أوضاع الفلسطينيين ومدى تأثيرها على مجريات الانتخابات في الكيان الاسرائيلي في تقرير مفصل اوردته الصحف الاسرائيلية اليوم بالاضافة الى نشر تفاصيل التحقيقات ضد نتنياهو بملفات الفساد وفيما يلي اهم التقارير.
أوضاع الفلسطينيين يمكن أن تشوش الانتخابات الإسرائيلية
يتحسب رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقادة حزبه، الليكود، من حدوث تدهور في الوضع الأمني في الحلبة الفلسطينية، خاصة في قطاع غزة، واحتمال تأثيرها على الانتخابات الإسرائيلية، في التاسع من نيسان/أبريل المقبل. كذلك يتحسب من ذلك الجيش الإسرائيلي، الذي وجه انتقادات إلى السياسيين الإسرائيليين الذين يطالبون بتجميد تحويل المساعدات المالية القطرية الشهرية، بمبلغ 15 مليون دولار، إلى قطاع غزة.
وكان رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" ووزير الأمن السابق، أفيغدور ليبرمان، كتب في حسابه في "تويتر"، أمس، في أعقاب إعلان الحكومة الإسرائيلية عن تجميد تحويل المساعدات المالية للقطاع، أنه "خسارة أن نتنياهو توصل الآن فقط إلى الاستنتاج بأن إسرائيل لا يمكنها تمويل الإرهاب ضد نفسها. وآمل أن هذا القرار ليس مرتبطا بالانتخاب، وأننا لن نرى نتنياهو بعد التاسع من نيسان/ أبريل يستأنف تحويل المال إلى حماس". كذلك كتب رئيس حزب "ييش عتيد"، يائير لبيد، مؤخرا، أنه "يتم ضخ المال لغزة، ويحيى السنوار (رئيس حماس في قطاع غزة) يتجول كبطل وتم التخلي عن سكان الجنوب".
لكن صحيفة "هآرتس" أفادت اليوم، الثلاثاء، بأن موقف الجيش الإسرائيلي هو أن تجميد تحويل المال إلى قطاع غزة "سيمس بالأساس بمواطني غزة، الذين يستخدمون المال من أجل التزود باحتياجاتهم الأساسية جدا، ويقود حماس إلى خطوات تسوية".
ويفترض أن تحول المساعدات المالية القطرية في العاشر من الشهر الحالي. وبحسب المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم، فإن نتنياهو أرسل تهديدا لحماس، عبر المخابرات المصرية، "بألا تحاول إثارة توتر عند حدود القطاع خلال فترة الانتخابات، لأن إسرائيل سترد بقوة شديدة". لكن هرئيل أضاف أنه "من الجهة الأخرى، فإن التعليمات لضباط الجيش الإسرائيلي بما يتعلق بممارسة القوة في القطاع ما زالت على حالها: استخدام توجه ملجوم وبذل كل ما بوسعهم من أجل الحفاظ على الهدوء، وعدم التسبب بتصعيد. وهذه هي، حتى الآن، روح القائد، وهي مفهومة جيدا في كافة مستويات جهاز الأمن".
وفيما يتعلق بإرجاء تحويل المال القطري للقطاع، لفت هرئيل إلى أن هذا "مرتبط باعتبارات فترة الانتخابات. وليبرمان يهاجم نتنياهو بسبب استمرار تحويل المال القطري لحماس. وصور الأموال التي تُنقل بحثائب ليست مريحة لنتنياهو، بسبب تأثيرها السلبي على ناخبي اليمين".
