نعم.. وشمخ شمخاً، فولَّت منه إسرائيل رعباً، وهلع الخوف فيها هلعاً، وسيطر القلق بها حتى صار ديناً، وما أدراك ما الشمخاني الشامخ، إنه كنخلٍ طالعٍ، بين الفينة والأخرى، نردمها في البحر ردماً، ونحرقها حرقاً، حتى لا يبقى فيها حجر على حجر، ولا بشر على مدر، أبشر فهي البشارة، وما أدراك ما البشرى، إنها صواريخ حارقة، كالسماء البارقة، والرعود القاصفة، والرياح العاتية، فهي كحقيقة فاخرة، فازدادت شموخاً، واعتزت بالفخر والفخار...
من منا لا يريد فخراً، ولا يشعر بفخر إزالة كيانٍ غاصبٍ وقاتلٍ وظالمٍ، حتى نعيش بالأمن والأمان، لكنني أنا العربي المسلم الشامخ، والمواطن القومي الثائر، في بلداننا الشامخة، لا نرى زعيماً وحاكماً ومسؤولاً عربياً وإسلامياً، ولا أميراً ورئيساً وملكاً تنحَّى عن منصبه نتيجة لفضيحة فسادٍ ماليٍ أو أخلاقي، وما أكثر الفاسدين والمفسدين من حكامنا.. فيا للعار، وعذراً من شموخ الشمخاني.
إقرأ أيضًا: إلى خصوم موسى الصدر...!
أنا كعربي أشعر بالخيبة، كل الخيبة، لأننا لم نتعلَّم من أعدائنا الغاصبين والظالمين، تجربة العمل السياسي والحياة السياسية، عن ديمقراطية المحاسبة، وزجَّ الرئيس والمسؤول لفضيحة سرقة مال الناس، أو لسلوك أخلاقي، ليكون مآله السجن.
أيها الشموخ الشامخ، متى تعلمنا محاسبة أربابنا، وحكامنا، ونوابنا، ووزرائنا، وسارقينا وناهبينا وقاتلينا ومذلينا، ليتك تعلمنا كيف نحاسب من اخترناه رئيساً علينا في شوارعنا، وتعلمنا كيف نحاسب مسؤولاً في حارتنا، أو نحاسب شيخاً أو واعظاً يصطاد على أكتافنا، حتى نقدر أن نحاسب العدو الأكبر، والغاصب الأعظم، لكل ثرواتنا ومقدراتنا فضلاً عن حريتنا وكرامتنا.
كيف تعلمنا أن نحاسب ولاة أمورنا عن مصيرنا وحياتنا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا وأطفالنا، ليتك تعلمنا كيف ننتخب، ومن ننتخب، وكيف نعزله ونخلعه، عندما يقطع أرزاقنا وأرواحنا، لا بقوة السلاح، ولا بقوة المليشيات وقطاع الطرق وقطاع الأرزاق والأعناق، بل علمنا سياسة العدو كيف يحاسب زعيمه ورئيسه ومسؤوله ويضعونه في سجون الأرض... أيتها العزة الشامخة، علمينا كيف نحاسب من اخترناهم وأوصلناهم إلى سدة الحكم، فيلتصقون بكراسيهم، كلصقة (صمخ الغوريلا) أقوى صمخ في العالم والكون، ولكن بواسطة قضاتهم، وشيوخهم ومشايخهم، وبواسطة مفتيهم وحرَّاس عدالتهم.
إقرأ أيضًا: كلامات وجع إلى السيد نصرالله
ولكنكِ لم تعلميننا هذه الدروس، فقط تعلميننا أن نكون (صمٌّ وبكمٌ وعميٌ) لا نسمع، لا نتكلم، لأننا هوام أرض ٍ، لأن السلعة العربية والإسلامية لهي أغلى وأعلى ثمناً من البشر، لأننا حشرات تدوسها عزة الحاكم الشامخ، وشرف القاضي الآنف، ونزاهة المفتي الطاعن، وكرامة المسؤول الثائر.
هنا ألتمس العذر من الشموخ والشامخين، لو كنا نسمع أو نعقل، أو نتكلم ونرى، لم يكن حالنا هكذا، كما هو حالنا اليوم.. فمتى نزيل هذا الوقر من شموخ أنوفنا، وهذه العقدة في ألسنتنا، وهذا العمى في أعيننا، لنصبح بشراً وأمة لا صمَّ فيها ولا عمىً.
أبشروا ببيعكم الذي بايعتم به.