لا تخشى بكفيا المرفوعة على كتف ألف متر عن سطح البحر العاصفةَ المناخية، ربما لأنها تعوّدت العواصف السياسية منذ زمن. وبقرميد بيوتاتها الصخرية تَمضي إلى الحياة رغم أوجاع الزمن اللبناني الصعب وأزماته المترامية والمتوالية.
في «بيت المستقبل» الذي يفاخر بماضَويّةٍ جميلة تفوحُ من بنائه التراثي، يجلسُ رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل في مكتبه، كأنه يقيم فوق تجربةٍ يتعايش فيها الماضي بحُلوه ومُرّه مع مستقبلٍ دامس... لولا فسحة الأمل.
في عرينه التقينا الرئيس الذي لاعَبَ طويلاً كرة النار يوم قذَفها القدَرُ إليه مع إنتخابه خلَفاً لأخيه بشير الجميل الذي إغتيل قبل أن يتسلّم مقاليد السلطة، ويوم نَصَبَ الغدرُ فخاً لنجله بيار «عريس إنتفاضة الإستقلال الثاني».
أَرَدْناه حواراً خاطفاً عشية لقاءٍ لرؤساء الأحزاب والنواب والوزراء الموارنة بدعوةٍ من الكنيسة وفي كنفها، وفي عزّ إنكشاف الدولة على «عوْراتٍ» لم يكن أقلّها إثارةً دفْع ليبيا لمقاطعة القمة العربية التنموية في بيروت، ومع بلوغ مأزق تشكيل الحكومة حالَ استعصاءٍ بعد ثمانية أشهر من الكرّ والفرّ.
يبدأ الجميّل برسْم «المسرح السياسي» الذي يحوط بدعوة الكنيسة المارونية (بكركي) لاجتماع اليوم، قائلاً: «لا يَخفى على أحد أن لبنان يمرّ بمرحلة بالغة الصعوبة شبيهة بحالٍ عبثية، فمن جهة أزمةٌ مالية خانقة ذات نتائج قد تكون خطرة، وأزمة سياسية تتمثل في عدم تشكيل الحكومة، وصراعات ذات طابع إستراتيجي بين المَحاور المتمثلة خير تمثيل وتتناحر على الأرض اللبنانية وعلى حساب لبنان، إضافة إلى الوضع على الحدود الجنوبية والتهديدات الإسرائيلية المباشرة وما تعتبره تل أبيب إستفزازات إستراتيجية لها»، مضيفاً: «أخطر ما في الأمر إزاء كل ذلك أن ما من مُحاوِر مأذون في لبنان يحاول من موقع المسؤول أو القادر إيجاد حلول للمشكلات. فرئيس الجمهورية دوره مُعَطَّل ألى حد بعيد، ورئيس الحكومة معتكف ورئيس مجلس النواب في حيرة من أمره».
ويوضح أنه في «ظل هذا الواقع المأسوي وجد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنه لا بد من حلقة تشاوُر تبدأ من البيت الأقرب، وهو لذلك دعا إلى هذا الإجتماع، وأعتقد إنه ما من جدول أعمال محدّد له أو أفكار مسبقة، وتالياً هو لقاء تشاوُر بإمتياز. ورغم اقتناعنا بأن البطريرك دائماً على حق، فهذا لا يمنع ان نتساءل عما يمكن أن يصدر من نتائج، وخصوصاً أن التناقضات الموجودة على الساحة ستكون حاضرة على الطاولة في اللقاء، فهناك أفكار متضاربة للقوى السياسية المشارِكة والتي هي جزء من المشكلة. وإلى أي حد يمكن البطريرك أن يصل إلى قواسم مشتركة أو إلى حلول الحد الأدنى؟ الجواب رهن نتائج هذا الإجتماع».
ولو أراد توجيه توصية لـ «لقاء بكركي»، فماذا يمكن ان يقول؟ يجيب الجميل: «أتوجّه، ليس لغبطة البطريرك، فهو ليس جزءاً من المشكلة انما يبحث عن حلّ، بل للمشارِكين لأقول لهم إنهم مسؤولون عن مصير البلاد ولا يمكنهم التنصل، وتالياً عليهم أن يترفّعوا وأن يكون هاجسهم الوصول إلى أفكار تجمع اللبنانيين وإلى حلول تكون قاسماً مشتركاً بين الجميع، وهو ما يَفْترض التواضع والترفع عن المصالح الآنية الذاتية كي تتحقق مصلحة البلاد».
