توقعت وكالة اعلام الطاقة الأميركية ان تصبح الولايات المتحدة مصدراً للنفط في الربع الثاني من ٢٠٢٠، ففي نهاية ٢٠٢٠ حوض برميين الأميركي سينتج ٤.٨ مليون برميل في اليوم من النفط الصخري ما يمثل ٣٦ في المئة من انتاج نفط اميركا المتوقع للسنة المقبلة. والملفت ان هذا الارتفاع في الانتاج يحدث في مرحلة انخفاض اسعار النفط الذي يظهر عدم تأثر الانتاج الصخري باسعار منخفضة. فالمفروض ان كلفة انتاج النفط الصخري مرتفعة وان تدني سعر النفط يوقف انتاج النفط الصخري. ولكن، يبدو ان الشركات الأميركي ة استطاعت تطوير تقنيات لاستخراج النفط الصخري بكلفة اقل من الماضي. ويبدو ان المنافس الاول لدول اوبك سيكون في السنوات المقبلة النفط الصخري الأميركي.
وجهود دول اوبك لتخفيض انتاجها النفطي للتصدي لانهيار اسعار النفط قد تتحول الى خدمة لمنتجي النفط الصخري الأميركي وسبق لوزير النفط السعودي خالد الفالح القول ان الاجراء الذي اتخذته اوبك بتخفيض الانتاج في كانون الاول (ديسمبر) يمثل عجلة انقاذ لمنتجي النفط الصخري الأميركي. وقال ان عدداً من الشركات المنتجة للنفط الصخري الأميركي تتصل به لانقاذهم عندما ينخفض سعر النفط الى مستوى يجعل المستثمرين يخرجون من مشاريع الانتاج. وقال الفالح في ابو ظبي انهم يريدون ان تقوم اوبك بالعمل ويريدون الاستفادة من ذلك، ولكنه اوضح ان انتاج اميركا يؤدي ايضا الى تخفيض هشاشة السوق النفطية.
ان زيادة انتاج النفط الصخري في اميركا وموقف المتعاملين في هذا القطاع يناقض تغريدات الرئيس الأميركي الذي سبق ان طالب اوبك بضرورة تخفيض سعر النفط. ولكنه ربما يدرك ان مصلحة شركاته للنفط الصخري ليست في انخفاض كبير لاسعار النفط. واكد الفالح في مؤتمر ابو ظبي ان السعودية تبذل اقصى الجهد لدعم سعر النفط واكد في هذا المجال ان صادرات النفط السعودية سيتم تقليصها الى ٧.٢ مليون برميل في اليوم هذا الشهر اي ان الانتاج السعودي في كانون الثاني (يناير) سيكون ١٠.٢ مليون برميل في اليوم نسبة لـ١١ مليون برميل في اليوم في نوفمبر تشرين الثاني. وقال انه غير قلق لان الاقتصاد العالمي قوي بما يكفي.
والتوقعات بالطلب على النفط العالمي تختلف من منظمة الى اخرى. فحسب منظمة اوبك الطلب على النفط في العالم سيزيد في هذه السنة ب١.٢٩ مليون برميل في اليوم اي ان الطلب على النفط كما توقعته اوبك سيبلغ خلال السنة ١٠٠.٠٨ مليون برميل في اليوم، واغلبه سيكون من دول آسيا (الهند والصين) ثم دول منظمة التعاون الاقتصادي واميركا. اما وكالة الاعلام للطاقة الأميركي ة فتوقعاتها للطلب على النفط خلال هذه السنة والسنة المقبلة هي اكثر تفاؤلاً، اذ تتوقع نمواً على الطلب ب١.٥ مليون برميل في اليوم، معتبرة ان الطلب الصيني على النفط لن يتراجع مثل تراجع نمو هذا البلد الاقتصادي، لان الصين قيد تشغيل عدد من المصانع البتروكيماوية في ٢٠١٩ و٢٠٢٠. فلا شك ان النمو على الطلب على النفط يساعد في منع اسعار النفط من الانهيار. ولكن زيادة العرض النفطي في العالم وخصوصا الانتاج الصخري الأميركي، قد تحول دون ارتفاع اسعار النفط بشكل ملموس، باستثناء حدوث طارئ تقني او جيوسياسي في مكان نفطي في العالم. واليوم رغم الاوضاع الامنية المتدهورة في ليبيا تحاول ليبيا استعادة مستواها الانتاجي الذي كان في ٢٠١١، وقد بدأ اللواء خليفة حفتر بعملية عسكرية في الجنوب لتأمين منشآت نفط حقل شرارة الكبير. والاوضاع الجيوسياسية في مناطق النفط في دول اوبك متقلبة ومتأزمة، واي طارئ ممكن في منطقة فيها صراعات عدة. قد يرفع سعر النفط، ولكن توقعات النفط الصخري الأميركي هي التحدي الاول لاوبك ولاسعار نفط قد تنخفض اذا استمر النفط الأميركي في الزيادة. لذا على دول اوبك ان تحذر من هذا التطور الذي قد يؤدي الى هبوط اسعار النفط في السنوات المقبلة.