وأضاف هرئيل أن الصراع الفلسطيني الداخلي، بين حماس والسلطة الفلسطينية، وامتناع الأخيرة عن تحويل أموال إلى غزة، خاصة تسديد حساب الكهرباء، وبشكل خاص في فصل الشتاء، "يهدد بتشويش الهدوء، النسبي والجزئي جدا، الذي جرى التوصل إليه في الأسابيع الأخيرة بين حماس وإسرائيل. وهذه الأمور تجري في توقيت ليس مريحا أبدا لنتنياهو، بسبب الانتخابات القريبة". وأشار في هذا السياق إلى إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع باتجاه مدينة أشكلون (عسقلان) اعترضتها صاروخ "قبة حديدية"، وإطلاق عبوة ناسفة حملتها بالونات، أول من أمس، الأحد
"السنوار يعرف العدو"
ورأت محللة الشؤون الفلسطينية، شيمريت مئير، في مقال نشرتها في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، أن "فرضية عمل نتنياهو كانت أنه سينجح في شراء الهدوء حتى الانتخابات، وربما يعدها أيضا، بمساعدة المال القطري. لكن الحلبة الفلسطينية تفتقر للراحة. وخلافا للضباط عندنا، فإن السنوار يعرف العدو من دون وساطة، فهو يعرف لغته ولا حاجة لترجمة كي يقرأ برقيات موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني. وهو يعلم أن فتيل الكابينيت (الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة) أقصر بكثير من جهة، ويعلم من الجهة الثانية أنه إذا كان نتنياهو قد بذل جهدا كبيرا كي يمتنع عن عملية عسكرية في غزة، فيبدو أن لدى نتنياهو أسبابا جيدة لذلك".
وأضافت مئير أنه "في الماضي، كلما مارس أبو مازن (رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس) ضغوطا على حماس، كانوا ’يتفجرون’ علينا. وظهرت مؤشرات واضحة على توتر (حماس) في الأيام الأخيرة. المال القطري لم يدخل بعد، وهذا نوع من العقاب، لكن مسلسل التربية هذا الذي يلقونه لحماس لن يغير الوضع كثيرا إذا قلّص ابو مازن بشكل كبير المساعدة التي يحولها إلى غزة شهريا".
وتابعت أن "15 مليون دولار من القطريين لن تغطي على 100 مليون دولار من السلطة. وستصل غزة إلى إفلاس من دون أبو مازن. والسؤال هو هل سنصل إلى التاسع من نيسان/أبريل من دون توقف في الطريق من أجل شن عملية عسكرية في غزة. والآن، كل أسبوع هو تحدٍ متجدد".
تفاصيل جديدة عن التحقيقات مع نتنياهو في ملفي "4000" و"2000"
كشفت هيئة البث الإسرائيليّة (قناة "كان")، الجمعة، تفاصيل جديدة، عن ملفيّ 2000 و4000، المشتبه فيهما رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، ومقرّبوه.
الملف 4000: إجماع على كذب رواية نتنياهو
ففي الملف 4000، أوردت القناة ادّعاءات مناقضة لادّعاء نتنياهو أن مسؤولي وزارة الاتصالات لم يعارضوا دمج شركتي "بيزك" و"واللا"، إذ أن جملةً من المسؤولين في وزارة الاتصالات، بينهم وزير الاتصال الأسبق (وزير الأمن الداخلي الحالي)، غلعاد إردان، ومدير عام الوزارة المقال، آفي بيرغر، وكل المسؤولين التقنيين في الوزارة الذين قدّموا إفاداتهم في الشرطة في إطار التحقيقات عارضوا دمج الشركتين.
وكان نتنياهو ادّعى في السابق أن المسؤولين التقنيين في الوزارة صادقوا على الدمج، بينما اكتفى هو بالتوقيع عليه بشكل بروتوكولي فقط.
ونقلت القناة عن مصادر مطّلعة على تفاصيل الإفادات، أنّ كل المسؤولين ذوي الصلّة بالوزارة قدّموا روايةً واحدة هي أنهم لم يصادقوا على الصفقة دون فرض شروط على شركة "بيزك" للاتصالات.
وقال المسؤولون في شهاداتهم، وفق القناة، إنّ التغيير في موقف الوزارة بدأ بعد تعيين نتنياهو المقرّب منه شلما فيلبر مديرًا عامًا للوزارة، الذي تلقّى توجيهات من نتنياهو، وكانت بينهما اتصالات مباشرة وغير مباشرة حول دمج الشركتين، وفق الإفادات.
وبحسب المصادر المطّلعة على التحقيقات، فإن المستند الذي قدّمته نتنياهو للمحققين خلال إحدى جلسات التحقيق معه، وموقّع عليه من قبل المستشارة القضائيّة لوزارة الاتصالات، دانا نيوفيلد، لا يتعلّق بالقضيّة.
