ركّز الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في كلمة له خلال بدء الجلسة الافتتاحية لـ"القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية" في بيروت برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، على أنّ "قمّتنا تُعقد بعد غياب ست سنوات، واجهت خلال بعض دولنا مختلف أصناف التحديات الأمنية والاضطرابات والأزمات، إلّا أنّ هذه التحديات انعكاس للتّحدي الأخطر المرتبط بتحقيق التنمية الشاملة".
ولفت إلى أنّ "الوقائع الّتي شهدها العربي أثبتت أنّ التنمية والأمن والاستقرار حلقة واحدة، ولا استقرار دون نمو شامل"، موضحًا أنّ "السبيل إلى التنمية معروف سلَكه غيرنا من قبلنا، وله محدّدات ومتطلّبات، أوّلها تحقيق معدّلات عالية من النمو الاقتصادي لا تقلّ عن 7 بالمئة سنويًّا. ورغم التقدّم إلّا أنّها غير كافية، واستمرار تواصلها يظلّ رهنًا في الأوضاع الأمنية".
وبيّن أبو الغيط أنّ "رغم الجهود المبذولة على صعيد النهوض بالأوضاع الاقتصادية، بخاصّة في مجال المواصلات والاتصالات، ما زالت أكثر من نصف صادرتنا من المواد البترولي"، مشدّدًا على أنّ "ثمة حاجة لتحسين بيئة الأعمال والتنافسية في العالم العربي".
ونوّه إلى أنّ "هناك تقدّمًا واصلاحات مؤسسية ومالية تتّصف بالجرأة، لكن المنطقة ما زالت تفتقر الى الحجم الكافي من النشاط الاقتصاد وغير مهيّئة للانخراط في الاقتصاد الرقمي"، مؤكّدًا أنّ "الفجوة الرئيسية الّتي تفصلنا عن تطوّرات الاقتصاد العالمي تتعلّق برأس المال البشري". وجزم أنّ "المعرفة والابتكار المولّد الأكبر للقيمة المضافة في ظلّ تسارع الثورة الصناعية الرابعة، والاستعداد لمواجهة تبعات الثورة عليه أن يحتلّ صدارة أولوياتنا وتضييق الفجوة الرقمية".
وكشف أنّ "نصف سكان العالم العربي غير متّصلين بالإنترنت وهم من أكثر سكان العالم شبابًا، وإن لم نحسن استخدام هذه الديموغرافية ستتحوّل الى تطرف"، مشيرًا إلى أنّ "المفتاح هو التعليم. مستويات التعليم متدنية والأخطر اتّساع الفجوة بين التعليم وسوق العمل، وإذا كنّا نتحدّث عن التعليم فلا نغفل دور المنظومة التعليمية والأجهزة الإعلامية لمواجهة التطرف والتشدّد".
وأفاد أبو الغيط بـ"أنّنا نتابع الجهود في التصدّي لهذا الفكر الضال بكلّ شجاعة وبروح من المسؤولية، للدفاع عن مستقبل هذه الأمة الذّي لن يبنى إلّا على الوعي وعقل يتحاور مع الآخر دون أن يتحوّل الرفض إلى عنف". وأكّد أنّ "انتشال أكبر عدد من السكان من الفقر هو أسرع طريقة لتجفيف منابع الإرهاب"، لافتًا إلى أنّ "الدول العربية حقّقت نجاحات في تقليل الفقر، لكن كتلة معتبرة من السكان لا زالت تتركّز حوله، والجامعة العربية أقرّت تقرير "واف" حول الاطار الاستراتيجي العربي للقضاء على الفقر المتعدد الأبعاد. يضاف إلى ذلك الحاح المسألة الاجتماعية".
كما أعلن أنّ "العالم العربي يأوي نصف لاجئ ومشرّد، 4 مليون طفل سوري تركوا مدارسهم بسبب الحرب، والأزمات الإنسانية الخطيرة في الصومال واليمن والواقع المأساوي في فلسطين بسبب الاحتلال الإسرائيلي. كل ذلك كاف لندرك أنّ معركة التنمية لا تجري في ظروف طبيعية أو بيئة مواتية، بل في ظلّ أوضاع صعبة وبيئة هشة يسمّيها البعض للأسف "الربيع العربي"".
ودعا إلى "التكافل لدعم المجتمعات الّتي تضغط عليها الأزمات الإنسانية، ومن بينها لبنان والأردن. تحديات تحقيق التنمية تفرض على الحكومات العربية أن تضع المستقبل في حساباتها". وأعرب عن أمله في "تحرير تجارة الخدمات، إذ ليس مقبولًا أن تبقى التجارة البينية عند معدّلاتها الحالية الّتي لا تتجاوز 12 بالمئة، أو تبقى المنطقة العربية الأقلّ من زاوية التكامل الاقتصادي".
وأوضح أبو الغيط أنّ "البنود المطروحة على جدول أعمال القمة تتضمّن عددًا من المبادرات والمشاريع للتكامل الاقتصادي ونأمل أن تنفّذ".
وأعلن من جهة ثانية، "أنّني أشعر بالحزن والأسف لعدم مشاركة وفد ليبيا في القمة، وللظروف الّتي أوصلت الأمور إلى تلك النقطة، فليبيا ولبنان بلدان عزيزان على العرب ونأمل أن تتمّ معالجة هذا الأمر"، متمنيًا "التوفيق لأعمال هذه القمة".