قبل أيام قليلة، عقد أعضاء «اللقاء التشاوري» إجتماعاً بعيداً من الإعلام، بدا بمثابة تعويض عن سياسة التهميش الواضحة، التي انتهجها أولياء تأليف الحكومة بحقهم بعد سقوط «تسوية جواد عدرا».
في هذا الاجتماع خرج النواب الستة بخلاصتين أساسيتين: لا إمكانية لإضافة أسماء الى الأسماء الثلاثة التي زكّاها «اللقاء»، بعد اجتماعه الوحيد مع مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم وهي: عثمان مجذوب وطه ناجي وحسن مراد، وفي حال الرفض العودة الى تسمية وزير «أصيل» من بين نواب «التشاوري»، فيما تشير مصادره «الى التجاهل الكليّ الذي تعرّضنا له بعد سقوط «ضرب» الخديعة بحقنا».
لم يكن من دليل على استبعاد أعضاء «اللقاء» عن حركة المشاورات الأخيرة سوى حزم الوزير فيصل كرامي حقائبه قبل أيام وتوجّهه في رحلة استجمام خاصة الى إحدى جزر المحيط الهندي.
اليوم، يعقد أعضاء «التشاوري» اجتماعاً يعيدون التأكيد فيه على موقفهم السابق بأن يكون الوزير المُمثل لـ«اللقاء» حصرياً، إما من الأسماء الثلاثة أو أن يكون واحداً من النواب الستة، لكن الارجحية هي للعودة الى المربّع الأول عبر حصر تمثيل «اللقاء» بواحد من نوابه الستة.
موقف «التشاوري» يبدو مجرّد تفصيل هامشي أمام أزمة تكاد تبتلع الجميع. وفي مقابل التسليم بصعوبة إستنساخ حلّ على طريقة وزير وفق «بروفيل» جواد عدرا التسووي، بات مؤكّداً أنّ كل صيغ الحلول التي قدّمها الوزير جبران باسيل تتمحور حول بقاء الثلث الضامن بيد فريقه السياسي، وهو ما يعكس الإصرار على توسيع الحكومة لتضمّ 32 وزيراً.
وفي هذا السياق، باتت الامور داخل البيت البرتقالي تُقال كما هي: «الثلث الضامن طوّبته لنا نتائج الانتخابات النيابية ولم نسعَ اليه، وبالتالي هو من حقنا ولا تنازل عنه».
أوساط هذا الفريق تشير، الى أنّ رئيس الجمهورية سبق له أن أعلن أنّ «حكومة عهده الأولى ستسعى الى تأمين توافق مكوّناتها على الملفات المطروحة، لكن حين يغيب التوافق او الإجماع فالتصويت هو الخيار الوحيد»، مؤكّدة «أنّ الحكومة ستكون عملياً مؤلّفة من بقايا 8 آذار وبقايا 14 آذار والوسط الذي يمثله فريقنا السياسي.
وبغض النظر عن التحالفات الظرفية التي ستحكم كل ملف على حدة داخل الحكومة، فإنّ «الثلث الضامن» بيد فريق تكتل «لبنان القوي» ووزراء رئيس الجمهورية سيكون ضامناً لاتخاذ القرارات الإصلاحية الصائبة داخل الحكومة ومنع تعطيلها، وليس لاستخدامه في معركة رئاسة الجمهورية المقبلة».
عملياً، تمسّك باسيل وعون بالثلث الضامن «المسيحي» ومحاولته الاستحصال على حقائب خدمات أكثر من حقائب «الترف»، ورفض الحريري تقديم مزيد من التنازلات فيما مشهد «العودة» العربية والخليجية الى سوريا يوحي باستدارة إقليمية في التعاطي مع نظام بشار الاسد، وتأمين «حزب الله» سابقاً الغطاء لإسم جواد عدرا ممثلاً لـ«اللقاء التشاوري»، دلالات تعكس واقع أنّ العِقد داخلية أكثر بكثير مما هي خارجية، تنتظر كلمة سرّ «من مكان ما»!
وفق المعطيات، فإنّ إصرار باسيل على اعتبار أنّ اقتراحاته التي عرضها أمام الحريري لا تزال قابلة للتفاوض والأخذ والردّ، لن يغيّر في واقع أنّها باتت وراء ظهر «رافضيها» وأولهم الحريري، فيما الاقتراح القاضي باقتراح عون أسماء جديدة للتوزير واختيار «التشاوري» أحدها مرفوض، مع العلم أنّه لم يُعرض على «اللقاء» لكون موقف الأخير منه معروف سلفاً، فيما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري صريحاً بالإشارة الى سقوط الاقتراحات الاخيرة كلها.
وفيما كان لافتاً لهجة البيان الأخير الصادر عن «تكتل لبنان القوي» بإشارته الى أنّ في حال «استمر الوضع بلا سقف سيكون لنا موقف آخر»، تشير مصادر في «التيار الوطني الحر» الى أنّ «باسيل لم يعد يقبل بأن يقدّم الاقتراحات، وحين تُواجه كلها بالرفض يأتي من يحمّله مسؤولية التعطيل».
وتضيف المصادر، «أنّ واقع كوننا الفريق الداعم لرئاسة الجمهورية، والطرف الوحيد الذي يستطيع أن يتواصل مع الجميع من دون استثناء، لا يجب أن يحوّله البعض ضدنا فنصبح الجهة المعرقلة!». مشيرة الى أنّ «لا خطوات مقرّرة سلفاً، لكن بالتأكيد لن نتفرّج على خراب البصرة»، مع التلميح الى أنّ «التدخّل الحاسم قد يحصل من جانب الرئاسة الاولى».