إنّ صلاحيات رئيس الجامعة تخوّله أن يعيّن عمداء للكليات بالتكليف إذا ما فرغت عمادة ما، كمثل تقاعد أحد العمداء. فيصبح العميد المعيَّن من الرئيس «عميداً بالتكليف» يتولّى شؤون الكلية بانتظار أن يقوم مجلس الوزراء بتعيين عمداء أصيلين.
ويضمّ مجلس الجامعة الحالي ستة عمداء بالتكليف، منهم مَن عيّنهم الرئيس أيوب نفسُه كمثل عميدَي الصيدلة والآداب.
لكن ما يحدث الآن أنّ كلية السياحة باتت من دون عميد بعدما تقاعدت عميدتُها امال ابو فياض منذ 8 كانون الثاني، وكان يُفترض برئيس الجامعة تكليف أحد الأساتذة بمهام العمادة. لكنّ أيوب، المحسوب على الحركة، أحجم عن التكليف وفاجأ الجميع بإعلانه أنه سيقوم هو نفسُه بإدارة الكلية وتوقيع معاملاتها، من دون إعطاء أيّ تفسير لذلك.
ويبدو أنّ الرئيس يتحاشى التكليف في هذه الكلية لأنه يصبح مضطراً الى تكليف الدكتور حنا المعلوف المحسوب على «التيار الحر»، وهو المرشح المنتخَب من مجلس الجامعة لهذا المنصب، وينتمي الى طائفة العميدة السابقة.
وكان مجلس الجامعة رفع ترشيحات لكل كليات الجامعة في حزيران الماضي تمهيداً لتعيين عمداء جدد، لأنّ مدة العمداء الحاليين انتهت في شهر آب 2018. وكان الدكتور حنا المعلوف المرشح المسيحي الوحيد بين المرشحين الثلاثة الذين فازوا في الانتخاب. لذلك كان يُفترض برئيس الجامعة أن يعمد الى تكليفه بتسيير شؤون عمادة كلية السياحة تحاشياً للفراغ. لذلك فإنّ إحجام أيوب عن التكليف وقيامه هو بتسيير أعمال العمادة يطرح اكثرَ من علامة استفهام، حسب مصادر مستقلّة على علاقة جيدة مع «الحركة» و»التيار».
ويبدو أنّ ما يحصل في كلية السياحة هو السيناريو ذاته الذي حصل في كلية الإعلام في شهر تشرين الثاني الماضي حين استقال العميد جورج صدقه من منصبه كعميد لكلية الاعلام، حيث كان من المفترض أن يقوم الرئيس بتكليف الدكتور ابراهيم شاكر المرشح من مجلس الجامعة لتولّي المنصب حفاظاً على التوزيع الطائفي كما أقرّته تعيينات مجلس الوزراء.
غير أنّ أيوب لم يردّ على كتاب استقالة العميد صدقه طوال اسابيع كما لم يرفعه الى وزير الوصاية للبتّ به، لا بل اعتبر أيوب أنّ صدقه متغيّب عن مهامه وقام هو بتسيير أمور الكلية في الأسبوعين الأوّلين، قبل أن يسمح للدكتور عماد بشير مدير الفرع الأول، والمحسوب على الحركة، بتسيير شؤون العمادة، الأمر الذي تسبّب في بلبلة لوجود عميدين في المركز ذاته، كما أوقع الجامعة في مغالطات إدارية.
وللمصادفة فإنّ المرشحين ابراهيم شاكر وحنا المعلوف كلاهما محسوب على «التيار الوطني الحر»، لذلك يطرح المتابعون لملف الجامعة اكثر من سؤال عن سبب عدم تكليفهما وهل إنّ لذلك علاقة بشدّ الحبال الحاصل بين «التيار» والحركة؟
العارفون بشؤون الجامعة يلفتون الى أنّ عدد العمداء الشيعة بات ينقص واحداً، وهو عمادة طب الأسنان التي كان عميدُها فؤاد أيوب قبل أن يتمّ تعيينُه رئيساً للجامعة. وقد تكلّف بها أحد الأساتذة المسيحيين. لذلك فإنّ هناك توجّهاً ضاغطاً على رئيس الجامعة باستعادةِ عمادةٍ ما من المسيحيين. وكأنّ المحاولة الأولى جاءت في عمادة كلية الإعلام والثانية اليوم محاولة في كلية السياحة، علماً أنّ التوزيع الطائفي للعمادات كان صدر عن مجلس الوزراء عام 2014، ولا يجوز تغييرها قبل الاتفاق على توزيع آخر. كما أنّ المسيحيين باتوا أقلّية في مجلس الجامعة اذا ما تمّ احتساب ممثلي الاساتذة المنتخبين في الكليات.
ويشير هؤلاء العارفون الى أنّ رئيس الجامعة، وإن تخلّى عن عمادة طب الأسنان، لكن تبقى له الكلمة الفصل في هذه الكلية بسبب معرفته بملفاتها وارتباط الأساتذة المباشر به. كما يأسف هؤلاء للضغوط التي تمارَس على رئيس الجامعة وتحدّ من حرّية حركته.
هذا الوضع المتخبّط في الجامعة الوطنية سيجعل ملفها حاضراً على مكتب وزير التربية حالما تتشكّل الحكومة من أجل تكوين مجلس جامعة جديد وتعيين عمداء جدد لأنّ العمداء الحاليين قد أمضوا اكثر من 4 سنوات في منصبهم، وهي المدة القصوى التي يسمح بها القانون من دون أن يكون لهم الحق بالتمديد.