مجدداً ارجأت محكمة التمييز العسكرية محاكمة إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير و7 من رفاقه في ملف أحداث عبرا، بعد نقض الحكم الصادر في حقهم، والذي قضى بالإعدام لاربعة منهم بينهم الأسير. وقد عُيّنت الجلسة المقبلة في 7 آذار على أن تكون مخصّصة للاستجواب.
في هذا الاطار، أكّد المصدر نفسه لـ«الجمهورية» «أنّ المحكمة لن تتراجع عن بدء الاستجواب في الجلسة المقبلة حتى وإن فكر الأسير عدمَ الرد على الاسئلة والاعتكاف عن الكلام، وحتى لو تكرّر غيابُ وكلائه».
في التفاصيل
حتى الساعة الثانية عشرة ظهراً لا شيءَ كان يوحي بأنّ الجلسة المخصّصة لاستجواب الأسير في قاعة التمييز في المحكمة العسكرية قد تُعقد، فالتدابير الأمنية خجولة، وحركة سوق المساجين شبهُ معدومة، ولدى إستفسار الصحافيين، كان الجواب: «هلق مشيو من رومية»، فاشتعلت التحليلات، «المساجين مقاطعين الجلسات»، «شو انتظرو الشباب ليوعوا»، «صار الضُهر حِرزانة يجو؟»، وغيرها من الاجتهادات.
إلى أن أتى الفرج قرابة الواحدة إلّا ربعاً، حين دخل الأسير من الباب الخلفي للمحكمة، مكبّلَ اليدين، وتبعه بقية الموقوفين في أحداث عبرا التي تعود مجرياتها إلى 23 حزيران2013 واستشهد خلالها أكثر من 18 عنصراً من الجيش.
قرابة الواحدة إلّا عشر دقائق صدح صوت العسكريين داخل قاعة التمييز: «محكمة»، إشارة إلى إلقاء التحية العسكرية على هيئة المحكمة قبيل إنطلاق الجلسة.
إفتتح لطوف الجلسة في حضور ممثل النيابة العامة التمييزية القاضي غسان الخوري، فيما جلس الأسير في المقعد الثاني عن يمين قوس المحكمة وسط حراسة أمنية مشددة، اما المدّعى عليهم في الملف معه فوقفوا في القفص قبالته.
ونادى لطوف: «أحمد محمد هلال الأسير الحُسيني». فتردّد صوتٌ خافت في القاعة: «حاضر» وهمّ الأسير بمغادرة مكانه للمثول أمام هيئة المحكمة. فسأله لطوف: «أين وكلاؤك؟».
فردّ الأسير: «انطوان نعمة مريض، وعلى أساس محمد صبلوح وعبد البديع عاكوم يكونوا». شغلت الدهشة ملامح أعضاء هيئة المحكمة، فيما لطوف مضى في تعداد المدّعى عليهم وأسماء وكلاء الدفاع عنهم وهم عبد الباسط محمد بركات ويحيى طراف الدقماق، وكيلتهما المحامية عليا شلحا، خالد عدنان عامروقد غابت وكيلته المحامية زينة المصري، حسين محمد فؤاد ياسين ومحمد ابراهيم صلاح ومحمد علي الاسدي وكيلهم محمود صباغ، وربيع محمد الناقوزي وكيله المحامي احمد سعد.
ما أن انتهى لطوف من التعداد حتى كلّف أحدَ العسكريين التأكّد من المسؤولين عن تسجيل حركة الزوار إلى المحكمة من عدم حضور أيٍّ من وكلاء الأسير الثلاثة إلى المحكمة منذ الصباح. فجاء الجواب: «ريّس ما إجا حدا منن اليوم للمحكمة!».
بلحظةٍ ساد الصمت، وسيطر الوجوم على وجه لطوف الذي بصعوبة تمكّن من ضبط غضبه، وتوجّه للأسير بالقول: «وكلاؤك بدن يحضرو أو مقاطعين الجلسة؟». فردّ الأسير: «ما بعرف!». هنا علّق لطوف: «من 3 ما حدا حضر، معقول!».
عندها طلب ممثل النيابة العامة القاضي غسان خوري اعتبار وكلاء الأسير معتكفين عن حضور الجلسات، فقررت المحكمة تسطيرَ كتاب الى نقابة المحامين في بيروت، طلبت بموجبه تكليفَ محامٍ الدفاع عن الأسير في الجلسة المقبلة.
ثمّ حاول الأسير التوضيح قائلاً: «لو أنّ وكلائي يريدون الاعتكاف لكانوا أعلنوا ذلك على الملأ، كما أنني أرفض التخلّي أو تعيين بديل عنهم، والمحامي صبلوح كان أكّد لي قدومَه، وأستغربُ غيابَه». فسأله لطوف: «بدك تتحاكم أو لا؟ سبق وقلنا إنّ الجلسة ستُعقد وستُخصَص للاستجواب، وكل شيء مؤمَّن لك، وحقوقك مضمونة».
«بدّي إتحاكم»
بعدها أعرب الأسير للقاضي لطوف عن تمسّكه بوكلائه: «وكلائي لا يماطلون، والمرة الوحيدة التي طلبنا منك تأجيل الجلسة أيام رمضان، وأجّلتها مشكوراً». وأضاف: «أنا جاهز ومن مصلحتي أن أُحاكم، فأنا مريض ولا يُناسبني النزول أو الصعود من وإلى رومية».
رغم ذلك أكّد لطوف تسطيرَ كتاب إلى نقابة المحامين لتعيين وكيل للأسير ووكيل للدفاع عن خالد عدنان قائلاً: «في حال حضر الوكلاء أو أحدُهم نسير في الاستجواب، وفي حال تغيّبوا يكون البديل جاهزاً، وهذا يخدم رغبتك في أن تُحاكَم».
لم يكد يعلن لطوف إرجاءَ الجلسة إلى 7 آذار 2019، وما أن همّ أعضاء هيئة المحكمة بالمغادرة حتى طلب الأسير الكلام، فعادت الهيئة أدراجَها وأُعطي للأسير الكلام، فتوجّه للقاضي بالقول: «سبق وقلت إنّ حقوقي مؤمّنة، وهذا غير صحيح، وقد تدهورت صحتي بعد أن كنت في الريحانية، وحين نُقلت إلى المعلومات أُمِّنت قضية الغذاء، ولكن عدتُ ونُقلت إلى مبنى الخصوصية الأمنية، حيث لا غذاء، ولا تدفئة، أدنى حقوق السجين غير مؤمّنة، لذا طلبتُ نقلي إلى المعلومات وحتى الآن لم أُنقل».
فردّ لطوف بعد أن أعطى تعليماته بتدوين ما يجري في المحضر: «أنا مسؤول عن سير المحاكمة وتأمين حقوقك هنا خلال المحاكمة والجلسات، خارج المحكمة لا سلطة لي في السجون، لذا بوسعك الرجوع إلى النيابة العامة هذا كل ما بوسعي القيام به».
إلّا أنّ ممثل النيابة العامة القاضي غسان الخوري طلب «إهمالَ كلام الأسير لعدم علاقته بالمحاكمة».