بدت القمّة العربية الإقتصادية في بيروت واضحة لجهة تخلي العرب عن لبنان نتيجة تدني التمثيل للدول العربية الأساسية ولولا أمير قطر لسُدّ باب المساعدات ولغاب كليًا الاهتمام بالمشاكل الإقتصادية التي تحاصر لبنان في بنيته كافة.
وهذا التراجع في الدور العربي الى لبنان متأثر بأوضاع لبنان المزرية لجهة الانقسام الداخلي وغلبة خيارات داخلية لصالح حسابات سياسية متصلة بسورية واهتزاز ثقة قادة عرب بحلفائهم الذين أفشلوا دورهم في لبنان نتيجة اخفاقات متتالية لحلفاء فقدوا حتى اطار وحدتهم وتفرقوا شيعًا كل حليف يبحث عن مصالحه الضيقة على حساب حليفه الأخر وهو مستلحق ودون قرار لذا كانت الحكومة المنتظرة صورة حيّة عن دور هذه الأطراف التي أنفق عليها العرب ما يجعل لبنان محمية العربية.
إقرأ أيضًا: صاروخان أرض أرض من الجاهلية الى المختارة
كم أن نهاية دور لبنان وخسرانه لأوراق قوته تدريجياً أفقدته ميزته التاريخة وجعلته واحدًا مكررًا من الأنظمة العربية بنزعة مشابهة في كل شيء من عصا السلطة إلى الفساد إلى الدخول في الخلافات العربية من موقع الإصطفاف المضاد للخطاب العربي الرسمي الذي التزم لبنان على أساس أنه صورة جميلة في المشهد العربي.
لذا لم يعد لبنان ولدًا عربيًا مدللًا كما كان لاعتبارات عديدة منها ما ذكرت ومنها ما هو عربي لتخلي العرب عن أي دور قومي دون أن يكون له ما تبرره مصالح الدول نفسها وبالتالي ما تمّ حتى الآن من نتائج منذ ثورات الربيع العربي قد أكدّ أن الخيارات العربية للدول النافذة في هذه المرحلة لا تقبل ودّاً في المساعدات وخصومة في السياسة وهذا ما وضع دولاً عربية كثيرة ضحايا سياسات مأزومة حرمتها من نعم كثيرة.
بغض النظر عن الصح والخطأ المسألة سياسية وليست أخلاقية ما اجترحه الرئيس بري من سياسة النأي بالنفس رغم كلفة هذا الموقف قد حايث المرحلة العربية ولبّى شرطًا من شروطها ولكن باتت الدول العربي ماركات أحذية بأرجل بعض اللبنانيين دون أن يكون هناك حسم داخلي لمعارك خارجية تضبط الايقاع الذي وضعه الرئيس بري.
إقرأ أيضًا: بري .. الإمام الصدر أولاً وآخراً
طيب أمير أو قائد أو رئيس أو أي من أسماء آلهة العرب دُعي لحضور القمّة ولبّى الدعوة وحضوره له أبعاد ومنها البعد المالي الذي يعوّل عليه اللبنانيون بيطلع مسؤول بقول بلا مجوتو وبلا زيارتو وبكيل عليه لأسباب غير لبنانية وبالتالي فإن الجهة السياسية المهتمة بهذه القمّة هي جهة حليفة لهذا المسؤول فكان من الممكن احترام المبادىء وعدم الرضوخ للوضع المأسوف عليه والابقاء على الموقف القومي بمفهومه السوري وهذا حق سياسي طالما أن الاختلاف في وجهات النظر من أبسط الحقوق وما تعبنا طائرة الأمير وقلنا بصوت عال بدنا قمّة عربية اقتصادية لمحور المواجهة والممانعة أو كان من الممكن اتخاذ أيّ اجراء يُبعدنا عن مزيد من البعد بين لبنان ودول عربية أساسية.
وهنا ندخل في المواقف المفتوحة مع الجامعة العربية على ضوء عزل النظام السوري عن مقعده والطعن في شرعيته من منطق قوموي - اسلاموي وهذا بالتأكيد ما أضرّ بلبنان وبما تبقى للعرب من مرقد عنزة تركوه منذ زمن.