يشارك رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ظهر اليوم، باختتام أعمال منتدى القطاع الخاص، تمهيداً للمشاركة في رفع توصياته إلى القمة الاقتصادية والتنموية العربية التي تستضيفها بيروت في نهاية الأسبوع الحالي، بحضور قادة ورؤساء حكومات ووزراء خارجية ومالية واقتصاد من غالبية الدول العربية.
وشكل انعقاد المنتدى في يومه الأول، أمس، في مقر اتحاد الغرف العربية، فرصة لعرض رؤية لبنان الاقتصادية والمشروعات الاستثمارية في البنى التحتية، فتبنى الحريري مضمون مداخلة وزير الاقتصاد اللبناني رائد خوري، الذي ركز على أهمية مؤتمر «سيدر» ونتائجه، لناحية إقراره مساعدات مالية كبيرة بقيمة 11.6 مليار دولار. وهو ما عكس ثقة المجتمع الدولي بلبنان، وبقدرته على تجاوز الصعاب والتحديات الكبيرة المتعلقة ببنيته الاقتصادية بشكل عام، ووضع الدولة اللبنانية أمام تحدٍ حقيقي لإثبات قدرتها على الوفاء بالتزامات الإصلاحات المالية والهيكلية والقطاعية المطلوبة من قبل الدول والمنظمات المانحة.
وحدد خوري مشروعات البنى التحتية المؤهلة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأبرزها توسيع مطار رفيق الحريري الدولي، وتأهيل وتوسيع مطار رينه معوض في محافظة عكار، وإنشاء الطريق السريع بين خلدة ونهر إبراهيم (جنوب العاصمة بيروت وشمالها) على طول 38 كيلومتراً، منها 12 كيلومتراً من الأنفاق، وإنشاء مرافق سياحية وسدود مائية، وتنفيذ مشروعين لتوليد الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى مشروعات عدة في مجال الصرف الصحي ومعالجة النفايات الصلبة وتحويلها إلى طاقة.
ويصل مجموع كلفة هذه المشروعات إلى 6.57 مليار دولار، وهذا الرقم كبير، ولا بد للقطاع العام من إشراك القطاع الخاص والمصارف والصناديق في التمويل، ما سيساهم في رفع معدلات النمو لتلامس 6 إلى 7 في المائة سنوياً، بعد أن تدنت إلى حدود واحد في المائة في السنوات الأخيرة، نتيجة للأزمة السورية والتأثير السلبي للنزوح على الاقتصاد اللبناني.
ولفت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى وجوب تقديم نظرة واقعية عن لبنان بعيدة عن الإشاعات وصناعة اليأس، «فقد شهد لبنان خلال العام 2018 كل أسبوع صدور تقرير أو تقريرين يتحدثان عن الانهيار الاقتصادي والإفلاس. لكن الحقيقة هي أن النمو خلال العام 2018 كان بين واحد و1.5 في المائة، بينما النمو في المنطقة كان بحسب صندوق النقد الدولي عند حدود اثنين في المائة، وكان يمكن وصول النمو في لبنان إلى حدود اثنين في المائة لو تشكلت الحكومة»، بحسب سلامة.
وعن أهداف السياسة النقدية للعام الحالي، أكد سلامة أنها تتمحور حول «المحافظة على سعر صرف الليرة، واستقرار معدلات الفوائد، وإطلاق المنصة الإلكترونية للتداول التي ستوفر تسعيراً شفافاً وسوقاً ثانوية ترفد الأسواق بالسيولة، ومتابعة دعم الاقتصاد الرقمي الذي يتمتع بمستقبل واعد، والعمل على إطلاق العملة الرقمية قبل نهاية العام، ما سيساعد على تعزيز الحركة التجارية، والسهر على احترام قوانين الدول التي نتداول بعملتها».
وأعاد الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية الدكتور كمال حسن علي التأكيد على أهمية تنفيذ توصيات القمم الاقتصادية، وفي مقدمها إشراك القطاع الخاص في مناقشة واتخاذ القرارات خلال تثبيت رؤياه وتوصياته، وتوفير مناخ استثماري جاذب، مع إزالة العراقيل الإدارية التي تعطل الفوائد المحققة من القوانين والتشريعات الجاذبة للاستثمار، وتوفير آليات لتشجيع إقامة شركات المخاطرة، وتطوير التعليم التقني ومؤسسات التدريب لتطوير قدرات العمالة والارتقاء بها لتواكب متطلبات الثورة الصناعة الرابعة، وإزالة العقبات التي تواجه العمل العربي المشترك، من خلال تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وإزالة العوائق التي تواجهها، من خلال إقرار الاتفاقية العربية لاستثمار رؤوس الأموال العربية في المنطقة العربية وغيرها.
ويشكل المنتدى، بحسب رؤوف أبو زكي الرئيس التنفيذي لمجموعة «الاقتصاد والأعمال» المشاركة بتنظيمه، منصة لإجراء حوار صريح حول العلاقة العضوية بين القطاعين العام والخاص. مشيراً إلى أن «دور الحكومات وضع السياسات والتشريعات والتنظيم والمراقبة. وعلى مؤسسات القطاع الخاص التنفيذ، لكن المشكلة التي تواجهها هذه المؤسسات تكمن إما في التشريعات وإما في سوء التطبيق، أو في الاثنين معاً، وقبلهما في الفساد الذي يفسد التشريع والتطبيق ويعطل آليات عمل السوق، وفي البيروقراطية المتأصلة في معظم مجتمعاتنا».
وتضمنت أعمال المنتدى 5 جلسات عمل قدمت فيها 26 ورقة عمل، وتناولت دور القطاع الخاص ومؤسسات التمويل في التنمية المستدامة، والتجارة البينية، وإعادة الإعمار، والثورة الصناعية الرابعة، والمرحلة الاقتصادية المقبلة، والمرأة العربية، والتمكين الاقتصادي، وريادة الأعمال، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة كمفتاح للتحول إلى الاقتصاد المعرفي، و«لبنان والشراكة بعد مؤتمر سيدر».