عاود القضاء اللبناني تحريك ملف مقتل الشاب علاء أبو فرج، أحد مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي قُتل في السابع من مايو (أيار) في منطقة الشويفات (جبل لبنان)، خلال اشتباك مسلّح بين عناصر من الحزب الاشتراكي، وآخرين من الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة النائب طلال أرسلان، على خلفية نتائج الانتخابات النيابية، حيث يلاحق القضاء شخصين مقرّبين من أرسلان، أحدهما مرافقه أمين السوقي، الذي فرّ إلى سوريا بعد وقوع الجريمة، ما استدعى حرب تصريحات عنيفة واتهامات متبادلة بين رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط من جهة، وأرسلان من جهة أخرى.
ورأت مصادر قريبة من جنبلاط أن ثمة «أمر عمليات» من النظام السوري لاستهداف جنبلاط عبر تحريك ملفات أمنية، على غرار الاستفزازات التي تمثلت في مظاهرات استفزازية فيها مسلحون، سبقت الاشتباك المسلح بين عناصر مقربة من الوزير السابق وئام وهاب، مع قوة من قوى الأمن الداخلي حاولت إحضاره للتحقيق، كما على غرار الاشتباك الذي أدى إلى مقتل مناصر جنبلاط والمتهم فيه مرافق الوزير أرسلان.
واستمع، أمس، قاضي التحقيق الأول في بيروت نقولا منصور، إلى إفادة النائب طلال أرسلان كشاهد في القضية وبناءً على طلبه، وأفادت مصادر مواكبة لمجريات القضية، بأن أرسلان «قدّم ما لديه من معطيات عن الحادثة، وبعض الصور التي تعزز معطياته». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن أرسلان «تحدث عن خلفيات سياسية تقف وراء اتهام الحزب الاشتراكي لاثنين من مرافقيه بمقتل أبو فرج، بما يعطي مؤشراً على تحميله (أرسلان) مسؤولية مقتل هذا الشاب، ويفتح الباب أمام استهدافه أمنياً وجسدياً، بما يؤكد أن القصّة أبعد من الرغبة في كشف هوية القاتل الحقيقي للضحية».
وأعلن أرسلان في تصريح له بعد مغادرته جلسة التحقيق، أن «هناك خطأ كبيراً حصل من النيابة العامة (في جبل لبنان) بالادعاء على شابين بتهمة القتل من دون وجود دليل». وقال: «أنا لست هنا لأغطي أحداً وكلنا تحت سقف القانون، والقضاء عليه أن يتحمل مسؤولية الاتهام المباشر، وما حصل في الشويفات حصل نتيجة قرار سياسي مسبق»، مضيفاً: «اتخذت صفة الادعاء الشخصي بمحاولة قتلي وهدر دمي بالهجوم على دار خلدة (قاصداً بذلك عناصر من الحزب التقدمي الاشتراكي)، والحصانة النيابية لا تعني لي شيئاً، أنا أتحمل كامل المسؤولية، وإذا كنا مدانين فليحاسبونا وإذا أخطأ غيرنا فليحاسَب أيضاً»، مشيراً إلى أن «الطبيب الشرعي اعترف بأنه لم يكشف على الجثة (القتيل أبو فرج) إلا في المستشفى، وهذه مخالفة فاضحة لكل النصوص القانونية بالمطلق، وقد ادّعيت بمحضر شهادتي على التلاعب بمسرح الجريمة وعلى التلاعب بالأدلة وإخفائها وإخفاء الأسلحة التي كانت موجودة».
وأبدى أرسلان استعداده لـ«تقديم المساعدة لمعرفة القاتل»، معتبراً أنه «من المعيب اتهام أمين السوقي وبقية الشباب باتهام سياسي من دون أدلة». وختم قائلاً: «إذا كان وليد جنبلاط يريد القضاء فنحن أيضاً نريده، لكن لن نقبل بقضاء على أمين السوقي من دون قضاء على أكرم شهيب (النائب والوزير في الحزب التقدمي الاشتراكي)».
وكان الحزب التقدمي الاشتراكي قد اتهم أرسلان بحماية مرافقه أمين السوقي داخل منزله وعدم تسليمه للقضاء للتحقيق معه، قبل أن يتمكن السوقي من الفرار إلى سوريا، وقد ظهر أكثر من مرّة يقف خلف أرسلان في أثناء زيارات الأخير لسوريا، وهو ما عزز الخلافات بين الطرفين.
تصريحات أرسلان، استدعت ردّاً سريعاً من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، الذي قال في مداخلة له عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «يبدو أن الشيطان الأكبر دخل على التحقيق في قضية الشهيد محمد أبو دياب (مرافق وئام وهاب وتدخل الأخير في مجريات التحقيق) فاختفت كل الأدلة بسحر ساحر، كما دخل الشيطان الأصغر (غامزاً من قناة طلال أرسلان) على قضية الشهيد علاء أبو فرج، وأصبح المتهم أمين السوقي بحماية ماهر الأسد». وأضاف جنبلاط: «على المرء أن يقرأ الرسالة من عنوانها لكنّ صبرنا طويل جداً، ومرت علينا أيام أصعب وصمدنا».
وسارع الوزير الأسبق وئام وهاب للردّ على جنبلاط، وقال: «أتمنى عليك يا وليد بك عدم التدخل بالتحقيق في اغتيال محمد أبو دياب». وأضاف: «الأدلة واضحة عند القاضي في المحكمة العسكرية، ونتمنى عليك وقف التضليل، وهذا الموضوع سيصل إلى النهاية، وسنحاكم القاتل، وهذا ما أبلغته اليوم لمرجع كبير».