يُنهي ثالث أكبر مسؤول في الخارجية الأميركية "ديفيد هيل" زيارته للبنان اليوم الثلاثاء، بعد عدة لقاءات سياسية وأمنية، شملت إضافة إلى كل من رئيس الجمهورية ميشال عون رئيسي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري وسعد الحريري، إضافةً إلى العديد من النواب والشخصيات السياسية والديبلوماسية والأمنية.
وكان هيل استهلّ زيارته مساء السبت بلقاء رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي "وليد جنبلاط "، بحضور السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، والنواب مروان حمادة، أكرم شهيب ووائل أبو فاعور.
وقد التقى هيل الأحد قائد الجيش العماد جوزيف عون، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وتناول البحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وعلاقات التعاون بين جيشي البلدين، لا سيّما حجم المساعدات العسكرية الأميركية الخاصة بالجيش اللبناني، وتركّز البحث على التطورات على الحدود اللبنانية الجنوبية والتوتر الناجم عن استئناف العدو الإسرائيلي لبناء الجدار العازل في مناطق حدودية متنازع عليها مع لبنان، وتطرّق الجانبان إلى موضوع الحدود البحرية بين لبنان وكيان العدو الإسرائيلي.
وعقب لقائه مع الرئيس المكلف سعد الحريري أمس الإثنين، أكد هيل "أنه لا يجوز أن يكون في لبنان ميليشيا خارج سيطرة الدولة تحفر الأنفاق عند الحدود وتقوم بجمع ترسانة من الصواريخ"، وقال "إن المجتمع الدولي يراقب الوضع الحكومي وأن تشكيل الحكومة يعود للبنان ولكن نوع هذه الحكومة هو المهم للجميع"، وأضاف "أن الشعب اللبناني وحده يجب أن يتخذ القرارات الكبيرة".
إقرأ أيضًا: اميركا تنقل مواجهة حزب الله إلى بيروت؟
في السياق، التقى هيل وزير الخارجية جبران باسيل، وبحث الطرفان التطورات عند الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، وكيف يمكن أن تشكل فرصة للتوصل إلى اتفاق بإشراف الأمم المتحدة يحفظ للبنان كامل حقوقه ويمنع تدهور الأوضاع على الحدود.
وبدوره، أجرى أيضًا مباحثات مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أعلن أن بلاده بصدد إجراء إصلاحات مالية واقتصادية من خلال تعزيز القطاعات الإنتاجية، إضافة إلى تفعيل عملية مكافحة الفساد.
وفي الإطار ذاته التقى هيل رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجرى عرض عام للوضع في لبنان والمنطقة، بدوره توقف بري أمام "التمادي الإسرائيلي بالخروقات والإنتهاكات اليومية للقرار 1701، وتجاوزه لقوات اليونيفيل واللجنة الثلاثية بالإعتداء على الخط الأزرق والأراضي اللبنانية"، وشدد على "الحل السياسي في سوريا، وضرورة إستعادة العلاقات اللبنانية - السورية لطبيعتها على الصعد كافة".
مضمونًا توزعت محادثات هيل بحسب صحيفة "الأنباء الكويتية" على عنوانين أساسيين:
الأول له علاقة بالحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، إن لجهة الوضع الناشئ حديثًا في أعقاب إعلان إسرائيل عملية درع الشمال ضد أنفاق حزب الله، أو لجهة ترسيم الحدود البرية والبحرية والنقاط المتنازع عليها في إطار مفاوضات مفتوحة يتولى فيها الأميركي دور الوسيط، حول الخط الأزرق والحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية، مع العلم أن المسؤولين اللبنانيين، ورغم كل خلافاتهم السياسية حول الحكومة وسورية والقمة العربية، متفقون في موضوع الحدود وإسرائيل.
والثاني يتصل بأنشطة حزب الله وإيران في لبنان، وذلك في سياق الحرب الأميركية المفتوحة على مشروع إيران في المنطقة، حيث لا يمكن تجاهل الصلة الوثيقة بين زيارة هيل وجولة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في المنطقة، مع التوقف عند تصريحاته في القاهرة التي تناولت في معظم عناوينها الوضع في لبنان كما تراه واشنطن، معبرًا "عن عدم قبول بلاده بالوضع الحالي الذي يمر به لبنان بسبب وجود حزب الله المدعوم من إيران، متهما إياه باعتداءات شكلت خرقًا للقرار ١٧٠١، في إشارة واضحة الى تبني وجهة نظر إسرائيل في شأن الأنفاق"، إضافةً إلى قوله "إن بلاده لن تحتمل مواصلة السياسات التي يقوم بها حزب الله في لبنان"، مشيرًا إلى "الإستراتيجية الأميركية الجديدة التي تهدف الى التقليل من تهديد ترسانة الحزب الصاروخية لإسرائيل، ودعم جهودها لمنع إيران من تحويل سورية لبنان آخر".
إقرأ أيضًا: موقف أميركيّ عالي النبرة: لضبط نشاط حزب الله
وفي هذا الإطار، عُلم من فحوى حديث هيل مع الذين التقاهم، "أنّ واشنطن لن تسمح بأن يكون لبنان جزءًا من الجاذبية الروسية، وهو ما تسعى روسيا إلى تحقيقه منذ بضعة أشهر"، كذلك عُلم أنّ غالبية المسؤولين اللبنانيين شدّدوا أمامه على ضرورة تفهّم الوضع اللبناني، إن بحكم تركيبته الداخلية، وإن بحكم جواره، وبالتالي فإن المسؤولين طالبوا هيل بأن تعمل إدارة بلاده على تحييد لبنان ومساعدته على القضايا التي يشكو هو منها، وليس فقط على القضايا التي تشكو واشنطن منها، وذلك حسب ما نقلته صحيفة "الجمهورية".
وفي هذا السياق، طرح رئيس الجمهورية ووزير الخارجية موضوع إعادة النازحين السوريين الى بلادهم وحسم موضوع استمرار اللاجئين الفلسطينيين على اراضيه في شكل استيطاني، ودعم لبنان اقتصاديًا وعدم ممارسة ضغط عقابي عليه بسبب ايران أو "حزب الله" وكذلك مواصلة الإدارة الأميركية دعم الجيش اللبناني.
ويبدو من خلال المعلومات المتداولة، أنّ الجواب الواضح الذي أعطاه هيل يتعلق بإلإستمرار الأميركي في دعم الجيش، على أن تمارس الدولة اللبنانية سياسة واضحة حيال حزب الله، ووقف أي تنسيق بينها وبينه.
وفي المحصلة، ترك هيل انطباعًا لدى أكثر من مسؤول مفاده "أنّ واشنطن حريصة على استقرار لبنان ومستعدة لدعم الدولة اللبنانية، شرط أن تدعم الدولة نفسها، إذ لا يُعقل أن تستمر البلاد بلا حكومة ناجزة يقع على عاتقها التواصل مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي".