قلق من مصر
وتناولت الاجتماعات السرية القلق لدى القادة الإسرائيليين وعلى رأسهم غاليلي من تطوير مصر لمشروع نووي ردا على مشروع نووي إسرائيلي علني.
وتناولت الاجتماعات مجموعة من القضايا المتعلقة بالموضوع، فعلى سبيل المثال، كان غاليلي منزعجا للغاية وأعرب عن قلقه العميق من أهمية هذا التطور بالنسبة لمصر، متخوفا من أن يدفع المشروع الرئيس جمال عبد الناصر إلى شن حرب وقائية ضد "هدف مبرر"، وأيضا إلى تطوير مشروع نووي مصري.
وبينما كان هناك اتفاق غير رسمي عام 1962 بالاستمرار في تطوير المفاعل، فإن وثائق غاليلي أكدت على أنه لم يكن لدى الحكومة الإسرائيلية قرارا بتصنيع أسلحة ذرية.
وبعبارة أخرى، فقد استمرت إسرائيل في إعداد خياراتها النووية في حال بدأت أي دولة مجاورة في مشروع نووي عسكري، لكن الإسرائيليين لم يكونوا قد وصلوا في هذا الوقت إلى الدورة النووية الكاملة.
وظل قرار عام 1962 بشأن استمرار تطوير المفاعل وتبني سياسة الغموض، تقرر في عام 1969 وقف الزيارات الأميركية إلى ديمونا وفق اتفاقية تفاهم سرية بين الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ورئيسة الوزراء غولدا مائير، حيث لا تستطيع إسرائيل الوصول إلى العتبة النووية علنا.
حرب 1973.. والخيار الأخير
لكن أكثر الأجزاء إثارة في الوثائق السرية هو ما يتعلق بتفكير بعض القادة الإسرائيليين في استخدام السلاح النووي ضد مصر، بعدما تعرضت إسرائيل لصدمة عسكرية في السادس من أكتوبر عام 1973 جراء هجوم مصري مباغت على الجبهات في سيناء.
ففي الساعة الثاثة بعد ظهر الثامن من أكتوبر عام 1973، وصل وزير الدفاع وقتها موشي ديان مذعورا للقاء غولدا مائير، حيث أخبرها بضرورة تفعيل ما يعرف بـ"الخيار النهائي"، في إشارة إلى ضرب مصر نوويا.
وكان غاليلي في الغرفة حينها، وتحول وجهه إلى اللون الأصفر، حسب "هآرتس"، سائلا ديان إذا ما كان قد فقد عقله، لكن وزير الدفاع كان مصرا على هذا الإجراء، متحدثا عن ضرورة اللجوء إلى الخيار النووي.
وقبل الاجتماع، أبلغ ديان بالفعل رئيس الأركان حينها ديفيد أليعازر وقائد القوات الجوية موردخاي هود، بوضع القوات الجوية في حالة تأهب، لكن رئيس الأركان عارض الأوامر.
وعقد اجتماع آخر بمشاركة المدير العام لهيئة الطاقة الذرية في إسرائيل شالفيت فريير، الذي كان متفقا مع ديان، لكنه أوضح لمائير أنه لن يحدث أي شيء دون إذن منها.
لكن مساعد رئيسة الوزراء الإسرائيلية للشؤون العسكرية يسرائيل ليئور، طلب من الرجلين أن ينسيا هذه الفكرة تماما.
وفي حين تناولت العديد من الكتابات الجوانب النووية في حرب 1973، فإن الوثائق التي كشفتها "هآرتس" تشير إلى أن القيادة الإسرائيلية لم تجر أي استعدادات ملموسة لتفعيل الخيار الأخير.