لطالما سمعنا امهاتنا ينادين لنا قبل الخروج من المنزل في فصل الشتاء للتأكّد من ارتداء سترتنا وتغطية رقبتنا ورأسنا جيدّاً خوفاً من «سفقة الهوا». إلّا أنّ بعضنا يستهتر بهذه الخطوة، ظنّاً أنه لن يحدث له مكروه. ولكن، هل تعلمون أنّ سلسلة من المشاكل الطبيّة يمكن الإصابة بها إثر التعرّض لتقلّبات الحرارة المفاجئة في هذا الفصل؟
تتعرّض عضلات الجسم في الشتاء والصيف لتقلّبات الطقس المختلفة من حرارة وبرودة وتقلب عوامل الجوّ، ما يسبّب تمدّد العضلات أو تقلّصها محدِثةً تشنّجات عضلية مؤلمة.
 
في هذا السياق، حاورت «الجمهورية» الاختصاصي في جراحة العظام والتنظير وتغيير المفاصل وزمالة جراحة عظام الأطفال، الدكتور قاسم اسماعيل الحشيمي الذي استهلّ حديثه معدّداً أسباب الإصابة بلفحة الهواء، قائلاً إنّ «الجلوس تحت المكيّف لساعات طويلة تحت تيار هوائي ساخن أو بارد والتعرّض لدرجة حرارة مختلفة، يُعدّ سبباً رئيساً للفحة الهواء، كما أنّ الإستحمام والتعرّض لدرجة حرارة باردة يؤدّي إلى حدوث تشنّجات عضلية ولفحة هوائية.
 
كما توجد جراثيم ينشط عملها في فصل الشتاء لا سيما بالنسبة للجهاز التنفّسي والصدري ما يضعف العضلات، ويعرّضها للتشنّجات والتقلّصات والإصابة بلفحة الهواء».
 
تصيب لفحة الهواء غالباً الرقبة والظهر والصدر والعين والوجه والعضلات المحيطة بالفقرات الصدرية ويمتدّ الشعور بالألم إلى الظهر والجانبين وقد تؤثر على الركب مسبِبةً آلاماً وتيبّساً واضحاً ومؤلماً بالعضلات ما قد يُنتج ضعفاً في الحركة العادية، وألماً خلال الحركة البسيطة في المفصل أو العضو المصاب.
 
ويعدّد الحشيمي العوارض التي يمكن أن تصيب اعضاء جسمنا إثر التعرّض للفحة هوائية، على الشكل الآتي:
 
لفحة الرأس
يصاب الشّخص بصداع قوي في الرّأس، ما يسبّب له عدم توازن في الحركة ودوخة خلال المشي، اضافةً الى الضغط على صدغي الرّأس، ووصول هذا الألم إلى الرّقبة والكتفين.
 
الظهر
تصيب لفحة الهواء عضلات الظهر حيث يمتد آلام العضلات والتيبّس من الكتفين إلى أسفل الظّهر، فيشعر المصاب بتيبّس الرقبة وعدم القدرة في تحريكها، ويصبح غير قادر على المشي، ويفضل النوم على الحركة بسبب معاناته من الخمول التام.
 
الكتفان
يتعرّض الشخص للتصلب وتيبس عضلات الكتفين والآلام التي تصاحب الكتفين، اضافةً الى ألم في الرقبة، حيث يعاني المصاب من ألم في لوح الكتف ما يؤثر على حركته.
 
الصدر
تؤثر أيضاً لفحة الهواء على الصدرفتسبّب آلاماً في الكتف والتهاباً في الأحبال الصوتية، ما يسبّب إختفاء الصوت من الحنجرة وظهور بحّة في الصوت لأيام عدّة.
 
