تحتاج العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران و"حزب الله" إلى ستة أشهر لكي تظهر تأثيراتها، وانقضى منها حتى الآن نحو ثلاثة أشهر، وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع. ولدى إيران مجال للتملص منها، طالما أن هناك دولاً ما زالت تشتري منها النفط مقابل قطع الغيار، في إطار المبادلة.
وتقول المصادر، أن واشنطن ستستمر في مسار التصعيد ضد إيران وحلفائها في المنطقة. لكن ليس واضحاً إذا ما كان الهدف هو المواجهة أو التوصل إلى حل عبر التفاوض. الخيوط ليست مقطوعة تماماً، والرئيس الأميركي دونالد ترامب يؤمن بالمصالح أكثر مما يؤمن بالايديولوجيا. وبالتالي، لا ضمانات حول ما إذا الهدف تغيير السياسة الإيرانية أو تغيير النظام. وليس واضحاً ما إذا الهدف تغيير السلوك أو تغيير السياسة. وتغيير السلوك مسألة تخفيفية بالنسبة إلى تغيير السياسة برمتها. والسؤال، هل إذا حصل تفاوض لاحق سيتغير شيء؟
ويأتي مؤتمر بولندا في إطار مسار الضغوط على إيران، وهو ليس محطة تفاوضية. وهو سيبحث إستناداً إلى المصادر مواضيع لها علاقة بالشرق الأوسط وعدم زعزعة استقراره وسيتوصل إلى إنشاء مجموعات عمل حول الأوضاع الإنسانية في الشرق الأوسط، والاسلحة البالتسية ومحاربة الإرهاب. وبالتالي، على الرغم من عناوين المؤتمر المتصلة بالمنطقة، فإن هدفه بحثي، لكن جوه سلبي تجاه إيران.
كذلك هو ليس مؤتمراً مثل مؤتمرات التجمع الدولي من أجل اليمن أو سوريا. ومثل هذه التجمعات الدولية تصدر عنها مواقف واضحة، لكن غياب روسيا المتوقع عن مؤتمر بولندا يحصل لكي تتلافى القبول بما هو عملي في مسيرة حصار إيران.
بالنسبة إلى اليمن حصل تحالف دولي مغطى من مجلس الأمن، بالنسبة إلى سوريا التي لا زالت عضواً في الأمم المتحدة، حصل تحالف دولي إنطلاقاً من قضية الإرهاب. وبالتالي، من الصعب أن ينتقل التحالف الدولي في بولندا إلى خطوات عسكرية إلا إذا دخل من باب ما من أبواب الإرهاب، وهذا غير مطروح الآن، ولا يحظى هذا التجمع أيضاً بغطاء من مجلس الأمن. قد ينتج عن المؤتمر ضغوط مقاطعة، أو ضغوط إقتصادية ومخابراتية، لكن من الصعب أن يكون هناك تحالف شغال عملي ودائم على الأرض. وقد يعمل المؤتمر بشكل متدرج على إتهام إيران ومحاسبتها. أنه شكل من أشكال الضغط، بالتزامن مع العقوبات.
حتى الآن ليس واضحاً إذا ما كان الأميركيون يستهدفون سلوك إيران أو النظام. مع أن السلوك يشكل جزءًا من العقوبات على النظام، والإدارة الأميركية الحالية تذهب دائماً إلى اللعب على حافة الهاوية والذهاب حتى النهاية والتهديد بالحرب، للضغط على من يواجهها للعودة إلى طاولة التفاوض.
وتقول مصادر ديبلوماسية، أن هناك مقاربتين مختلفتين لانعكاسات العقوبات الأميركية والمسار التصعيدي ضدها. المقاربة الأولى، تشير إلى أن كل ذلك لن يكون له تأثير فوري. لكن حتماً سيكون له انعكاسات بعد مرور وقت، وبعد إنقضاء مهلة الأشهر الستة لإعفاء الدول الثماني من الإلتزام بها. وتشير أيضاً إلى أنه ليس من الضروري أن تقول واشنطن مباشرة بتغيير النظام، على إعتبار أن تغيير السلوك قد يؤدي إلى ذلك تدريجياً، مع انعكاسات العقوبات على الناس. وبالتالي، إن التشدد في موقف "حزب الله" في مرحلة تشكيل الحكومة يدل على المأزق الجدي والهدف تحصيل مكاسب، بالتزامن مع الضغوط الأميركية لإضعاف نفوذه ونفوذ إيران في سوريا.
أما المقاربة الثانية، فتقول أنه لا يبدو أن إيران وحلفاءها في وارد تقديم تنازلات على المدى المنظور. هناك "كباش" قائم بالتوازي مع العقوبات على إيران و"حزب الله". وفي سياق ذلك وفي ظل وقائع التراجع على الأرض لمصلحة روسيا وإيران في العديد من الملفات، فإن الخطورة أن تبقى التوازنات في الملفات غائبة، إذ لا تكفي الضغوط الأميركية على الحلفاء في المنطقة للتشدد وعدم التنازل.