أثارت قائمة تداولتها وسائل إعلام عربية، الثلاثاء، تتضمن ما يقال إنها أسماء ميليشيات عراقية مسلحة، طالبت الولايات المتحدة العراق بحلها، جدلا واسعا في بغداد، فيما أكدت مصادر سياسية لـ”العرب”، أن “لا أساس لها من الصحة”، وأن هدفها خلق مناخ معاد للولايات المتحدة وإرباك علاقتها برئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي.
 
وتحتوي القائمة المتداولة على أسماء 67 فصيلا عراقيا مسلحا، بعضها، وفقا لمصادر عليمة، ليس له وجود في الأساس.
 
وزعمت وسائل الإعلام التي تداولت القائمة أن رئيس الوزراء العراقي تسلمها شخصيا، وطلب مهلة للردّ عليها.
 
لكن مصادر وثيقة الصلة برئيس الحكومة العراقية قالت لـ”العرب” إن “هذه القصة مختلقة”، نافية أن تكون الولايات المتحدة سلمت العراق قائمة من هذا النوع، أو بحثت هذا الملف معه.
 
ورجحت المصادر أن “يكون مصدر هذه القصة المختلقة إيرانيا، بهدف تحريك مخاوف الميليشيات العراقية المسلحة الموالية لطهران، واستثمارها في المواجهة مع الولايات المتحدة”.
 
ويقول مراقبون في بغداد إن الولايات المتحدة، التي تدرك مدى هشاشة الوضع السياسي في العراق، لا يمكن أن تدفع حكومة عبدالمهدي إلى مواجهة مع الميليشيات القريبة من إيران، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى انهيار السلطة العراقية فعليا.
 
وعلى ذلك، تكون إيران أكبر المستفيدين من تحشيد المخاوف الشيعية على الأرض العراقية ضد الولايات المتحدة.
 
واللافت أن القائمة المزعومة تضمنت أسماء مجموعات عراقية مسلحة يحكم التوتر علاقتها بالإيرانيين، على غرار فرقة العباس القتالية التي يقودها ميثم الزيدي، المقرب من مرجعية علي السيستاني في النجف، وسرايا السلام التابعة لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.
 
وشكك القيادي في حزب الدعوة الإسلامية، وليد الحلي، الذي ورد في القائمة أنه يتزعم فصيلا مسلحا باسم “ثأر الله” في “مصداقية هذا التقرير والجهة التي نشرته” مؤكدا أنه “يحتفظ بحقه القانوني بالشكوى على الجهة التي تروّج مثل هذه المعلومات غير الصحيحة”.
 
ونفى الحلي “معرفته أو سماعه بأي فصيل من الحشد الشعبي باسم كتائب ثأر الله”.
 
ويتزامن نشر هذه القصة مع جدل متزايد في بغداد بشأن بدء القوات الأميركية عملية جديدة لإعادة نشر قواتها المسلحة في العراق، فيما تستثمر وسائل الإعلام العراقية القريبة من إيران في هذا الملف، مروجة شائعات ومبالغات، تستهدف إثارة مخاوف الجمهور، على حد وصف مراقبين.
 
وروج الإعلام العراقي القريب من إيران لشائعة تنفيذ القوات الأميركية إنزالا على منشأة أمنية قرب بغداد، قبل أن يطلق شائعة أخرى عن دخول قوات أميركية كبيرة إلى مدينتي تكريت وكركوك بهدف السيطرة عليهما، ودعم انقلاب عسكري يقوده ضباط عراقيون.
 
وأعلن الحشد الشعبي، الثلاثاء، “منع″ القوات الأميركية من إجراء استطلاع وصفه بـ”المريب”، على قوات أمنية عراقية مرابطة غربي محافظة الأنبار على الحدود مع سوريا.

وقال قائد عمليات الأنبار، قاسم مصلح، في بيان إن “الاستفزازات الأميركية وصلت إلى حدّ كشف معلومات سرية لقواتنا المرابطة على الحدود”، وإن “القوات الأميركية تعمل على أخذ معلومات دقيقة وحساسة من القوات الأمنية المرابطة على الحدود العراقية السورية”.

وأضاف مصل أن “قيادة عمليات الأنبار للحشد منعت القوات الأميركية من إكمال الاستطلاع، مما اضطر الأخيرة إلى الرجوع إلى قاعدة بئر المراسمة، وعدم اقترابها من قاطع الحشد الشعبي”.

ويعتقد مراقبون أن تكتيك التخويف واستفزاز مشاعر الجمهور، هو وسيلة إيرانية واضحة لموازنة الزخم الإعلامي الكبير، الذي تجتذبه التقارير المتعلقة بالحراك العسكري الأميركي الجديد في العراق.

واستبعد مراقب عراقي أن تسعى الولايات المتحدة في ظرف سياسي معقد إلى إرباك الحكومة العراقية من خلال تحريض الميليشيات على مقاطعتها والعمل على إسقاطها. وهو ما يمكن أن يحدث إذا ما شعرت تلك الميليشيات بأن الحكومة تخطط للتضييق عليها.

وقال المراقب في تصريح لـ”العرب” إن استقرار النظام السياسي في العراق بكل مقوماته ضروري لما يمكن أن تنجزه القوات الأميركية على صعيد انتشارها داخل الأراضي العراقية، ما يجعل إيران وحدها الجهة المستفيدة من إشاعة التوتر بين الميليشيات وحكومة عبدالمهدي.

ويمكن أن تكون الميليشيات هي الطرف الذي يقف وراء شائعة القوائم الأميركية من أجل أن تجد عذرا لأي صدام تراه ضروريا مع الحكومة، التي يتوقع الكثيرون أنها أضعف من أن تواجه بالرفض أي إجراء عسكري أميركي يجعل من الأراضي العراقية قاعدة لشن الحرب المتوقعة.

ويقول المراقب إن الأقرب إلى الواقع هو أن تقوم الميليشيات بمحاصرة الحكومة والضغط عليها من أجل إعلان موقف واضح من مسألة العقوبات على إيران، وإن شائعة القائمة الأميركية ليست إلا مقدمة لتلك الضغوط التي يعتقد زعماء الميليشيات أنهم سيدفعون من خلالها حكومة عبدالمهدي إلى اتخاذ موقف يبعدها عن الإملاءات الأميركية.