تخطت الاعتداءات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا، كل الحدود الحمر وبات الموضوع أكثر من مجرد منع شحنات أسلحة متوجهة إلى لبنان، ولا حتى استهداف لمواقع أو معسكرات ومخازن كانت تدعي إسرائيل أنها قد تخل بالتوازانات العسكرية بالمنطقة أو تحدث فارقًا بموازين القوى.
فالهجمات الأخيرة التي إستهدفت مواقع لفيلق القدس بحسب الرواية الإسرائيلية، كان لها طابع خاصة ولم تختصر على قصف الأهداف فقط بل تعمد العدو على أن يكون القصف من نوع آخر هذه المرة، إن من حيث الإعلان عن المسؤولية المباشرة والتبجح بالتفاصيل (مدة الغارة - تسمية الأهداف - فيديوات توثق الاعتداء - تصوير يفضح الدفاعات الجوية...)، وكأن الغاية هذه المرة تخطت الشأن الميدان إلى ما هو أبعد، فالتحدي الإسرائيلي الوقح قد أظهرت ايران وفيلق قدسها بمظهر الذليل الضعيف فضلًا عن الخسائر التي تكبدها وهذا ما تقصده العدو ونجح بذلك حتى اللحظة.
إقرأ أيضًا: لو كنت ميشال عون
السؤال الطبيعي هنا، لماذا تسكت ايران عن كل هذا الإذلال؟؟ ولم تحرك أذرعتها بالمنطقة لرد يحفظ شيء من ماء الوجه في لحظة يدعي الإعلام التابع لها إنتصاره على الارهاب وتفرغه للمعركة الأساسية مع إسرائيل كما قال السيد حسن في إحدى خطاباته منذ فترة.
فحزب الله الخارج من حرب طاحنة قد إكتسب خبرات قتالية عالية كما أخبرنا، وأعداد صواريخه بإرتفاع، نوعا وكمّا، وكل الظروف مؤاتية لفتح الجبهات والرد إن من جنوب لبنان تحت ذريعة بناء الجدار في المناطق المتنازع عليها وهي ذريعة محقة، أو بسبب خرق طائرات العدو للأجواء اللبنانية وهذا أيضًا يعتبر من ضمن الوظيفة التي يدعيها الحزب (حماية لبنان).
بالرغم من كل ما تقدم، نجدنا لا نسمع الاّ تهديدات فارغة من قبل المسؤولين الإيرانيين أو ما جاء على لسان بشار الجعفري، من تهديدات مضحكة لدرجة أنها تثير الغثيان ولا تردع العنجهية الإسرائيلية بل تزيدها تعنتًا.
إقرأ أيضًا: القمة ... والأرنبان
أعتقد أن الجواب على هذا التساؤل، والسبب وراء هذا الرضوخ الإيراني، هو ما جاء بصحيفة "هآرتس" منذ أسابيع عن مصادر سياسية رفيعة قولها "إنه في حال ضربت إيران العمق الإسرائيلي، سواء من داخل سوريا أو بواسطة حزب الله اللبناني، فإن الرد الإسرائيلي سيكون في قلب الأراضي الإيرانية".
فإيران التي تعودت خوض المعارك بالواسطة، قد وضعها الإسرائيلي هذه المرة في قلب المعركة وأن ايران نفسها سوف تُستهدف، ولأن هذه المعادلة الجديدة هي معادلة حقيقية فإن الرد "الإيراني" سيختصر على التصريحات الكلامية ليس الا، وستتجرع إيران المزيد من كؤوس الذل ،،، لأن المهم هو تحييد إيران عن كل أذى.