وبناءً على الشهادات توصّلت الشرطة إلى استنتاج أنه لا يمكن تفسير تغيير موقف الوزارة إلى النقيض من موقفها الأولي بوجود توجيهات من نتنياهو، بحسب القناة.
وصفقة الدمج المشار إليها، أسفرت عن شراء شركة "بيزك" التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي، شاؤول ألوفيتش، لشركة "يس"، التي يملكها ألوفيتش نفسه، بالإضافة إلى قيام فيلبر، برفض مشروعين إصلاحيين في الوزارة لمنع احتكار سوقي الهواتف الأرضيّة والبنى التحتية للإنترنت، التي تستحوذ عليهما "بيزك"، ما يعني أن نتنياهو حقّق لألوفيتش أرباحًا تقدّر بمليار شيكل، مقابل تغطية داعمة لنتنياهو وزوجته في موقع "واللا".
الملف 2000: نتنياهو فوجئ خلال التحقيقات
أمّا في الملف 2000، فقد كشفت القناة أن الشرطة الإسرائيليّة رغبت في إلقاء القبض على مالك صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أرونون موزيس، في بداية التحقيقات، إلا أنّ المستشار القضائي للحكومة الإسرائيليّة، أفيحاي مندلبليت، حال دون ذلك، بهدف منع كشف التحقيقات ما يعني الإضرار فيها.
وأوردت القناة أنّ نتنياهو نفسه فوجئ، خلال التحقيقات في الملف 2000، بأن الشرطة تمتلك تسجيلات صوتيّة للمحادثات بينه وبين موزيس، ذلك أنه كان يتوقّع أن يُحقّق معه في الملف 4000.
وتشتبه الشرطة الإسرائيليّة أن نتنياهو تعهد لموزيس بتشريع قانون يحد من انتشار صحيفة 'يسرائيل هيوم' المنافسة لصحيفة 'يديعوت أحرونوت' الذي تعهد مالكها موزيس، بدوره لنتنياهو، بإجراء تغييرات جوهرية بالتغطية الصحفية لرئيس الحكومة، وإيقاف النهج النقاد والمعادي وتحويله لتغطية داعمة والتي من شأنها أن تضمن بقاء نتنياهو بمنصبه لأطول وقت ممكن.
معطيات إسرائيلية: "الإرهاب اليهودي" في تصاعد مستمر
شهد عام 2018 الماضي، ارتفاعا حادًا في جرائم منظمات "الإرهاب اليهودي"، وعنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، في الضفة الغربية المحتلة، مقارنة مع السنوات الأخيرة الماضية، وسط تحذيرات أمنية إسرائيلية من جنوح عصابات فتية اليمين الاستيطاني المتطرف إلى أيديولوجيا أكثر تطرفًا، وبالتالي، تترجم إلى أعمال عنف إرهابية واسعة النطاق.
يأتي الكشف عن هذه المعطيات في أعقاب الإفراج عن 4 مشتبهين من أصل 5 بالاعتداء الإرهابي الذي أسفر عن استشهاد الفلسطينية شادية محمد الرابي، في 13 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وسط تحقيقات أنذرت بوجود تنظيم سري إرهابي يهودي جديد، يضاف إلى تنظيمات سابقة، نشطت في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، عن مسؤول في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وصفه لهذه التنظيمات بأن "لديهم شعور قوي بأنهم قادرون على الدولة، وأنه من المستحيل الفوز عليهم"، وتابع "هذا سينتهي بالدم وسيقلب كل شيء هنا".
وبحسب معطيات جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك)، ارتفعت وتيرة الاعتداءات الإرهابية اليهودية في الضفة الغربية المحتلة بنسبة 50% خلال عام 2018، حيث ارتكبت منظمات "الإرهاب اليهودي" 295 اعتداء عنيفًا في العام الماضي مقارنة مع 197 اعتداء خلال العام 2017.
ووفقًا لمعطيات "الشاباك"، فإن 42 من اعتداءات المنظمات الاستيطانية في العام الماضي، تم توجيهها ضد قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية، مقارنة بـ14 اعتداء على قوات الأمن في العام 2017، أي بزيادة وصلت 300 في المئة، كما أشارت إلى أن معظم الجرائم التي رُصدت العام الماضي، وقعت في محيط مستوطنة "يتسهار" والبؤر الاستيطانية المحيطة في منطقة نابلس.
