أطلّ بالأمس أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في لقاءٍ تلفزيوني على قناة الميادين بعد غيابٍ دام قرابة الثلاثة أشهر، ليتناول ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بالملفّات الساخنة: ملف العلاقة مع العدو الإسرائيلي، والذي نال الحصّة الوفيرة، والملف السوري، وأخيراً الملف اللبناني الذي تناوله على عجل، وعليه يمكن تسجيل بعض الملاحظات الأوّليّة.
أولاً: ملف المواجهة مع العدو الإسرائيلي...
وكما كان مُتوقّعاً، لم يُقدّم السيد نصرالله في حواره التلفزيوني بالأمس شيئاً جديداً، سواء بالمواجهة الدائمة مع العدو الإسرائيلي، أو بموقفه وموقف حزبه من مجريات الحرب السورية، والأحداث في اليمن والعلاقات مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
في علاقة المواجهة الدائمة والمفتوحة مع العدو الإسرائيلي (ورمزها رئيس الوزراء نتنياهو كما يُركّز السيد)، لم يغادر السيد نصرالله مواقفه السابقة والمُكرّرة عشرات المرات، والتي تقتصر على توجيه رسائل التحذير وإسداء النصائح، نصائح كلّ واحدة منها تستحقّ "جملاً" حسب القول الشائع عن العادة العربية القديمة.
اقرا ايضا : الإمامُ المُغيّب بجانب الإمام الغائب
وإذ أقرّ السيد بوجود أنفاق على الحدود اللبنانية-الفلسطينية، يخلُص من ذلك إلى تسجيل إخفاقات إسرائيليّة، وسياسات طائشة لم تؤد إلاّ إلى دبّ الرعب في أوساط المستوطنين الإسرائيليّين، إلاّ أنّ إصرار السيد على امتلاك كافة قرارات السلم والحرب مع إسرائيل، واستعداداته التّامة لخوض معارك مفتوحة مع إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية واللبنانية، لم تترك، ولن تترك سوى المزيد من الخشية والقلق لدى اللبنانيين، والتي تُقارب حدود الرُّعب الذي أصاب ويُصيب سكان المستوطنات الإسرائيلية.
ثانياً: مآلات الحروب السورية...
قدّم السيد تحليلاً للوضع السوري الراهن وخرائط انتشار القوات الأجنبية في الشمال السوري، وبعد تأكيده وفق رؤيته وحسب معلوماته، على انتصار "النظام" بوجه قوى الإرهاب والتّكفير، عمد إلى رسم لوحة ميدانيّة للأوضاع المعقّدة والحسّاسة لانتشار الأتراك والرّوس والأميركيّين والاكراد والنظام (مع حلفائه) على تخوم إدلب ومنطقة شرق الفرات، لوحة رُسمت بخطوطها العريضة وتفاصيلها بدقّة وموضوعية، مع الاحتفاظ دائماً بنبرة العداء للاميركيّين والمُحاباة للرّوس، والتّوجُّس والتّشكيك في النوايا التركية، والتّماهي مع الدور الإيراني بالطبع.
ثالثاً: الملف اللبناني...
في هذا الملف خيّب السيد آمال من انتظر إطلالته هذه منذ أكثر من عشرة أيام، إذ توقّع كثيرون أن يُقدم على فتح "كُوّةٍ" في حائط الأزمة الحكومية المتمادية، منذ أن سدّ أبواب التأليف الحكومي ب"حجر" اللقاء التشاوري السّنّي في إطلالته الأخيرة قبل حوالي ثلاثة أشهر، إذ به اليوم يُعيد تأكيد موقفه بضرورة تمثيل هذا اللقاء، حسب نتائج الإنتخابات، وتمشّياً مع مقتضيات تأليف حكومة وحدة وطنية.
انتهى خطاب السيد كما بدأ، قصائد مدح وتبجيل يُتقنها الإعلامي غسان بن جدّو (مع سائر زملائه)، وسيّد "مرتاح جداً على وضعه"، أمّا اللبنانيّين الذين يُعانون الفقر والمرض والبطالة والفساد والتّلوُّث البيئي، فعليهم أن يتحلّوا بالصبر، بانتظار تأليف حكومة جديدة، كي تبدأ مسيرة مكافحة الفساد التي سيقودها حزب الله، بحضور كافة "الفاسدين"، والذين شهد اليوم السيد بكفاءاتهم ومهاراتهم في الصفقات ونهب المال العام وفق القوانين المرعيّة الإجراء.