أكد وزير ونائب رئيس البرلمان الإيراني توجيه رسالة من وزراء حكومة حسن روحاني تحذر المرشد الإيراني علي خامنئي من تبعات التأخر في موافقة أجهزة الدولة على مشروع الحكومة في الانضمام إلى اتفاقيتي مكافحة تمويل الإرهاب (CFT) و مكافحة «الجريمة الدولية» (بالرمو).
فيما تضاربت المعلومات أمس حول تلويح الوزراء بالاستقالة الجماعية.
وتسابق حكومة حسن روحاني الزمن لإقناع دوائر صنع القرار في إيران بمشروعها للامتثال بمعايير اتفاقية مجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف) قبل انتهاء موعد مهلة طهران في الانضمام إلى اتفاقيات دولية تبدد المخاوف من مخاطر العمل المالي مع البنوك الإيراني.
وفي حال لم تتعهد إيران بالتزامات قطعها وزير الخارجية الإيراني بموازاة مفاوضات الاتفاق النووي، فإن مجموعة فاتف ستفرض عقوبات على بنوك إيران وهو ما يعادل خسارة حكومة روحاني بعضا من حظوظها في الإبقاء على تعاون مالي، خاصة مع الدول المتبقية في الاتفاق النووي، الثلاثي الأوروبي (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) إضافة إلى الصين وروسيا.
وأكد وزير الرفاه الإيراني محمد شريعتمداري أمس ما تناقلته وسائل إعلام إيرانية عن توجيه رسالة من وزراء في حكومة حسن روحاني تطالب المرشد الإيراني بالتدخل العاجل لمناقشة لائحتي انضمام إيران إلى اتفاقية «مكافحة تمويل الإرهاب» واتفاقية «مكافحة الجريمة المنظمة» (بالرمو). وأفادت وكالة «إرنا» الرسمية عن شريعتمداري بأن الوزراء حذروا في رسالة إلى المرشد الإيراني من تبعات تأخر طهران في الانضمام إلى الاتفاقيتين مما يؤدي إلى عرقلة الحركة المالية الإيرانية والتأثير على محاولات الحكومة في الوصول إلى البنوك الخارجية.
وقبل شريعتمداري بساعات كتب عضو هيئة رئاسة البرلمان والنائب عن كتلة «الأمل» علي رضا رحيمي عبر حسابه في «تويتر» أن عددا من الوزراء وجهوا رسالة للمرشد مما دفع نواب التيار المحافظ إلى اعتبار الرسالة «تهديدا بالاستقالة الجماعية» بحسب رحيمي.
وكانت وسائل إعلام إيرانية تناقلت تقارير عن تهديد وزراء حكومة روحاني بتقديم استقالة جماعية في حال رفض الانضمام إلى الاتفاقيتين.
ولم يؤكد كل من شريعتمداري ورحيمي ما تناقله وسائل إعلام مقربة من «الحرس الثوري» والتيار المحافظ بشأن رسالة من الوزراء تهدد بالاستقالة الجماعية من الحكومة في حال لم يوافق مجلسا صيانة الدستور وتشخيص مصلحة النظام على الانضمام إلى «بالرمو» و«اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (CFT).
وقدمت الحكومة الإيرانية العام الماضي أربع لوائح تفتح الباب لامتثال إيران لمعايير مجموعة العمل المالي التي تتخذ من باريس مقرا لها وتراقب المخاطر في مجموعة المال الدولية. وتصنف المجموعة إيران وكوريا الشمالية على رأس قائمتها السوداء، لكنها تعلق إجراءاتها وفقا لالتزامات إيرانية بالامتثال لمعايير المجموعة.
وأقر البرلمان في نوفمبر (تشرين الثاني) مشروع الانضمام إلى اللائحتين إلا أن «مجلس صيانة الدستور» المسؤول عن مراقبة قرارات البرلمان اعتبره تهديدا للنظام.
وطالب نواب البرلمان هذا الأسبوع بتدخل مجلس تشخيص مصلحة النظام للفصل في الخلافات مع مجلس صيانة الدستور، وذلك بعد أسبوع من موافقة مجلس تشخيص مصلحة النظام على لائحة إصلاح تعديل تشريع داخلي بشأن مكافحة تمويل الإرهاب.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السبت الماضي ضيفا استثنائيا في اجتماع مجلس تشخيص مصلحة النظام ورد هناك على ملاحظات أعضاء المجلس لكن وسائل الإعلام الإيرانية لم تنقل التفاصيل واكتفت بنشر صور تظهر الوزير في حالة يأس وتوتر.
