيار الوطني الحرّ، يدعمون مطلبنا بالدخول إلى الحكومة، ولذلك هم يؤيدون حكومة من 32 وزيراً لنكون جزءاً منها». لكنه استبعد أن «يلجأ حزب الله إلى تعطيل تشكيل الحكومة كشرط لتمثيل العلويين، كما فعل مع حلفائه السنة». واعتبر حسين أن «الكرة الآن في ملعب الرئيس سعد الحريري الذي يرفض هذا الطلب». وتوجه النائب حسين إلى الحريري قائلا: «إذا كان العلويون اليوم ضدّك، فقد يصبحون غداً معك، ونناشدك ألا تهمشهم وتزيد من إقصائهم».
ويوجد أبناء هذه الطائفة في مناطق محددة، حيث يقيم 60 في المائة منهم في منطقة جبل محسن بمدينة طرابلس (شمال لبنان) و38 في المائة منهم يتوزعون في بلدات المسعودية والسماقية وحكر الظاهري والحوشة وتل حميرة في سهل عكار (شمال لبنان) أما الـ12 في المائة فيوجدون في أحياء في العاصمة بيروت وبعض بلدات قضاءي كسروان والمتن في جبل لبنان.
من جهته، اعتبر رئيس شركة «ستاتيكس ليبانون» والخبير الانتخابي ربيع الهبر، أن «مطالبة الطائفة العلوية بتمثيلها في الحكومة، هو مطلب سياسي أكثر مما هو مطلب تمثيلي، خصوصاً أن هؤلاء يمثلون جهة خارجية تتمثل بالنظام السوري». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «معادلة إعطاء وزير لكل أربعة نواب لا تسمح بتمثيل العلويين لأن لهم نائبين فقط، وهذا قد يشكل سابقة ستفرض في كل الحكومات، ويخفف من الوقع السنّي في المعادلة اللبنانية، ويفتح الباب أمام الأقليات لدى الطوائف المسيحية لتمثيلها، والدخول في متاهات جديدة يصعب الخروج منها».