شهدت العلاقات الأوربية الإيرانية خلال الأسبوع الحالي جملة من التطورات تستحق التامل، فبعد اخفاقه من تحقيق وعوده لإيران تشجيعا وتقديرا لبقاءها في الإتفاق النووي بعد انسحاب ترامب منه، اختار الإتحاد الأوروبي اسلوب الهروب إلى الإمام لتجاهل الموقف المحرج الذي يقف فيه حاليًا ولذلك قام بنبش القبور أو تلفيق تهم واهية للهروب من الالتزام بتعهداته المعلنة والمصرحة.
وان اعتقال دبلوماسي إيراني في المانيا وايراني آخر في بلجيكا بتهمة محاولة القيام بعمليات إرهابية قبل شهور وفر تغطية مؤقتة لأوروبا للتستر على عجزها من تنفيذ وعودها المشجعة لإيران وأهمها فتح القناة المالية (اس بي وي) التي من شأنها أن تبقي إيران في الاتفاق النووي.
ثم وجد بعض دول الاتحاد الأوروبي وبالتحديد هولندا في تصفح التاريخ فوائدا لإنقاذ الاتحاد الأوروبي من أزمة الوفاء بوعوده لإيران، الأزمة التي كشفت حتى الآن عن كاريكاتيرية كيان الإتحاد الأوربي وقوته أمام الولايات المتحدة.
وتلك الورقة التي كشفتها هولندا من جديد هي أن مواطنًا ايرانيًا اسمه محمد رضا كلاهي والذي أقام منذ اكثر من ثلاثة عقود في اوروبا، تم اغتياله من قبل المخابرات الإيرانية في 2015 في مدينة الميرا الهولندية، وهذه القضية وفرت ذريعة للاتحاد الاوروبي لوضع عقوبات على إيران يبدو انها رمزية اكثر منها واقعية ومؤثرة.
إقرأ أيضًا: استفتاء عام حول الحجاب!
فمن هو محمد رضا كلاهي الذي تم اغتياله قبل ثلاثة أعوام في هولندا؟
انه هو المتهم الأول للتورط في عملية تفجير مبنى حزب الجمهوري الإسلامي في طهران في العام 1982 والتي اسفرت عن مقتل 72 من المسؤولين والنواب واعضاء الحزب ثم هرب كلاهي إلى أوروبا وأقام في هولندا حيث غير اسمه إلى علي معتمد وخضع لعدة عمليات جراحة تجميلية لتغيير شكل الوجه وتزوج من افغانية.
وبعد اغتياله في العام 2015 مرت منظمة مجاهدي خلق الارهابية التي كان محمد رضا كلاهي عضوا منها قضيته والاعتراف بهويته الحقيقية والعملية الإرهابية التي قام بها وهي اكبر عملية ارهابية في إيران على مر التاريخ حيث ان الاقتراب من قضيته يتبعه الكثير ومنها وضع اسمها على لائحة المنظمات الإرهابية.
تعرف المخابرات الهولندية جميع تفاصيل حياة محمد رضا كلاهي وأنه من أكبر إرهابيي العالم في القرن العشرين وليس لدى السلطات الهولندية أي تبرير لإيواء هذا المجرم لاكثر من ثلاثة عقود، والدليل الواضح على ذلك هو ان السلطات الهولندية لم تعلن هويته الحقيقية حتى بعد مقتله لأن الكشف عن هويته كان يفضحهم ويضعهم أمام تساؤلات محرجة.
إقرأ أيضًا: وكلٌّ يدّعي وصلًا بطالبان ولكن!
الا أنهم وجدوا في الوضع الحرج العي تعيشه إيران بعد إعادة العقوبات الأميركية فرصة مناسبة لأوروبا حتى تستغل قضية الارهابي محمد رضا كلاهي لابتزاز إيران والمتلص عن تعهداتها تجاه إيران، ولكن الأسلوب الذي اتخذته أوروبا في الهروب عن مسؤولياتها هو ابشع الأساليب الممكنة حيث ان الدول التي تعتبر نفسها مهد حقوق الانسان ألقت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن أحد اكبر ارهابيي العالم الذي قام باكبر عملية إرهابية في إيران على مدى التاريخ.
والأنكى من ذلك ان سفراء الدول الأوروبية الرئيسيين لدى طهران طلبوا لقاء مسؤول كبير في الوزارة الخارجية الإيرانية لابلاغه عن قلق دول الإتحاد الأوروبي واحتجاهم على مساس أمن تلك الدول عبر تصرفات الأجهزة المخابراتية الإيرانية.
وتفيد المعلومات التي حصلنا عليها بأن اجتماع هؤلاء السفراء مع الدبلوماسي الإيراني كان ساخنًا جدا حيث اعرب الأخير عن احتجاج بلاده على ايواء الدول الأوروبية الإرهابيين وخاصة منظمة مجاهدي خلق التي كانت اسمها على لائحة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية على مدى عقدين من الزمن.
ويقول مصدر مطلع أن الدبلوماسي الإيراني طلب من ممثلي الدول الأوروبية مغادرة مبنى الوزارة الخارجية بعد عشر دقائق اي قبل انتهاء موعد الاجتماع.