طوت القمة العربية الاقتصادية في بيروت صفحاتها الثلاث، وطارت الوفود العربية المشاركة بعد أن غطّت لأيامٍ في أرقى فنادق العاصمة وكلّفت الدولة اللبنانية ما يقارب الـ10 ملايين دولاراً، ليعود ساسة لبنان لمواجهة تحدياتهم الداخلية، وعلى رأسها تشكيل الحكومة التي تدخل شهرها التاسع يوم الخميس المقبل.
تتجه الأنظار نحو "الرئيس القوي" الذي استطاع بالرغم من محاولات فرض الحصار على القمة العربية الاقتصادية التنموية والاجتماعية في بيروت، أن يثبّت بأن لبنان لا زال قادراً، وإن بخجَل، على أن يكون منصّةً تجمع كل العرب، فلماذا العجز أمام التأليف؟
"غداً ستبدأ حركة فيما يخص تشكيل الحكومة"... جملة كشفت عن بعث الحياة بمحركات التأليف من جديد، أزاح عنها الستار أمين سرّ تكتل "لبنان القوي" النائب إبراهيم كنعان بعد أيامٍ ثلاثة من سيطرة القمة الاقتصادية على المشهد السياسي اللبناني، لافتاً إلى أن هناك حركة "سيبدأها الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري على صعيد التأليف"، معوّماً من جديد مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون، كملاذٍ وحيد لتخطي هذه الأزمة.
بإيعازٍ من بعبدا، جاء قرار "تزييت" محركات التأليف، تؤكد مصادر مطلعة على ملف التشكيل. وتلفت إلى أن لا مبادرة جديدة في الإطار الحكومي، بل استكمالاً للأفكار المطروحة الموضوعة على الطاولة.
ترفض المصادر في حديثها لـ"السياسة" العودة لنقطة الصفر، "فمحركات التأليف توقفت عن العمل في مرحلةٍ متقدمة، وسيتم استئناف الحراك الحكومي من النقطة نفسها التي توقفت عندها، مع إسقاط اسم رئيس مجلس الدولية للمعلومات جواد عدرا". وهذا ما يؤكد كلام وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في كلامه قبل أيام، عندما قال "نبحث عن جواد عدرا آخر".
تتحفّظ المصادر عن ذكر الأسماء الأكثر حظاً لخوض غمار التسوية هذه المرة، وتكتفي بالتأكيد أنه ليس بالضرورة أن يكون الوزير الملك حصراً من أحد النواب السنة الستة، أو من الأسماء الثلاثة التي طرحها اللقاء التشاوري في وقتٍ سابق.
وبعكس الأجواء السلبية المطروحة، متفائلةٌ هي مصادر بعبدا، وتلتقي بهذا التفاؤل مع مصادر عين التينة، فهذه المرة ليست كسابقاتها "انتهى وقت الدلع، والمبادرة أكثر من جدية"، وتستند بتفاؤلها هذا على الاتصالات واللقاءات المعلنة وغير المعلنة التي شهدها الملف الحكومي على هامش القمة العربية الاقتصادية، وتتوقع إطلاق العنان لسلسة اتصالات ولقاءات حاسمة في بحر الأسبوع الجاري يبادر بها الحريري تجاه المعنيين.
عوامل كثيرة تنطلق منها مصادر بعبدا، للتدليل على جدية استئناف الحراك الحكومي، أهمها أن الجميع قد أيقن أنه ما عاد بالإمكان المماطلة بملف التشكيل، في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية، لا سيما أن لا خلاف داخلي يرقى لمستوى تطيير الحكومة، والأهم الفرص التي قد يفرّط بها لبنان على الصعيد الاقتصادي، في حال استمرار الغياب الحكومي، انطلاقاً من احتمال اتخاذ لبنان كمنصة لإطلاق ورشة إعادة إعمار سوريا، كونه الأقرب إلى الأخيرة.
وبدوره يؤكد مصدر مطلع مقرّب من اللقاء التشاوري، أن المشروع الذي أطلق بمبادرة من باسيل والحريري، لم يصل لمرحلة التسمية بعد، وإن كانت هذه المبادرة قد أسقطت في استهلاليتها توزير عدرا، فأسقطت في المقابل توزير أشقائه في المخاض التشاوري في مرحلة سابقة "حسن مراد، طه ناجي، وعثمان مجذوب".
وينقل المصدر إيجابية الثنائي الشيعي تجاه مبادرة الحريري - باسيل، ويؤكد أنهما (حركة أمل وحزب الله) وانطلاقا من موافقتهما المبدئية على توزير عدرا سابقاً، لا مانع لديهما من توزير آخر على قاعدة عدرا... فمن سيكون الوزير الملك الجديد ؟