"الإرهاب اليهودي": إطلاق سراح 4 مشتبهين بقتل الشهيدة عائشة رابي
في المقابل، أكد تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، نهاية العام المنصرم، أن "عنف المستوطنين شهد ارتفاعًا مطّردًا منذ مطلع العام 2018، حيث بلغ المتوسط الأسبوعي لهجمات المستوطنين التي أفضت إلى إصابات بين صفوف الفلسطينيين أو إلحاق الضرر بالممتلكات الفلسطينية خمس هجمات، بالمقارنة مع ما معدله ثلاث هجمات في العام 2017 وهجمتين في العام 2016".
وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم"، كشفت تحقيقات وبيانات "الشاباك" عن قيام كبار حاخامات مستوطنة "يتسهار" والمرجعيات الدينية والروحية، بإصدار فتوى تجيز "لشبان من المستوطنة" السفر يوم السبت، وكسر "حرمة اليوم المقدس"، للوصول إلى الفتية اليهود وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع تحقيقات "الشاباك"، ما يؤكد معرفة قادة المستوطنة وحاخاماتها بدور هؤلاء الفتية في جريمة قتل شادية الرابي.
وأشارت الصحيفة إلى مخاوف المسؤولين في "الشاباك" من تآكل حالة الردع ضد نشطاء المنظمات الاستيطانية اليمينية، فيما وجه المسؤول الأمني الانتقادات إلى لرؤساء المجالس الاستيطانية ومسؤولين في أجهزة الأمن على الدعم المفتوح الذي يقدمونه لهؤلاء الفتية، في ظل الفتاوى التي يطلقها كبار الحاخامات في صفوف المستوطنين، تجيز قتل الفلسطينيين خصوصا خلال دروس السبت الدينية.
ووفقًا لتقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن هذا الدعم المعنوي والتأييد الذين يحظون به في البيئة الاستيطانية، يحفزهم على مواصلة العمل؛ "إنهم يشعرون بأنهم لا يقهرون، وأنه من غير المجدي التعامل معهم"، وأضاف المسؤول الأمني أنهم "لا يدخلون بالصدفة في اشتباكات عن عمد مع قوات الأمن، ويعتدون عليهم بالضرب العنيف ويكسرون أيدي رجال الشرطة في عمونا أو يهاجمون الجنود، يأتي ذلك في سياق محاولتهم لردع أجهزة الأمن من التعامل معهم".
وكشفت تحقيقات "الشاباك" مع عصابة "شبيبة التلال"، أن المجموعة التي تم اعتقالها هي عمليًا منظمة إرهابية جديدة، توفرت أدلة حول تورطها في عملية قتل الرابي، عبر رشق السيارة التي كانت تقلها وزوجها وأبناءها بالحجارة عند حاجز زعترة القريب من مستوطنة "رحاليم"، حيث تقع مدرسة يهودية دينية تسمى "بري هآرتس" وتعني ثمار البلاد.
وبيّنت معطيات "الشاباك"، حجم تأثير المستوطنات وما يروجه حاخاماتها على توفير خلفية فكرية ودينية تجيز إنتاج هذه التنظيمات الإرهابية في المستوطنات الإسرائيلية، كما حذر المسؤول الأمني من الحماية التي يوفرها سياسيون لهؤلاء الشبان، ما قد يدفهم إلى تصعيد هجماتهم الإرهابية بصورة أكثر تطرفًا، والذي قد يصل إلى استخدام الأسلحة النارية.
المؤرخ بيني موريس: الفلسطينيون سيتغلبون على اليهود الذين سيهربون للغرب
قرية دير ياسين بعد المجزرة .