لا يخشى الجميّل إظهار لقاء بكركي وكأنه يعالج مشكلة مسيحية - مسيحية أو التعاطي معه على أنه لقاء مسيحي بمواجهة الآخرين، ويقول: «رغم أنني أفضّل دائماً حصول اللقاءات على المستوى الوطني والإبتعاد عن لقاءات ضيقة طائفية ومذهبية، لا مانع أن يجتمع بعض الأفرقاء من منطلق الواجب الوطني. وأعتقد أنه سيُطرح في الإجتماع ضرورة توسيع الحلقة والقيام بإتصالات على جميع المستويات لإستكمال البحث. ومعرفتي بغبطة البطريرك والعديد من المجتمعين تجعلني أقول إنهم ليسوا من الإنعزاليين أو المُنْغلقين على أنفسهم، وعلى العكس اللقاء هو بداية للمساهمة في ورشة أكبر ولن يقتصر على إجتماع اليوم بل ستنتج عنه قرارات للإنفتاح وتوسيع التشاور».
وعندما نسأل فخامته عن الهواجس الحقيقية التي دفعتْ الكنيسة المارونية لأخذ المبادرة بالدعوة إلى هذا اللقاء، لا يتردّد في الحديث عن أخطارٍ ما فوق سياسية: «الكيان على المحكّ، والنظام على المحكّ، والوحدة على المحكّ، والميثاق على المحكّ، والطائف على المحكّ، والدستور على المحك... ولبنان أصبح على مفترق طرق، يكون أو لا يكون. الوضع الإقتصادي خطير، الواقع الاستراتيجي والوضع على الحدود خطير، أما بالنسبة إلى الواقع السياسي والمأزق الحكومي فحدّث ولا حرج. ومن الخطيئة المميتة التستّر على هذا الواقع الخطر وعدم القيام بهذه الوقفة الوجدانية (لقاء بكركي) لمحاولة إنقاذ الوطن الذي أصبح مأزوماً في جوهره. لذا على بعض القادة إبتداع المخارج لتثبيت الكيان اللبناني ووحدته ونظامه».
وبمرارةٍ يقارب الرئيس الجميل ما جرى في الطريق إلى القمة الإقتصادية - التنموية العربية المقررة في بيروت في العشرين من الجاري، عندما أُرغمت ليبيا على المقاطعة بعد الضغوط التي مارَسها رئيس البرلمان (رئيس حركة أمل) نبيه بري وبمؤازرةِ «حزب الله» لمنع مجيء الليبيين للمشاركة في إحدى مؤسسات الجامعة العربية، ومن خارج القرار الرسمي اللبناني، وهو عبّر عن ذلك، بقوله: «ما شهدناه في شأن الحضور الليبي إلى لبنان للمشاركة في القمة، أمر معيب بحق لبنان، ويَطرح حقيقةً وفي العمق هل نحن ما زلنا شعباً واحداً؟ وهل ما زلنا نعترف بسيادة الدولة؟ هل ما زلنا معنيين بوحدة هذا البلد؟... يمكن أن تحدث أخطاء من هنا أو هناك وتُعالَج في إطار المصلحة الوطنية، لكن ليس بكسْر الجرّة أو بممارساتٍ تنم عن عدمِ إيمانٍ بالقيم ولا بالمؤسسات ولا بأي مفهوم يحفظ لبنان».