الوجه
الوجه، معرّض أيضاً للإصابة بلفحة الهواء وما يُسمى حالة العصب السابع حيث يميل الفم وعضلات الوجه إلى جهة معينة، وتغلق نصف العين، والالم خلف الأذنين. وهذه الحالة مقلقة جدّاً للمريض وتدفعه الى استشارة الاطباء للحصول على العلاج المناسب الذي يكون اطول من علاج لفحة الهواء على العضلات.
 
العين
تتعرض العين إلى لفحة الهواء ويصاحبها جفاف في القرنية والتحسّس، واحمرار العين من جهة واحدة. وعند مرور الهواء البارد إلى العين والشعور بالألم داخل العصب فيها وفي العصب البصري، ينصح بتغطية العين وبعدم التعرّض لتيار بارد أو الغبار لمدة اسبوع.
 
بين العلاج الطبي والتقليدي
بعد شعور المصابين بأيٍّ من هذه العوارض، يعمد بعضهم الى الطرق التقليدية أو الشعبية للشفاء والتحسّن، بينما يفضل البعض الآخر، التوجّه عند اصحاب الاختصاص. فما هو الرأي العلمي لكل من الطريقتين؟ يجيب د. الحشيمي «في حال التهاب عصب الوجه، يجب أن يلجأ المريض الى اختصاصي اعصاب او اذن انف حنجرة، بهدف تحديد العلاج المناسب ليستعيد العصب عافيته.
 
أمّا بالنسبة لإصابة العين، فزيارة اختصاصي العيون ضرورية بعد مرور 3 ايام على الاصابة دون شفاء المريض. كذلك، يجب استشارة اختصاصي اذن انف حنجرة، في حال التهاب الحنجرة والصدر وظهورالبحة واختفاء الصوت لأيام عدّة. وبالنسبة، لاصابة الرقبة والعضلات والعمود الفقري والمفاصل الطرفية كالركب مثلاً، ينصح باستشارة اختصاصي العظام والمفاصل اذا استمرت الاوجاع لاكثر من 3 ايام.
 
في المقابل، يعمد الكثير من المرضى الى اعتماد الطرق التقليدية البسيطة في الشتاء للوقاية والعلاج، كتدفئة الجسم، تجنّب التعرّض لتيارات الهواء والتغيّر في الحرارة خصوصاً في ايام الشتاء الباردة والعواصف وشرب المسكّنات البسيطة. هذه الخطوات مفيدة للإنسان، ولكن أحذّر الجميع الابتعاد عن إجراء أيّ تدليك لأنه يحرك العضلات المتأثرة ويسبّب الالم المستمر وعدم القدرة على إحداث ايّ تحسّن في حال التدليك أيام الاصابة الاولى. ولا أنصح أيضاً، بدهن ايّ دواء او ايّ مادة دهنية او غيرها على المنطقة المصابة في بداية العلاج. ويؤمن البعض بفعالية العلاج بالاعشاب الّا أننا كأطباء نقول إنه لا توجد دراسات علمية تؤكد علاج لفحة الهواء بواسطة الاعشاب».
 
إرشادات طبية
في المقابل، كلنا معرَّضون في هذه الفترة للفحة الهواء، وبهدف الحدّ من الاصابة، يقدم لنا د. الحشيمي في نهاية حديثه بعض النصائح والارشادات الوقائية قائلاً «لا تجلسوا تحت المكيف او قرب المدفأة لمدة طويلة في حال اردتم الخروج الى مكان حرارته مختلفة وبالاخص خلال الرياح والعواصف. إرتدوا الألبسة التي تغطّي رقبتكم ووجهكم ورأسكم، إحصلوا على المشروبات الساخنة كالشاي والبابونج، وعلى مسكنات الألم البسيطة في حال بداية الشعور بالعوارض. وفي حال الاصابة، واتّباع طرق العلاج التقليدية دون تسجيل ايّ تحسّن، يصبح التوجّه عند الاختصاصي المناسب امر ضروري. وأخيراً، ابتعدوا عن الإهمال الذي يسبب زيادة الالم، والحاجة الى تطبيق الحقن في الاماكن المصابة».