يعتبر البروفيسور بيني موريس أحد أهم المؤرخين الإسرائيليين الذين وثّقوا النكبة، من الجانب الإسرائيلي، حيث استخرج عددا كبيرا من الوثائق المحفوظة في الأرشيفات، وكشف بكتبه المجازر التي ارتكبتها المنظمات الصهيونية، ولاحقا الجيش الإسرائيلي، في العام 1948. وهو واحد من أبرز "المؤرخين الجدد"، الذين مارسوا التأريخ بعيدا عن الرواية الصهيونية، ووضعوا مصطلحات تتعلق بالنكبة لم يذكرها المؤرخون الصهاينة، مثل "مجازر" وطرد" و"تهجير" و"تطهير عرقي" أيضا.
بدأ موريس حياته المهنية كمؤرخ، يساريا، وحتى أنه دخل السجن العسكري لرفضه تأدية الخدمة العسكرية إبان الانتفاضة الأولى. واتهم بأنه "يساري" و"خائن" في إسرائيل. لكن في فترة لاحقة، خاصة بعد الانتفاضة الثانية، بدأ ينزح نحو أفكار اليمين ويكررها، ووصل به الأمر أن يصرح بأن زعيم الحركة الصهيونية ورئيس الحكومة الإسرائيلية الأول، دافيد بن غوريون، أخطأ لأنه لم يستكمل عملية تهجير الفلسطينيين من فلسطين وأبقى 160 ألف فلسطيني في "الدولة اليهودية".
موريس (ويكيبيديا)
وقال موريس في مقابلة أجرتها معه صحيفة "هآرتس"، نُشرت اليوم الجمعة، إنه "نزحت نحو اليمين بالمفهوم السياسي وليس التأريخي. وما زلت مؤرخا ولست سياسيا. والتغيير الذي حدث لي يتعلق بموضوع واحد، وهو الاستعداد الفلسطيني لقبول حل الدولتين، والتنازل عن قسم من أرض إسرائيل". وأضاف أن هذا التغيير حدث في أعقاب الانتفاضة الثانية، وأنه أدرك حينها أن الفلسطينيين لن يوافقوا على التنازل عن مطلبهم الأصلي "بالحصول على أرض إسرائيل كلها بملكيتهم وسيادتهم. لن تكون هناك تسوية إقليمية، لن يكون سلام على أساس تقسيم البلاد، وهذا نابع بالأساس من أن الفلسطينيين متمسكون برغبتهم في السيطرة على أرض إسرائيل كلها واجتثاث الصهيونية".
وبدا واضحا في المقابلة أن موريس يتجاهل ممارسات إسرائيل كدولة احتلال، ويتجاهل رفض قادة إسرائيل للتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، وكذلك امتناع رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحق رابين، عن تنفيذ اتفاقيات أوسلو. وهذا رابين نفسه، الذي يقول موريس إنه أمر بتهجير الفلسطينيين من اللد والرملة، في العام 1948.
عرفات، كلينتون وبراك في محادثات كامب ديفيد (أ ف ب)
وزعم موريس أن "من يقول إن (إيهود) باراك وبيل كلينتون قدما اقتراحا للفلسطينيين لا يمكنهم أن يقبلوه، فإنه يكذب" علما أن وزراء إسرائيليين رافقوا باراك في محادثات كامب ديفيد، في العام 2000، مثل الوزير حينها يوسي سريد، هم الذين يقولون ذلك. واعتبر موريس أن الفلسطينيين "يريدون 100% من أراضي أرض إسرائيل الانتدابية. وكانوا يتلاعبون وحسب عندما قالوا إنهم مستعدون لتسوية". وزعم أن "الحركة الصهيونية القومية وافقت على التسوية، في الأعوام 1937 و1947 و1977 و2008، على أساس دولتين للشعبين".
وفيما عبر الجانب الفلسطيني عن موقفه حيال حل الصراع من خلال الموافقة على حل الدولتين، في أوسلو، إلا أن موريس ادعى أن "رابين لم يكن بمقدوره تغيير الروح الأساسية للحركة الوطنية الفلسطينية، بأن أرض إسرائيل كلها لهم وأن اللاجئين يجب أن يعودوا إلى بيوتهم وأراضيهم. وإذا حدث هذا، فإنه سيحدث على أساس دمار إسرائيل". وادعى موريس، بعد هذه الأقوال، أنه ما زال يؤمن بحل الدولتين، لكنه اعتبر أن "هذا حل غير واقعي، ولن يتحقق".