وعن رأيه بـ «الإستعارة» التي إستخدمها الرئيس بري في تلويحه بمنع مشاركة الوفد الليبي في القمة بالقوة وفي الشارع عندما قال إنه لن يتوانى عن القيام بـ«6 فبراير – فبراير» سياسية وغير سياسية، في إشارةٍ الى ما يوصف بـ «الإنتفاضة» التي قادها زعيم «أمل» وآخرين ضد حكم الرئيس أمين الجميل العام 1984، قال الجميّل: «إنها إستعارة في غير محلّها، لا في الشكل ولا في المضمون، لأنه إذا عدْنا إلى تلك الحقبة فأعتقد أنه لن يخرج أحد سالماً من السهام والجروح والمعاناة، فالكل يعلم ما كانت عليه الظروف آنذاك. فلبنان كان كله معلَّقاً بحبْل الهوا في ظل تدخّل البُعد الخارجي. وتالياً هذا التشبيه ليس في محله على الإطلاق، ولست راغباً بالدخول في سجال مع الرئيس بري، الذي أكنّ له كل الإحترام، إنما هو يعرف، وأقولها بمنتهى المسؤولية إنه كان من ضحايا أحداث»6 فبراير – فبراير«ومن ضحايا منطقها».
وهل من بُعد آخر لإعتراض المكوّن الشيعي على مشاركة الوفد الليبي غير إتهام طرابلس الغرب بعدم التعاون في ملف الإمام موسى الصدر؟... يرد الجميّل «بالتأكيد. أعتقد أن الهدف الأساسي الذي تجمّعت من أجله كل الحجج هو فرض مشاركة سورية في القمة وكشرطٍ لإنعقادها. وكل ما تبقى مجرد ذرائع بما في ذلك الموضوع الليبي، لمعرفتنا أن النظام الحالي في ليبيا إنقلب على معمر القذافي وأطاح بكل رموز عهده، ولعلْمنا أيضاً أنه لا يمكن أن نطلب من ليبيا العمل أكثر مما في وسعها، وهي المنقسمة على نفسها جغرافياً وسياسياً، ولا يمكن أن ننتظر من مؤسساتها أن تكون فعالة بقدر ما نتمناه... ولذا فإن الأمر لم يكن يستدعي كل هذه النقمة وهذه الممارسات. وإن كان منطلقُها قضية حق، فهي شكّلت جرحاً كبيراً في الجسم اللبناني و»شرْشحة«للمؤسسات الدستورية والرموز الضامنة لها. ولا شك انه لكان لهذا العمل، أياً كانت مبرّراتُه، تأثير على صدقية الدولة اللبنانية. وكذلك الأمر بالنسبة الى التذكير بمرحلة الحرب التي اعتقدنا إننا تجاوزناها، فهذا الأمر ليس من مصلحة أحد».
وحين نقول له إن ثمة انطباعاً بوجود تسليمٍ بتطبيع العلاقة مع دمشق وربْط ذلك بصدور قرار عن الجامعة العربية بعودة سورية إليها، علماً ان المشكلة اللبنانية - السورية سابقة لِما حصل في سورية بدءاً من 2011، يردّ: «لا بد في مرحلة ما أن تسوى العلاقات بين الشعبين اللبناني والسوري، ولا يمكن ان نغيّر الجغرافيا ولا مبدأ الجيرة بين لبنان وبين سورية ولا الروابط التاريخية ولا العنصر العربي الذي يجمعنا. ومن هنا لا بد ان نصل يوماً ما إلى إقامة علاقات ندّية على قاعدة الإحترام المتبادل لحقوق كل دولة وسيادتها وخصوصيتها ونظامها. ويجب أن يسبق ذلك إنتظامُ الوضع في سورية. فاليوم يمكن ان نتحدّث عن سورية الأسد، وسورية الأميركيين والأكراد، وسورية الأتراك، وسورية الروس، وسورية إيران، أي هناك موزاييك نفوذ أكان على الصعيد السياسي أو الجغرافي. وبقدر ما يهمّنا في لبنان، وقد سعينا في مراحل عدة إلى ذلك خلال عهدي حيث عقدتُ 13 قمة مع الرئيس حافظ الأسد، أن تُستكمل الجهود اللبنانية - السورية لتصحيح العلاقات، نرى ضرورة ان يترافق ذلك مع معالجة الوضع السوري الداخلي المأزوم، اذ أن أي إتفاق قد لا يدوم أو يجدي نفعاً ما دام الواقع في سورية ما زال على هذه الهشاشة».