وتنفي الحكومة على مدى العامين الماضيين انتقادات خصومها بشأن تأثير مشروع الامتثال لمعايير مجموعة «فاتف» على أنشطة «الحرس الثوري» وخاصة ذراعه الخارجية «فيلق القدس» وميليشيات مسلحة موالية لطهران.
ويقول وزير الخارجية الإيراني إن مشروع الانضمام إلى الاتفاقية «يسحب ذرائع أميركية للضغط على إيران»، وترى أطراف داخلية أن تعريف إيران للإرهاب لا يتفق مع التعريف الذي تنص عليه الاتفاقيات الدولية.
في شأن متصل، قلل أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني من أهمية الدعوات للتفاوض مع الإدارة الأميركية بسبب «فشلها في الاتفاق النووي».
وقال شمخاني في حوار لفصلية السياسة الخارجية الإيرانية إن «العقوبات ليست آلية مناسبة» لدفع بلاده إلى التفاوض مرة أخرى حول قضايا «جرى التوافق عليها مسبقا»، وأضاف: «الولايات المتحدة رسبت ولن نثق في مجالات أخرى».
وكان شمخاني يشير إلى 12 شرطا أعلنها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في مايو (أيار) الماضي لعودة واشنطن إلى مفاوضات تؤدي إلى اتفاق شامل بين الدول الكبرى وإيران، وضمت الشروط تهديدات إيران الإقليمية وبرنامج الصواريخ الباليستية، إضافة إلى تمديد القيود النووية لأكثر من الفترة الزمنية التي ينص عليها الاتفاق النووي.
بدوره، قال رئيس البرلمان علي لاريجاني إن طهران «لديها قوتها في المنطقة ولا يمكن إلغاؤها» وقال إن «الأعداء يتحدثون اليوم ضد إيران ويتدخلون في القضايا الصاروخية لكنهم يعلمون أن إيران لديها عظمتها وقوتها في المنطقة».
وكان لاريجاني يعلق على مؤتمر «الشرق الأوسط» المقرر منتصف الشهر المقبل برعاية أميركية في وارسو.
ووصف لاريجاني المؤتمر بـ«اللعبة» غداة وصول نائب وزير الخارجية البولندي إلى طهران لشرح موقف بلاده من القمة التي أثارت غضب المسؤولين الإيرانيين على مدى الأيام الماضية وفسرتها أطراف كثيرة في الداخل الإيراني على أنها «مؤشر على حشد الولايات المتحدة تأييدا دوليا لتوجيه ضربة عسكرية لإيران».
في غضون ذلك، دعا نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري إلى ضرورة «تطهير رداء النظام من الفساد»، مشددا على أهمية التوصل إلى أفق أكبر للبلاد يليق بالشعب الإيراني.
وقال نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري إن الاتفاق النووي «أظهر أن القضية النووية ذريعة للولايات المتحدة من أجل ممارسة الضغوط».
بموازاة تحذيره من الفساد أشار جهانغيري إلى جاهزية النظام للاحتفال بالذكرى الأربعين على انتصار الثورة الإيرانية، مشيرا إلى أن مسؤولين أميركيين «قالوا لن نسمح بأن يحتفل النظام بعامه الأربعين».
وقال جهانغيري إن الولايات المتحدة «تريد انهيار النظام عبر شن حرب اقتصادية ضد النظام والشعب». مشيرا إلى أن «أكثر من 400 خبير ينشط في وزارة الخزانة الأميركية في إدارة العقوبات ضد إيران». مضيفا: «إننا لن نسمح بإذلال إيران» قبل أن يتوقف عند تأثير العقوبات التي بدأت بين عامي 2009 و2010 وأعادها دونالد ترمب بعد الانسحاب من الاتفاق النووي.
ورغم تحدي الولايات المتحدة، فإن المسؤول الإيراني دعا إلى ضبط السلوك الإيراني، ودعا إلى إقصاء أشخاص يساهمون بـ«الفساد في أجهزة الحكومة والقطاع الخاص وتطهير رداء إيران من الفاسدين».
ولم ينكر جهانغيري «الظروف القاسية للمجتمع الإيراني». لكنه رهن «إحباط الأهداف الأميركية» بإعادة النظر في «التخطيط والإدارة» و«الانسجام». وفي الوقت نفسه قال إن المسؤولين «على اطلاع كامل بالمشكلات التي يواجهها الناس ولكن لدينا برامج متعددة حتى لا يواجه الناس صعوبات معيشية».
ومع ذلك، نوه نائب الرئيس الإيراني إلى حاجة بلاده للتنمية وقال في هذا الصدد إنها «تملك أكبر ذخائر للغاز والنفط والمنطقة وتملك مناجم الحديد وطاقة بشرية يمكنها أن تكمل هذه السلسلة الفولاذية دون الاعتماد على الأجانب».