في مديح نتنياهو
كمن يحمل أفكارا كهذه، يمتدح موريس رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. وقال إنه "لا يظهر في الأفق اليوم شخص قادر أو جدير باستبدال نتنياهو وأن يكون رئيس حكومة مقبولا على الشعب". وأضاف أن الانتقادات لنتنياهو لديه تقتصر على فساده، "ولا أوافق على أقواله غير الديمقراطية تجاه عرب إسرائيل. وممارساته في المجال الديني، وتوسيع المستوطنات وتعريف القومية اليهودية تسبب اغترابا لدى يهود الولايات المتحدة".
انتقد موريس "عدم استعداد نتنياهو للتحدث مع الفلسطينيين حول تسوية إقليمية. وهو لم يضع شيئا على الطاولة يمكن أن يجذبهم إلى البحث". لكن موريس أردف أن الهدف هو خداع الفلسطينيين والعالم، وقال إنه "حتى لو أن تسوية إقليمية مع الفلسطينيين ليست واقعية في هذا الجيل، كما كان في الأجيال السابقة، فإنه عليك أن تلعب اللعبة الدبلوماسية، حتى لو أنك تعلم أنها لن تقود إلى أي شيء، وذلك من أجل الحفاظ على تأييد الغرب. يجب أن تظهر كمن تنشد السلام، حتى لو لم تكن كذلك".
كذلك عبر موريس عن تأييده لسياسة نتنياهو تجاه إيران، لكنه أعتبر أن "أحد أخطاء نتنياهو الكبيرة كان أنه لم يقصف المنشآت (النووية) الإيرانية".
"جرائم القتل تعكس طبيعة المجتمع العربي"
كرر موريس موقفه من النكبة بأنه كان ينبغي تنفيذ تطهير عرقي كامل بحق الفلسطينيين، وقال إنه "لو أن حرب الاستقلال (1948) انتهت بفصل السكان بصورة مطلقة، أي عرب أرض إسرائيل في الجانب الشرقي لنهر الأردن واليهود في الجانب الغربي للنهر، لكان الشرق الأوسط أقل قابلية للانفجار، ولكانت معاناة الشعبين في السبعين عاما الأخيرة أقل. وكانوا سيرضون بدولة، ليست مثلما أرادوا، وكنا سنحصل على أرض إسرائيل كلها".
مظاهرة ضد "قانون القومية" العنصري في تل أبيب
وأضاف أن "دافيد بن غوريون أراد بقاء أقل عدد ممكن من العرب في الدولة اليهودية بنهاية 1948، واهتم بأن يلمح لضباطه بأن هذا ما يريده. لكنه كان يعلم أن إصدار أوامر بطرد العرب هو أمر غير صحيح تنفيذه لدى قيام الدولة. ولذلك تحرك بين طرفين. صادق على الطرد في اللد والرملة، لكنه لجم الطرد في الناصرة. وهكذا حدث أنه بقي بعد الحرب 160 الف عربي".
وانضم موريس إلى جوقة اليمين الإسرائيلي بالتحريض ضد المواطنين العرب في إسرائيل. "أعتقد أن أقلية عربية كبيرة في الدولة اليهودية، إذا كانت تتعاطف مع الرواية الفلسطينية والرغبة الفلسطينية بالتخلص من دولة إسرائيل، مثلما يفعل قسم من أعضاء الكنيست ومنتخبو الجمهور في المجتمع العربي، فهذه مشكلة... فهم ينجرفون بصورة أوتوماتيكية لدعاية معادية للصهيونية بقيادة عرفات، في حينه، أو حماس اليوم. وقد شاهدنا المواجهات عام 2000. والحمد لله أن هذا لم يتحول إلى تمرد حقيقي. وأعتقد أنه كان أفضل للجانبين لو أننا انفصلنا في العام 1948".