وعن إدراج النظام السوري أخيراً كلاً من الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع وشخصيات أخرى على «لائحة الإرهاب»، يقول الجميل: «ونحن أيضاً لدينا لائحة إرهاب، لها علاقة بقضية ميشال سماحة التي تَبَيّن أن ثمة عناصر سورية متورطة فيها، وهذا أمر بات موثقاً بموجب حكم عن السلطة القضائية في لبنان أي عن مؤسسة رسمية لبنانية منزَّهة وليس من باب الإتهامات السياسية. وتالياً هذا موضوع يحتاج الى علاج بكثير من الحس بالمسؤولية ويتطلّب أكثر من جهد. وسورية في رأيي مخطئة في ما قامت به، وإذا أردْنا الدخول في هذا النوع من السجال، فإن للبنان الكثير عند سورية، هي التي تسبّبت بالكثير من المآسي على الساحة اللبنانية، ناهيك عن آلاف المخفين قسراً في سجونها. ولا ننسى قضية إغتيال بشير الجميل التي أصدر فيها المجلس العدلي وهو أعلى هيئة قضائية في لبنان حكماً أقرّ بضلوع سورية في الجريمة بإعتبار أن الحزب السوري القومي الإجتماعي معروفة إرتباطاتُه بالمخابرات السورية. إلى جانب جريمة تفجير المسجدين في طرابلس والتورط السوري فيها».
وحول كلام ديفيد هيل الذي اعتُبر بمثابة إطلاق مرحلة مواجهة «حزب الله» في لبنان من ضمن الإستراتيجية الأميركية للتصدي لإيران والحزب في المنطقة، والى أين يتجه الوضع اللبناني ضمن هذه الاستراتيجية؟ يجيب: «بقدر ما ان الموقف الأميركي صارمٌ وواضح في توجيه أصابع الإتهام، فإن هذا الأمر ليس جديداً، وهو من عمر سياسات إداراتٍ أميركية سابقة، وإن كان ربما أسلوب الرئيس ترامب وفريق عمله يختلف، ولكن الخط واحد. وبمقدار ما ان هذا صحيح، فالسؤال يبقى حول مدى قدرة واشنطن على التحرك والتأثير، قياساً الى تجارب سابقة مثل فيتنام وأفغانستان حيث أن سياستها في هذا السياق على صرامتها ووضوحها، لم تؤد الى النتائج التي كانت تتوخاها، وفي العراق حدّث ولا حرج بعد ظهور»داعش«وما إستتْبعه. وهنا أيضاً تحضرني التجربة الأميركية في لبنان، حين حضرت قوات المارينز من ضمن القوة المتعددة الجنسية، وبمجرّد أن وقع التفجير الذي استهدف السفارة الأميركية ومقر المارينز (قرب مطار بيروت)، لم تستطع الولايات المتحدة مواجهة الوضع فانكفأت، وتالياً نتمنى وجود تصور واضح وان يكون جامعاً بمعنى أن تتفاهم مجموعة من القوى عليه، شرط الثبات، اذ ان التجربة لم تكن مشجّعة على هذا الصعيد».
وحين نقول له: ولكن ثمة محاولة حالياً لبناء تَحالُف إقليمي - دولي عبر مؤتمر في بولندا لمواجهة إيران و«حزب الله»، وهذا ما يزيد الموقف اللبناني الرسمي إحراجاً، يردّ: «موقعي معروف، وأنا متطرّفٌ في التمسك بسيادة لبنان. ولا شك في أن لديّ الكثير من المآخذ على انتهاكاتٍ تحصل لسيادة البلد وللسلطات الدستورية، وفي الوقت نفسه، يبقى السؤال إلى أي حد هذا التجمع الذي سيحصل في بولندا سيكون له تأثيرٌ عمليّ، علماً ان هناك حروباً في المنطقة لم تنته بعد، كما هو الحال في اليمن حيث تتعاون الولايات المتحدة مع القوات الحكومية في حربٍ تحوّلت حرب استنزاف. وكذلك الحرب على»داعش«في ظل بقاء جيوب هنا وهناك، سواء في سورية او العراق. وتالياً هناك ضرورة لمقاربة جديدة اذا كان فعلاً المطلوب الوصول الى الاستقرار بالمعنى العالمي، وذلك بما يتجاوز المنطق العسكري والأمني الذي لا يجدي نفعاً على المدى الطويل وهو أشبه بحبة»أسبرين«. أي المطلوب تعاوُن صادق بين الدول الكبرى التي يفترض أن يسودها وعي أكبر إلى أن»جرثومة«الإرهاب والتطرف لن توفّر أحداً. وربما يحتاج الأمر الى العمل على تحقيق إنجازاتٍ على المستوى الإنساني الإجتماعي وحق الشعوب بتقرير مصيرها وحتى معالجة مسألة الفقر».
