توزيع شقق بتمويل إيراني على أسرى أفرجت عنهم إسرائيل، وطهران تتمركز في القطاع لتكثيف أوراق التفاوض مع واشنطن.
 
قالت مصادر فلسطينية مطلعة أن كشف حركة حماس عن تمويلات قامت بها إيران داخل القطاع السكني في القطاع، تم بالاتفاق الكامل مع طهران، وفي هذا التوقيت بالذات، ليأتي متواكبا مع الضجيج حول قرب إعلان “صفقة القرن” من قبل الإدارة الأميركية في واشنطن.
 
وأضافت هذه المصادر أن إيران تودّ من خلال هذا الكشف الجديد تأكيد انخراطها في دعم حماس في القطاع، وتأكيد إمساكها بورقة القطاع على الرغم من الدور المتقدم الذي تلعبه مصر في المسائل التي تتعلق بشؤون قطاع غزة الأمنية والسياسية.
 
وتعتبر المصادر أن طهران تسعى للتلويح بالورقة الفلسطينية في مواجهة السلطة الفلسطينية وإسرائيل كما في مواجهة الدوائر العربية المعنية بالشأن الفلسطيني مباشرة.
 
وأعلنت وزارة الأسرى والمحررين في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس، أنها وزعت شققا سكنية بنيت بتمويل إيراني في خان يونس في جنوب قطاع غزة لأسرى فلسطينيين أفرج عنهم من السجون الإسرائيلية.
 
وتؤكد حماس من خلال هذا الإعلان على تمسكها بالعلاقة مع إيران كما تؤكد أن العلاقة عادت إلى وضعها السابق على الرغم من البرودة التي طرأت بين الطرفين بسبب استياء طهران من موقف حماس ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
 
وفيما كانت التقارير تتحدث عن “تيار إيران” داخل القطاع مقابل تيارات تسعى للتعامل مع تركيا وقطر، يكشف الإعلان الرسمي لحماس حول تمويل هذه المساكن، بأن تقاطعا إيرانيا قطريا تركيا يعمل داخل القطاع خدمة لأجندات مشتركة.
 
وقال بهاء المدهون وكيل الوزارة في بيان إن وزارته “أجرت، الأربعاء، القرعة العلنية لتوزيع 26 شقة على 26 أسيرا محررا من بين 125، مستفيدين من المنحة بتمويل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في برج الصالحي1، في حي الإسراء بمدينة خان يونس″.
 
واعتبر أن هذا المشروع يهدف إلى “التخفيف من معاناة أسرانا المحررين وذويهم في كافة مناحي الحياة”، مثمّنا الدعم الذي تقدمه إيران في كافة المجالات.
 
وقالت الوزارة إنها “ستبني برج الصالحي2 في شمال قطاع غزة كما ستبني سلسلة أبراج أخرى في أماكن متفرقة من القطاع″ للأسرى المحررين.

وتقدم إيران منذ نحو عشرين عاما، دعما عسكريا وماليا للفصائل الفلسطينية خصوصا لحركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس وذراعها العسكرية كتائب القسام.

ويرى مراقبون في غزة أن التمويل الإيراني للقطاع يجري وفق قواعد قد لا تكون بعيدة عن قواعد التمويل القطري التي ظهرت أنها تمر من خلال آليات رقابية إسرائيلية. ولا يستبعد هؤلاء أن يكون التمويل الإيراني يمر من خلال اتفاقات قطر المالية مع إسرائيل، أو أن الدوحة تتكفل بالتمويل لحساب طهران.

وترجح مصادر دبلوماسية مطلعة أن يكون الكشف عن تمويلات إيران لقطاع غزة بشكل رسمي هدفه لجوء طهران إلى تكثيف إظهار ما تملكه من أوراق داخل منطقة الشرق الأوسط تمهيدا لأي مفاوضات محتملة بين إيران والولايات المتحدة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن مؤخرا أن إيران ستأتي إلى طاولة المفاوضات وأن اقتصادها لن يصمد ولن يسمح لها بالمكابرة طويلا.

وفيما ما زالت المنابر الإيرانية الرسمية تكرر رفضها التفاوض حول الاتفاق النووي وبرنامجها للصواريخ الباليستية، تواجه طهران مزيدا من الضغوط الدولية.

ويدرج خبراء في الشؤون الإيرانية مسألة الإعلان عن تمويلات إيران لقطاع غزة ضمن مروحة من المواقف الإيرانية المستجدة التي يراد منها تأكيد الدور الإقليمي لإيران وعدم تأثره بالعقوبات الأميركية.

وكانت طهران قد صعدت في الأسابيع الأخيرة من مواقفها في عدد من ملفات المنطقة، فكانت وراء استخدام طائرات مسيرة في اليمن، وأعلنت أنها لن تسحب “مستشاريها العسكريين” من سوريا، ورفعت من لهجة جماعاتها في العراق ضد الحضور الأميركي، وهي متهمة بالوقوف وراء حزب الله في لبنان لمنع تشكيل حكومة لبنانية.

ويلفت الخبراء أن إيران تعرف أنها ذاهبة إلى المفاوضات كما ذهبت إلى مفاوضات البرنامج النووي على رغم المكابرة قبل ذلك. ويضيف هؤلاء أن طهران تعمل حاليا بصعوبة على إظهار ما تملكه من أوراق قابلة للطرح على طاولة مفاوضاتها مع الولايات المتحدة.