مال شرقي حلب.
وتشكل منبج أيضا موقعا للقوات الأميركية التي استهدفها الأربعاء هجوم تبناه تنظيم الدولة الإسلامية وأسفر عن سقوط 19 قتيلا بينهم أربعة أميركيين، في أكبر خسارة للولايات المتحدة منذ تدخلها في سوريا في العام 2014.
وسبق وأن جرى اتفاق بشأن المدينة بين أنقرة وواشنطن في مايو، ينص على انسحاب وحدات حماية الشعب الكردي وإنشاء دوريات مشتركة أميركية تركية بدأت في نوفمبر، وذلك بعد تهديدات تركيا باجتياح المدينة عقب سيطرة قواتها المدعومة بجماعات سورية موالية على مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية في مارس الماضي.
وتصنف تركيا وحدات حماية الشعب مجموعة “إرهابية” زاعمة ارتباطها بحزب العمال الكردستاني الذي يشن حركة تمرد على الأراضي التركية منذ 1984، رغم أنه لم يسجل على مدار السنوات الماضية أي تحرك كردي من سوريا يستهدف أنقرة.
وتحاول تركيا اليوم استغلال قرار ترامب الانسحاب، والذي تلاه بعد أيام تبنيه لخطة سابقة لتركيا لإقامة منطقة آمنة، لإبعاد الأكراد واحتلال مناطق الشمال تحت عناوين تحقيق الأمن وتجفيفها من الإرهاب.
وأعلنت كل من روسيا ودمشق إضافة إلى قوات سوريا الديمقراطية تحفظها على تولي أنقرة إدارة المنطقة الآمنة في ظل إدراك بأن الأخيرة تريد بداعي حماية أمنها وضع يدها على كامل الشمال السوري.
وقالت قيادات كردية إن المنطقة العازلة التي أعلنت تركيا الاتفاق مع الولايات المتحدة على إقامتها في الشمال السوري لا تستهدف فقط الوجود الكردي في المنطقة، وإنما قضم أكبر قدر ممكن من الأراضي السورية. وحذّرت هذه القيادات من أن تركيا، إذا نجحت في ذلك، فإن “شهيتها الاستعمارية” قد تنفتح باتجاه المزيد من أراضي الدول العربية.
وشدّد حمو “لو كان بهذا العالم أبسط قواعد النزاهة، لكان يتعين أن تقام المنطقة العازلة بعمق 20 ميلا داخل الأراضي التركية حفاظا على الشعب الكردي”.
وقال “نحن كقيادة عسكرية لا علاقة لنا بالتفاهمات التركية- الأميركية، هذا نتركه للإدارة السياسية، وسنلتزم بما تقرره، وسنظل من جانبنا نحصّن مناطقنا استعدادا لمواجهة أي خطر”.
وحول العلاقة مع دمشق، قال حمو “الحدود التي نسيطر عليها هي حدود الدولة السورية والتهديدات التركية الراهنة هي تهديدات للدولة السورية، ولذا، نحن نقول إن حكومة دمشق لديها مسؤولية الدفاع عن تلك الحدود”. وتابع “بالتأكيد هناك مشاكل مع دمشق ونريد حلها، ولكن في النهاية نحن جزء من الشعب السوري ونحمل الجنسية السورية”.
وحذر حمو الدول العربية من البقاء في موقف المتفرج مما تقوم به تركيا، وقال “إذا ظل العالم العربي في موقف المتفرج، فإن التاريخ قد يعيد نفسه.. وقد تنفتح الشهية التركية القذرة وتحاول بأسلوب استعماري جديد ابتلاع الدول العربية واحدة تلو الأخرى”.
وأظهرت تركيا في السنوات الأخيرة رغبة واضحة في إعادة ما تعتبره أمجاد الدولة العثمانية في المنطقة، وتراهن على القوة الناعمة والخشنة معا لتحقيق هذا الهدف.
ووصف القيادي الكردي البارز صالح مسلم الحديث عن تولي تركيا إقامة المنطقة العازلة بأنه “أشبه بتسليم الخروف للذئب”. وقال “لا نعرف التفاصيل الكاملة لتفاهمات ترامب/أردوغان عن المنطقة الآمنة، ولكن ما نعرفه هو أن هذا هدف استراتيجي لتركيا”.
وأضاف مسلم ساخرا “حينما يتكلمون عن حماية مناطق بشمال سوريا بتسليمها لتركيا، فالأمر أشبه بتسليم الخروف للذئب.. وقد أكدنا رفضنا القاطع لذلك، وأبدينا تعاطيا إيجابيا مع فكرة المنطقة الآمنة شريطة دعمها بقوات دولية: تحمي الأكراد وفي الوقت نفسه تثبت زيف الادعاءات التركية بأننا كأكراد سوريين نستهدف حدودهم وأمنهم”.
وأشار إلى أن اتصالات الأكراد مع الجانب الأميركي لا تزال متواصلة، لافتا أيضا إلى وجود اتصالات مع الروس.
وهناك قناعة كردية بدأت تتبلور منذ إعلان الانسحاب الأميركي بأن التوصل إلى تفاهم مع دمشق قد يكون الخيار الأمثل لإجهاض المخطط التركي بيد أن ذلك رهين التفاهم بشأن إعطاء مناطق السيطرة الكردية وضعا خاصا، وهو ما يبدو أن دمشق مترددة بشأنه.
وقال صالح مسلم إن فرص التوصل إلى اتفاق أصبحت أقوى والتصريحات التي صدرت عن الخارجية السورية مؤخرا إيجابية وهم يتطلعون إلى البناء عليها.