وهل من أفق لمحاولة واشنطن تدويل المواجهة مع إيران و«حزب الله»؟ يقول: «يكون لها أفق إذا ترافقتْ مثلاً مع إيجاد حل للقضية الفلسطينية التي ستبقى جرحاً في المنطقة، إلى جانب القضية الكردية التي يمكن في أي وقت أن تشعل الأوضاع أكان في العراق أو سورية. لأن هذا النوع من القضايا يولّد مشاعر يسهل إستخدامها وإستغلالها لتغذية التطرف والإرهاب، وكم من جرائم تُرتكب بإسم القضية الفلسطينية مثلاً، هي التي استُعملت لإشعال حرب لبنان وتحقيق مآرب الأنظمة وبعض المصالح الإقليمية على حساب القضية الفلسطينية بالذات. علماً أنني مع هذه القضية بلا قيد او شرط ولكن مع رفض إستخدامها لأغراض لا علاقة لها بها».
وفي ظل الإستراتيجية الأميركية الواضحة في الشرق الأوسط وعنوانها مواجهة إيران و«حزب الله» والمراكمة الإسرائيلية الدعائية ضدّ الحزب ولبنان... هل يخشى تفجيراً ما في ظل التحولات في المنطقة؟ يجيب الجميل: «سبق أن أشرتُ إلى أننا لا نتوقف بما فيه الكفاية عند الوضع الإستراتيجي المحيط بلبنان والتهديدات الاسرائيلية. وأخشى أنه في حال حصول صدام لبناني - اسرائيلي ان تعتمد إسرائيل إستراتيجية إستخدام وسائل تكنولوجية حديثة وأسلحة متطورة، ويمكن ان تلجأ الى سياسة الأرض المحروقة لتجنّب أي خسائر بشرية في مقلبها كما لمحاولة إنهاء الحرب في أسرع وقت، وهما عنصران تخشاهما (إسرائيل). ولا أعرف في سياقِ مثل هذا السيناريو إن كانت إسرائيل يمكن ان تربح أو لا، فحزب الله يدّعي أنه يملك قدرة على الإنتصار، ولكن ماذا يكون بقي من لبنان. هذا سيكون انتصاراً a la Pyrrhus أي بمعنى أنه ينقلب على صاحبه ولا يمكن قطف ثماره».
وفي ضوء كلام هيل عن مراقبة المجتمع الدولي موضوع الحكومة وتأكيده أن «نوعها يهمّنا»، هل يؤشّر ذلك الى مزيدٍ من التأزم في مسار التأليف؟ يؤكد الرئيس الجميل ان «هيل يصف من حيث لا يدري الواقع الذي يَشعر به كل لبناني. ونعرف تماماً ان مشكلة الحكومة مزدوجة تتصل أولاً بالمصالح وكيفية تقاسم الجبنة والوزارات الدسمة، وثانياً وهنا بيت القصيد بالمعادلة الإقليمية، أي مَن سيسيطر على الحكومة فيما لبنان يواجه استحقاقات وقرارات ذات طابع وطني - إستراتيجي مثل العلاقة مع سورية وغيرها. وربما مستقبلاً يكون لبنان أمام ضرورة اتخاذ موقف من العقوبات على إيران وحزب الله، وثمة فارق بين أن يكون موقف الحكومة في هذا الإتجاه أو ذاك. وهنا صوتٌ بالزائد أو الناقص يكون له تأثير، ومن هنا الصراع على النِسَب... مَن يُمسك بالثلث المعطل، او الثلث المكمل، والأكثرية».