حيال تحالف الأحزاب عبثاً، حاول «التيار النقابي المستقل» التصدي لانتخابات هيئة رابطة أساتذة التعليم الثانوي، إذ اعتبرها، وقبل إجرائها، «انتخابات زور وغير شرعية»، لمجموعة أسباب، أبرزها «التعديلات التي أدخلتها الرابطة على نظامها الداخلي والآلية التي أُدخلت بها هذه التعديلات من دون أن تحظى بموافقة الغالبية المطلقة للتعديل بحسب المادة 49 من النظام الداخلي».
من جهته، يؤكّد رئيس الرابطة نزيه جباوي أنّ «الانتخابات جرت وسط أجواء ديمقراطية»، موضحاً في حديث لـ«الجمهورية» أنّ «التعديلات بسيطة على مستوى الشكل ولا تمسّ الجوهر، مثل تمديد ولاية الرابطة من سنتين إلى ثلاث، ليتسنّى للهيئة العمل أكثر خصوصاً وأنّ التحضير للانتخابات يأخذ من عمر الرابطة»، مشيراً إلى أنّ «معظم مدة الروابط التعليمية 3 أو 4 سنوات، وفكرة تعديل النظام الداخلي قديمة، حتى إنّ التيار النقابي المستقل كان على علم بها، لكن قدّم طعناً بالتعديلات، والنتيجة لم تصدر بعد».
سرعان ما ترتسم علاماتُ الإمتنان على ملامح جباوي من نسبة المشاركة في الانتخابات، فيقول: «نسبة الإقبال على الانتخابات 71.4 في المئة، لا شك في أنها نسبة جيدة، غير أنّ وجودَ لائحة واحدة، بالإضافة إلى أسباب صحّية ومعذرة طبية لدى البعض، حال دون تسجيل نسبة أكبر».
رئيسٌ جديد؟
بحسب المادة 23 من القانون الداخلي للرابطة، يجتمع أعضاء الهيئة المنتخَبة بعد أسبوع من انتخابهم، أو أسبوعين كحدٍّ أقصى وذلك بناءً على دعوة تُوجّه من أكبرهم سناً قبل 5 أيام. أما عن الأوفرهم حظاً، فيجيب جباوي: «تقريباً يحظى إسمي بتوافق كبير، وأعتقد أنني أكبرُهم سناً، لذا أرجّح أن تتمّ الانتخابات في 10 شباط».
ولكن ماذا عن العناوين التي سيحملها معه في ولايته الجديدة والتي يعتبرها قضايا ملحّة؟ هنا يوضح جباوي: «لدينا مطالب مدورة سابقة، وهي قانون الموقع الوظيفي أي حفظ موقع أستاذ التعليم الثانوي في الوظيفة، فبعد صدور السلسلة تراجَع الموقع المادي والمعنوي لأستاذ الثانوي، قياساً على بقية الموظفين لم يعد راتبُه مميّزاً، لذا نكرّر مطلبنا في تعيين الأستاذ الثانوي على الدرجة 25، ومعيارُ دخوله إلى التعليم الثانوي أن يكون حائزاً على الماجيستير في الاختصاص». ويضيف: «أما الملف الثاني فهو قضية الأساتذة المتمرنين والتعجيل في إصدار مرسوم تعيينهعم وتثبيتهم وحفظ حقهم بالدرجات وسط الغموض القائم في ظلّ وجود رأي لمجلس الخدمة المدنية لا يعطيهم الحق بالدرجات الست، علماً أنّ في مرسوم تعيينهم، يُعتبرون موظفين من تاريخ إلتحاقهم في كلية التربية». ويضيف: «من دون أن ننسى إقرار قانون تعويض الإدارة، تعزيز القانون 73 الخاص بالمدراء، من حق المدير بتعويض إداري، فهو يحضر إلى المدرسة ويعطي وقتاً إضافياً».
ماذا عن المتعاقدين؟
«حقّن محفوظ»، يقول جباوي لدى سؤالنا عن مدى دعم الرابطة للمتعاقدين، مبدياً حرصه خصوصاً تجاه كل متعاقد تجاوز شرط السن، قائلاً: «قضية المتعاقدين من المسلّمات، مطالبهم محقة، إلّا أنّ وضع البلد لا يساعد في الإسراع بإنضاج الحلول». ويضيف: «لو أنّ الحكومة مشكّلة غالبية الأمور تكون محلولة، ولكنّ المؤسف أننا نواجه فراغاً، وبعض الحلول يحتاج إلى مراسيم. مؤسف وضع البلد من غياب الحكومة إلى عدم إنعقاد جلسات للمجلس النيابي بشكل منتظم، ما يؤثر في مطالب الأساتذة ويؤخّر حصولهم عليها».
سؤالٌ محرِج؟
فيما تنقسم آراء الأساتذة حول ما أنجزته الرابطة ورئيسها جباوي، ما بين: «ليش شو عِملتلنا»، و»الله وجها كان خير»، كان لا بدّ أن نسأل جباوي عمّا حققته الرابطة في ولايته، فيجيب : «بيكفّي أُقرّت السلسلة بعهدنا». ويتابع: «لا شك في أنّ حركة النقابات والروابط تراكمية لا أُنكرها، وتعود المطالبة إلى العام 2011، وربما قبله في العام 2008 في ظلّ حكومة الرئيس السنيورة عندما أرضى هيئة التنسيق بـ200 ألف ليرة، لمدى 3 سنوات، يومها بدأت مسألة تحسين الرواتب والأجور، واستمرّ النضال إلى حين عهد «رابطتنا»، تمكّن من إخراج السلسلة من عنق الزجاجة». ويضيف: «لا شك في أنّ مطلبنا أكثر من 6 درجات، وتحديداً 10، ولكن هذا بدا مستحيلاً، لذا نسير ضمن قاعدة نقابية قديمة خُذ وطالب لا يمكننا التنكّر لها». ويلفت جباوي إلى مسألة أساتذة كلية التربية ودعم الرابطة لهم، فيقول: «الأساتذة المتمرّنون من أكثر الفئات التي ظُلمت، منذ 2015 «عم يتجَرجَر فِيُن»، إلى يومنا لناحية الرواتب، الدرجات، وغيرها من القضايا، التي لم نتردّد يوماً في دعمها ورفع الصوت عالياً معهم».
«نصّ مصيبة»
إلى ذلك، يجدّد جباوي رفض الأساتذة تمويل الدولة لقطاع التعليم الخاص، قائلاً: «هناك مَن طالب الدولة أن تموّلَ الدرجات الست لأساتذة التعليم الخاص وطبعاً هذا الامر مرفوض بتاتاً من قبلنا، لو أنّ الدولة تعيش في وضعٍ ماليّ فائض وتريد مساعدة الناس «نصّ مصيبة»، ولكن فلتُؤمّن بدايةً حقوق الأشخاص المطلوبين منها، والذين هم على عاتقها، وإذا فضّل لديها فائض من المال، لن نمانع». وتابع مستغرِباً: «ليش هي أمّنت حقوق القطاع الرسمي؟». وأضاف: «حتى إنّ «نقابة المعلمين كانت صريحة وأشارت إلى أنّ الدرجات الست من مسؤولية أصحاب المؤسّسات الذين يجنون أرباحاً طائلة».
يُجمع الأساتذة في ما بينهم على أنّ إجراءَ الانتخابات لا يعني أبداً انتهاءَ معاركهم لا سيما المَطلبيّة، «النضال بأوّلو».