وتطرق موريس إلى استفحال جرائم القتل في المجتمع العربي في إسرائيل، وتجاهل دور السلطة الإسرائيلية في تغذية هذه الظاهرة، مثل عدم فك رموز معظم الجرائم، وإدخال جاهات صلح برئاسة زعماء منظمات إجرامية وما إلى ذلك. واتخذ موريس في هذا موقفا عنصريا بامتياز، معتبرا "أنهم لا ينقدون أفعالهم وأقوالهم بأنفسهم، وإنما ينتقدون اليهود فقط. هكذا يحدث عندما يُقتل أحد في الوسط العربي، يتهمون الشرطة فورا، بأن تسيّر دوريات بشكل كاف، ولكنهم لن يتهموا أنفسهم ويقولوا إن عربا يقتلون عربا لأن هذا طبيعي جدا. ويوجد في العالم العربي، وعرب إسرائيل هم جزء منه، عدم نقد ذاتي. الأجنبي مذنب دائما. إنهم ينمّون إجراما أكثر بكثير من المجتمع اليهودي. ورغم أن المجتمعات الفقيرة تنمو فيها الجريمة، لكن الحديث هنا عن قتل بكميات كبيرة للغاية، وهذه ليست مسألة مال. هذه طبيعة المجتمع".
نفي مجزرة دير ياسين
نفى موريس تسمية ما حدث في دير ياسين، أثناء النكبة، بأنها مجزرة. "إذا أخذت 50 أسيرا، وأوقفت عند حائط وقتلتهم، مثلما حدث في قرية الجش في 1948، فهذه مجزرة. وهذا لم يحدث في دير ياسين، وإنما قتلوا عددا هنا، وعددا هناك، وألقوا القبض على بضعة أسرى وقتلوهم. وهناك آخرون لم يقتلوهم. وفي المجمل قُتل هناك حوالي 100 مواطن. ويطرح السؤال، إذا جمعت عددا من الفظائع سوية للعدد 100 وتسمي ذلك مجزرة، أو أن تقول قتلوا هنا وهناك عدة عائلات، من دون قصد، في أماكن مختلفة ولحظات مختلفة، فلعل هذا قتل مدنيين وليس مجزرة؟".
وكان موريس قد قال في مقابلة للصحيفة نفسها، في العام 2004، إنه "هناك ظروف تاريخية يوجد فيه مبرر لتطهير عرقي". وكرر اليوم تأكيده على ذلك، بادعاء أنه "عندما يكون الخيار بين تطهير عرقي وإبادة عرقية، فإنني أفضل التطهير العرقي". وأضاف أنه "يجب إقامة شيء للفلسطينيين سبيه بالقفص. وأعلم أن هذا يبدو رهيبا. وهذا وحشي فعلا. لكن لا مفر. يوجد هناك حيوان متوحش ينبغي حبسه بهذه الطريقة أو تلك".
إلا أن موريس اعترف أنه "لا أعرف كيف نخرج من هذا" الوضع فيما يتعلق باستمرار وجود إسرائيل كدولة "يهودية". "فاليوم يوجد بين البحر والنهر عرب أكثر من يهود. والبلاد كلها تتحول، بشكل لا يمكن منعه، إلى دولة واحدة توجد فيها أغلبية عربية. وما زالت إسرائيل تسمي نفسها دولة يهودية، لكن وضعا نسيطر فيه على شعب محتل وليس لديه حقوق لا يمكن أن يستمر في القرن الـ21، في العالم المعاصر. وعندما يصبح لديهم حقوق، فالدولة لن تبقى يهودية".
وأضاف أن "هذا المكان سيرسب كدولة شرق أوسطية مع أغلبية عربية. والعنف بين المجموعات السكانية المختلفة، داخل الدولة، سيتصاعد. والعرب سيطالبون بعودة اللاجئين. واليهود سيبقون أقلية صغيرة داخل بحر عربي كبير من الفلسطينيين. وأقلية ملاحقة أو مذبوحة، مثلما حدث عندما عاشوا في الدول العربية. ومن سيكون قادرا بين اليهود، سيهرب إلى أميركا أو الغرب. والفلسطينيون ينظر إلى كل ذلك بنظرة واسعة ولسنوات طويلة. إنهم يرون أنه يوجد هنا الآن 5 أو 6 أو 7 ملايين يهودي محاطين بمئات ملايين العرب. وليس لديهم سببا كي يتنازلوا، لأن هذا لن يطول. إنهم ملزمون بالانتصار. بعد 30 إلى 40 عاما سيتغلبون علينا، مهما حدث".