هذا الأسبوع ينطوي الشهر الثامن على أزمة تأليف الحكومة، وتدخل البلاد في الشهر التاسع من دون حكومة أصيلة، ويبقى الوضع عالقاً في ظل حكومة تصريف أعمال لا قدرة لها على القيام بما أصبح ملحاً سواء لجهة الوضع المالي والوضع الإقتصادي ووضع الإدارة ومسألة رواتب القطاع العام وقضية الكهرباء.
عاد الجميع الى مربع الحكومة، للتذكير ولإنعاش الذاكرة الحكومة الجديدة التي ستأتي، يُفترض ان تضع نصب عينيها تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر، هل يذكر أحد أن مؤتمر سيدر انعقد في مطلع نيسان من السنة الماضية؟ وبعد نحو شهرين سنحتفل بالذكرى السنوية الأولى على المؤتمر الذي تكاد مقرراته أن تتبخر بسبب غياب الحكومة التي يجب أن تنفذ مقرراته؟
يبدو انها فرصة وضاعت، فمن أين سيتمكن لبنان أن يعيد جمع 48 دولة ومنظمة والعديد من ممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني شاركوا في المؤتمر؟
انطلق مؤتمر سيدر من خطة طموحة قدمها الرئيس سعد الحريري، هذه الخطة لكي تتحقق تحتاج الى حكومة التي هي بمثابة الطبيب بالنسبة إلى المريض، فما نفع التشخيص الصحيح للعلة اذا كان الطبيب غير موجود؟
إقرأ أيضًا: بعد قمة بيروت هل من مؤشرات ايجابية
أحدث تقرير صدر عن وكالة موديز للتصنيف الإئتماني وفيه أن الوكالة خفضت التصنيف الائتماني للبنان، وأن عدَّلت النظرة المستقبلية الى مستقرة من سلبية، وقالت الوكالة أن استمرار التأخير في تشكيل الحكومة سيزيد الضغوط على السيولة في لبنان.
القوى السياسية بدأت تبث اجواء تفاؤلية بعد التشنج الذي سبق انعقاد القمة العربية الإقتصادية في بيروت، فهل هذا التفاؤل مصطنع أم حقيقي؟
هل المقصود منه استيعاب حال اليأس والاحتقان لدى الرأي العام أو مبني على معطيات واقعية؟
مصادر وزارية متابعة لموضوع التشكيل كشفت عن اتصالات مكثفة حصلت في الساعات الأخيرة عكست جدية في موضوع التشكيل بعيدة عن المناورات، اذ أن المسؤولين اللبنانيين سمعوا على هامش انعقاد القمة كلاماً قاسياً واستياءً عارما عربياً ودولياً من أن الوضع في لبنان أصبح منهاراً، لاسيما على الصعيدين المالي والإقتصادي نتيجة اللامبالاة اللبنانية لما وصلت إليه الحال، كما تلقوا تهديدات بايقاف كل المساعدات.
من حضر على هامش القمة سمع أيضا تهديداً قاسياً بأن سيدر قد انتهى ولن تلتزم الدول المشاركة فيه بفلس واحد في حال تأخرت الحكومة أسبوعاً إضافياً، كذلك الصناديق العربية والخليجية ستوقف المشاريع التي تدعمها في لبنان في ظل غياب الحكومة.
إقرأ أيضًا: هزالة قمة بيروت نتيجة ازمة النظام العربي!
عند هذه المعطيات الخطيرة لابد من المسؤولين اللبنانيين ان يوقفوا الهروب إلى الإمام، وأن تتوقف معركة قذف اتهامات التعطيل في ما بينهم لان الوضع لم يعد مقبولا، لكن هل انتظر المعنيون تهديدًا حتى يتحركوا ويسهلوا التشكيل؟
التهديد وحده ليس كافياً، إذ تشير معطيات نقلتها مصادر وزارية وجود فرصة إقليمية مهمة قد تساعد في التشكيل إذا اسرع اللبنانيون للاستفادة منها، قد يكون الوضع الميداني في سوريا مع عودة الانفجارات الإرهابية إلى أكثر من مدينة لاسيما في اللاذقية مع ما ترمز للنظام السوري، وقد تكون هذه العمليات لإسقاط مقولة أن النظام في دمشق قد انتصر، إلى جانب الغارات الإسرائيلية المستهدفة للمواقع الإيرانية وتلك التابعة لحزب الله في دمشق.
تضيف هذه المصادر أن وكيل الخارجية الأميركية ديفيد هايل أبلغ من التقاهم في بيروت عن توافق أميركي روسي حول الوضع في سوريا، والدور الإيراني هناك.
في أي حال فإن سيناريو اليوم يشبه إلى حد كبير السيناريو الذي رافق ولادة حكومة الرئيس تمام سلام، حيث تمت الاستفادة من لحظة سريعة لتشكيل حكومة بعد تأخر استمر احد عشر شهراً، مع فارق بسيط متعلق بتهديد المؤسسات الدولية والعربية بقطع علاقاتها ومساعداتها للبنان في حال استمر التعطيل.
ونتيجة للتسهيل فقد تم التوافق أن تكون الحكومة متوازنة من دون أن يتمتع أي فريق بثلث معطل أو ضامن وإذا صحت المعلومات بان الوزير باسيل تراجع عن الثلث المعطل تكون الحكومة قد اقتربت إذا لم تولد مشكلة جديدة.