رأى عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر، أن «موعد ولادة الحكومة بات في علم الغيب، وهو ما يضع اللبنانيين في ضياع تام». وشدد على أن «خلاص لبنان يبدأ بحكومة توحي بالثقة، وتشرع بتطبيق برنامج إصلاحي شامل يعيد هيكلة مؤسسات الدولة».
ورغم تحذيره من صعوبة الوضع الاقتصادي، قلل جابر من «المخاوف التي يثيرها البعض من انهيار مالي وشيك، خصوصاً أن لبنان ملتزم باستحقاقاته المالية، وسداد ديونه بسندات اليوروبوند للعامين الحالي والمقبل». وإذ أشار إلى أهمية انعقاد القمة العربية الاقتصادية في بيروت، أوضح أن مطالبة رئيس مجلس النواب نبيه بري بتأجيلها كانت مبررة، بسبب غياب الحكومة، وتغييب سوريا عن هذه القمة، في وقت نشهد فيه انفتاحاً عربياً على دمشق، لافتاً إلى أن «الاعتراض على مشاركة ليبيا في القمّة، يعود إلى تعاطيها السلبي مع لبنان في قضية الإمام موسى الصدر».
وأكد جابر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة «كانت على وشك التأليف عندما جرى اختيار جواد عدرة ليمثل (اللقاء التشاوري) في الحكومة (نواب سنّة 8 آذار)، وكان حلاً مقبولاً، لكن للأسف برزت تعقيدات لم تكن في الحسبان، عبر الإصرار على ضمّه إلى فريق رئيس الجمهورية الوزاري والتيار الوطني الحرّ». وقال: «البلاد باتت بحاجة ماسّة لسلطة القرار، خصوصاً أنه بعد اتفاق الطائف، باتت سلطة القرار بيد مجلس الوزراء مجتمعاً»، مذكراً بأن القرارات التي تتخذها الحكومة ليست كلّها كبيرة ومصيرية، بل أكثرها مرتبط بحياة الناس اليومية، وهذا ما يؤدي إلى شلل كبير في البلد، مبدياً أسفه لأن «الحكومة العتيدة باتت في علم الغيب، والتكهن بموعد تأليفها بات مثل الصرب بالمندل (التبصير)»، وحذر من أن «الوضع اللبناني مفتوح على مخاطر كثيرة، سياسية واقتصادية وأمنية، إضافة إلى التحديات القائمة في المنطقة، والحلول التي تطبخ في الخارج، والتي لا يمكن مواجهتها بغياب الحكومة».
وعن الأسباب التي حملت رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي إلى المطالبة بتأجيل القمّة العربية، ما أدى إلى توتير العلاقة مع رئيس الجمهورية ميشال عون، أعلن النائب جابر (عضو الكتلة النيابية التي يرأسها برّي) أن رئيس المجلس «لم يكن يوماً ضدّ القمة، لكنه اقترح تأجيلها لشهرين، لأن لبنان ليس مؤهلاً لاستضافتها بسبب غياب الحكومة». ورأى أنه «كان من الأفضل تأجيلها لشهرين حتى ينضج الموقف العربي تجاه سوريا، وتصبح في لبنان حكومة، وعندها تصبح فرصة نجاح القمة أكبر من الآن، لكن بالمبدأ لا أحد في لبنان ضدّ هذه القمة أو يريد استهدافها».
وعن الجدل الذي قام بسبب مشاركة ليبيا في أعمال القمة الاقتصادية، أوضح جابر أنه «منذ بدأ توجيه الدعوات إلى القادة العرب، أرسل الرئيس بري الوزير علي حسن خليل إلى رئيس الجمهورية، وأبلغه رسالة اعتراض على دعوة ليبيا إلى القمة بسبب عدم تعاونها بقضية الإمام الصدر»، داعياً اللبنانيين إلى «احترام حساسيات بعضهم، والتعاون فيما بينهم عندما تكون القضية على هذا القدر من الخطورة».
وفيما ترتفع يوماً بعد يوم مخاطر الأزمة الاقتصادية الناجمة عن حجم الدين العام وتراجع النمو والاستثمارات وغيرها، يؤكد النائب جابر أن لبنان «يعاني جموداً اقتصادياً قاتلاً»، ويرى أن الأسباب كثيرة، لكن أهمها «غياب الحكومة والعجز عن إعداد الموازنة والشروع بالإصلاحات المالية والاقتصادية وضبط الهدر وترشيد الإنفاق». وقال: «المؤتمرات الدولية الثلاثة التي انعقدت في أوروبا لدعم لبنان، لا سيما مؤتمر سيدر أقرت تحت عنوان أساسي، وهو تنفيذ برنامج إصلاحي شامل وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة».
ورغم المؤشرات السلبية عن الوضع المالي، وما قد يترتب على لبنان من مخاطر بعد خفض تصنيفه الائتماني، وتخفيض قيمة سندات اليورو بوند، طمأن جابر أن «لبنان ملتزم بالاستحقاقات المالية، لا سيما أن استحقاقات سداد ديونه بسندات اليورو بوند مؤمنة لعامي 2019 و2020، كما أن أكثر من 70 في المائة من موجودات البلد تسعّر بالعملة الصعبة وهي أكبر من الدين العام بكثير»، لافتاً إلى أن «قطاع الاتصالات وحده يؤمن ملياري دولار سنوياً للخزينة».
ولا يجد النائب جابر وهو وزير سابق للاقتصاد، مبرراً للخوف من انهيار اقتصادي أو مالي وشيك رغم أهمية السرعة بمعالجة الوضع القائم، وقال: «مفتاح التغيير يبدأ بتأليف حكومة توحي بالثقة، وأن تنطلق هذه الحكومة ببرنامج إصلاحي يثبت القدرة على تغيير الواقع في أول 100 يوم من عمر الحكومة الجديدة»، داعياً إلى «طمأنة الأسواق المالية بأن لبنان ليس في وارد التخلّف عن تسديد ديونه الخارجية باليوروبوند، وهو يحترم الاستحقاقات ولديه ملاءة مالية تكفل التزامه بتعهداته».
وعن المخاطر الأمنية في الجنوب بعد استئناف إسرائيل بناء الجدار الفاصل مع لبنان، وما قد ينتج عنه من تلاعب بالخطّ الأزرق، أشار جابر إلى أن «نسبة اندلاع حرب في جنوب لبنان ليست مرتفعة، لأن إسرائيل ذاهبة إلى انتخابات، وقد يحاول بنيامين نتنياهو توتير الوضع لاستخدامها بالانتخابات، وإشعار الإسرائيليين بوجود خطر على الحدود الشمالية»، ولفت إلى أن «الاستقرار الذي ينعم به جنوب لبنان منذ عام 2006، هو دليل على أن لبنان لم يكن دولة معتدية، بل دائماً كان الضحية، ونحن متمسكون بقوات (اليونيفيل) ودورها بحفظ السلام وتطبيق القرار 1701، ووقف كل التعديات الإسرائيلية على السيادة اللبنانية».