ينفذ لبنان اليوم إضرابا سلميا إحتجاجا على عدم تشكيل الحكومة وعلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي لم تعد تحتمل، في وقت ما يزال الجدل البيزنطي مسيطرا على عملية التأليف التي تشهد مراوحة قاتلة في ظل طرح أفكار جديدة ـ قديمة بات القاصي والداني يعلم أن لا مكان لها في إستراتيجية بعض المرجعيات السياسية.
يزداد عدّاد أيام الفراغ الحكومي، ولا خروقات جدية في ملف التأليف، والعقد مهما أعطيت من أسماء أو عناوين باقية على حالها، ولا يبدو أن ثمة حلول في الأفق، ولن يغير الاضراب شيئا ولا التحركات التي ستليه، في ظل وقوف كل من المعنيين بالعقد عند مصلحته وعند تحقيق غاياته من الحكومة المنتظرة.
الوزير جبران باسيل يتجه في الحكومة صعودا نحو 36 وزيرا وربما غدا أكثر في سبيل ضمان حصوله على الثلث المعطل في الحكومة والذي يقتنع أنه قد يعبّد الطريق أمامه الى قصر بعبدا، من دون أن ينجح حتى الآن أي من حلفائه في إقناعه بأن لا ثلث معطلا لأي من الأطراف السياسية في الحكومة حفاظا على التوازن المطلوب داخل مجلس الوزراء.
والرئيس الحريري يقف عند الرقم 30 للحكومة، وهو قد ينزل في العدد الى 24، لكن لا يمكن أن يصعد الى حيث يريد باسيل، لا عند الرقم 32 ولا عند الـ 36 لأن ذلك سيفرض عليه أمورا لا يستطيع تحملها محليا ولا إقليميا لا سيما بعد موافقته على تمثيل اللقاء التشاوري بتوزير شخصية سنية من قوى 8 آذار تمثله وذلك لأول مرة منذ العام 2005، في حين يرى بعض المطلعين أنه يجب على الحريري أن يكون أكثر حضورا وأن يسارع الى إستعادة زمام المبادرة الى جانب رئيس الجمهورية كونهما المعنيان الأساسيان بتشكيل الحكومة وتوقيع مراسيمها.
أما اللقاء التشاوري فشأنه شأن سائر اللبنانيين، حيث يعلم بنتائج المفاوضات من وسائل الاعلام فقط، وينتظر أن يتم التواصل معه للبحث في الاسم الذي سيتم إختياره لتمثيله حصرا في الحكومة، سواء من لائحة الأسماء التي سبق وقدمها وسحب منها إسم جواد عدرة، أو في تقديم لائحة أسماء جديدة، لكن ما يثير إستغراب اللقاء هو تصرف الوزير باسيل الذي يلعب دور رأس الحربة في مواجهته، خصوصا بعدما جرى تسريب معلومات عن أن باسيل إقترح عدم تمثيل اللقاء التشاوري لا بوزير منه ولا بمن يمثله.
ويشير عضو اللقاء النائب جهاد الصمد لـ”سفير الشمال” الى أن “النواب الستة ليسوا على خلاف سياسي مع باسيل لا على المقاومة ولا على العلاقة مع دمشق، بل الخلاف السياسي الأساسي هو مع الرئيس المكلف سعد الحريري، فلماذا يقوم باسيل بمواجهتنا نيابة عن الحريري، وهل هو مكلف منه للقيام بهذه المهمة؟ أم أن ثمة أمور نجهلها ولا يعلمها سوى باسيل وحده؟.”
ويقول الصمد: “نحن نريد كسر الآحادية السنية بناء على نتائج الانتخابات النيابية وهذا حقنا وحق الشريحة التي أعطتنا أصواتها، وشأننا في ذلك شأن كل الطوائف الأخرى، فلماذا ينزعج الوزير باسيل من ذلك؟ ولماذا يرفض تعميم هذا الأمر؟.”
ويختم الصمد: الكرة اليوم في ملعب الرئيس المكلف الذي يتنازل عن دوره وصلاحياته للوزير باسيل الذي يأسر الحكومة، ويريد لممثل اللقاء التشاوري أن يكون من حصة “لبنان القوي” وهذا أمر لن يحصل، لأن ممثلنا سيكون من حصتنا حصرا وسيكون العضو السابع في اللقاء، وما دون ذلك لن تشكل حكومة، ولن يقدم حلفاؤنا أسماء وزرائهم الى الرئيس المكلف الذي يجب عليه مع رئيس الجمهورية أن يمارسا دورهما في عملية التأليف، وأن لا يتركا هذا الدور لأي كان”.