تعطيل الدولة ومؤسساتها، ودورة الحياة العامة في كل لبنان بات الناس، هنا وفي كل مكان يعرفون من يصنعه، ومن يسهر على توزيعه واستمراره. وليس من اليوم ومن تعطيل تأليف هذه الحكومة منذ ثمانية أشهر، إنما منذ تجارب مماثلة حصلت على صعيدي رئاسة الجمهورية وتأليف الحكومة. فمن ينقذ هذا اللبنان؟ نكاد نصيح أنقذونا، أنقذوا لبناننا، بل يجب أن نفعل عاجلاً.
قد تكون فئة معيَّنة هي من يُهدي الى لبنان هذه المغانم والتضحيات لأسباب معلومة مجهولة، هي والذين يصنعونها، مع الأهداف والغايات الكامنة خلفها، محلياً وإقليمياً.
حتى غدا هذا اللبنان وسيلة سياسية تُستغل على الصعيدين المحلي والدولي. فمن ينقذ هذا اللبنان؟
سَلْ من تشاء من اللبنانيين، أو من الدول العربية، عمن يصنع لكم هذه الهدايا المتواصلة، ومَن ذا الذي يتحفكم بهذه المساعدات والتضحيات، حالاً وسريعاً تسمع الجواب.
لقد نال المبدعون شهرة واسعة النطاق، وشهادات عالية جداً في اختراع “أدوات التفريغ” والتعطيل والتأخير، منذ الفراغ الرئاسي الذي استمر عامين ونصف الثالث، بعد فراغ ارتدته مهمة تأليف حكومة تمام سلام استمر ما يقارب العام.
الأجواء ذاتها نعيشها اليوم مع حكومة يحاول الرئيس سعد الحريري تأليفها منذ ثمانية أشهر… الا أن الأجواء ذاتها، والأسباب ذاتها، والأهداف ذاتها برزت بكل تفاصيلها وقطعت الطرق والمنافذ: ما فيش حكومة، يعني أن المعطلين أنفسهم لا يسمحون بمرور أيَّة صيغة لا تتضمَّن كامل الشروط المعلنة والكامنة والمفترضة والتي من تحصيل الحاصل. فمن ينقذ هذا اللبنان؟
وخصوصاً بعد بروز رغبات مبكرة، تدغدغ هذا المدلَّل أو ذاك، مثلما تدفع ذيّاك الى وصل الليل بالنهار سعياً وراء نجم الرئاسة، رئاسة الجمهورية اللبنانية؟
أليس من المبكر فتح الأبواب، أو حتى النوافذ و”الطاقات”، على الاستحقاق الرئاسي؟
ربما. بل صحيح، أنه مبكر جداً، وللمرة الأولى. إنما ماذا تقول للمستعجلين من المدلّلين بصورة خاصة؟ وأين تروح من درب الطموح المتفجِّر؟
ثمة مَنْ يعرف كل الأسباب وما خلفها وأمامها. غير أنهم يقولون لنا وللمستعجلين إن الطموح من حق كل إنسان، حتى ولو لم يكن مؤهلاً، أو يتمتع بالشروط والكفاءات، وليس مجرَّباً في هذه الحقول وعلى هذه البيادر.
بل حتى لو كانت الظروف هي التي تفتح الطرق والأبواب، وتجذب وتشجّع المبكرين والمستعجلين. غير أن ذلك كله لا يبرّر ولا يجيز فتح معركة رئاسة الجمهوريَّة أواخر السنة الثانية من عهد الرئيس ميشال عون، علماً أن عمر الولاية ستة أعوام…
على افتراض أن المسترئس المستعجل وجد تشجيعاً من هنا أو من هناك، غير أن الغرام بالرئاسة لا يمنع المسؤولين والمعنيّين من إزالة العراقيل المفتعلة من درب الرئيس المكلَّف تأليف الحكومة، فيما لبنان يعاني بأسره، وبكل فئاته ومناطقه، وضعاً سيئاً لم يعرفوا مثله حتى في حروب قايين وهابيل؟
المطلوب من أصحاب الغيرة والدلال، ومن المعرقلين أنفسهم، السماح للحكومة بالمرور، فمن ينقذ لبنان من هذا الضياع؟