حركة طالبان ترفض حضور جولة مفاوضات في الرياض وتطالب بنقلها إلى الدوحة.
كشف رفض العضو البارز في حركة طالبان الأفغانية حضور محادثات سلام مزمعة مع الولايات المتحدة في الرياض الشهر المقبل ونقلها إلى الدوحة، ما تردد من أن تقاسما سياسيا في الأدوار جرى بين إيران وقطر، إذ أخذت طهران دور البديل الاستراتيجي المساند لطالبان، تدريبا وتجهيزا وخططا، في حين نشطت الدوحة علاقاتها مع طالبان بعد فترة قلق من أن تربط الولايات المتحدة بينها وبين حركة طالبان “الإرهابية”.
وقال عضو بارز في طالبان بأفغانستان مشترطا عدم ذكر اسمه “ليس من المفترض أن نلتقي بمسؤولين أميركيين في الرياض الأسبوع المقبل ونستأنف عملية السلام التي لم تكتمل في أبوظبي الشهر الماضي”. وأتى إعلان الحركة الأفغانية بعد تأكيد إيران أن وفدا من طالبان زار العاصمة الإيرانية طهران حيث عقد جولة محادثات هي الثانية بهدف إنهاء نزاع مستمر منذ 17 عاما.
وقال مسؤولون في حركة طالبان، الأحد، إن الحركة لن تحضر محادثات سلام مزمعة مع الولايات المتحدة في السعودية هذا الشهر وتريد نقل مكان إجراء المباحثات إلى قطر وذلك تلافيا لسعي الرياض إشراك الحكومة الأفغانية في الحوار.
ويأتي هذا الموقف بعد اتصالات أجرتها الدوحة وطهران مع الحركة الأفغانية بعد أيام على مفاوضات أجرتها طالبان مع المبعوث الأميركي للسلام في أفغانستان زلماي خليل زادة الشهر الماضي في أبوظبي.
وجولة المفاوضات المقبلة هي الرابعة ضمن سلسلة تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ 17 عاما في أفغانستان ومن المقرر إجراؤها بين زعماء طالبان والمبعوث الأميركي لمناقشة انسحاب القوات الأجنبية ووقف محتمل لإطلاق النار في 2019. ورغم اختلاف أهداف إيران وقطر في أفغانستان، إلا أنهما التقتا في مسعى لمنع السعودية والإمارات من أخذ زمام المبادرة لحل الأزمة الأفغانية.
ولا تريد إيران للحلف العربي الذي تقوده السعودية بمؤازرة إماراتية واضحة، من أن يحقق اختراقا على حدودها الشرقية لأنها لا تنظر لأفغانستان إلا كمصدر قلق عرقي وطائفي لها.
ولا تفوّت قطر أي فرصة للنيل من التحالف العربي مهما كانت الكلفة المدفوعة مقابل ذلك، بل تجد أنها تستطيع التقارب مع الولايات المتحدة الساعية للخروج السريع من أفغانستان، بتقديم نفسها كوسيط يعرف مسالك طالبان منذ انطلاقتها قبل أكثر من 20 عاما. كما أن الدوحة تتمكن من تقديم الأموال لتسهيل المهمة، على العكس من الولايات المتحدة التي لا تستطيع شق طريقها بسهولة إلى السلام في أفغانستان وهي بلد تتبدل فيه الولاءات القبلية بسرعة تبعا لمستوى ما يقدم من أموال على الأرض.
وتعتمد تطورات العملية السلمية في أفغانستان على باكستان إلى حدّ كبير وهو الدور الذي لا يزال غامضا إذ تبدو حكومة عمران خان بوضع المتريث في الدخول على أي من المحورين السعودي أو الإيراني. لكنّ مراقبين سياسيين استبعدوا أن ترى باكستان في مفاوضات ترعاها طهران والدوحة أي مصلحة استراتيجية لها وخصوصا مؤسستها العسكرية والاستخباراتية.
ورفض زعماء الحركة المتشددة عرضا من الحكومة الأفغانية لإجراء محادثات مباشرة رغم ضغوط دولية متزايدة في سبيل إشراك الحكومة المدعومة من الغرب في المحادثات. ونقل موقع “انتخاب” الإخباري الإيراني عن المتحدث باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، قوله إن دخول الحركة في مفاوضات مشروط بانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.
وسبق أن كشفت صحيفة التايمز البريطانية أن “أفضل مقاتلي طالبان يجري تدريبهم في إيران”. مؤكدة أن نفوذ طهران يتنامى في أفغانستان مع تصاعد التوتر في علاقاتها مع واشنطن.
وأشارت إلى أن المئات من مقاتلي طالبان يتلقون تدريبا متقدما على أيدي مدربي القوات الخاصة في الأكاديميات العسكرية الإيرانية. وأن ذلك جاء جزءا من تصعيد طهران لدعمها لتمرد حركة طالبان في أفغانستان. وأن الإيرانيين أقنعوا طالبان بأن الحل في خروج القوات الأميركية وان الحكم سيؤول اليهم بدلا من التعامل مع الحكومة.
واتهم مجاهد الحكومة الأفغانية بأنها حكومة “تخضع لتأثير الولايات المتحدة الأميركية”، وقال “لا معنى لمفاوضات مع إدارة تخضع لتأثير أميركا”. وقال ذبيح الله إن جماعته تحتفظ بقناة سياسية للتواصل مع إيران؛ بهدف تنسيق المواقف في ما يتعلق بمستقبل أفغانستان بعد خروج الولايات المتحدة.
وفي ما يتعلق بعلاقات طالبان مع إيران، قال “علاقتنا مع إيران تقتصر على المفاوضات والحوارات السياسية، وكان المسؤولون السياسيون في طالبان على اتصال مع إيران، والسبب واضح، كما أن جميع الدول الإسلامية خلال الجهاد ضد الاتحاد السوفيتي تعاونت بشكل جيد مع الأفغان، واحدة منها كانت إيران”.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية قد كشفت في أكتوبر الماضي أن إدارة الرئيس دونالد ترامب أعدت خطة تهدف إلى إنهاء وجود ممثلين عن حركة طالبان في العاصمة القطرية الدوحة.