اشار السيد علي فضل الله الى اننا دخلنا عاماً جديداً وهو لا يزال محملاً بالأزمات التي كانت تعصف به على كلِّ الصعد، من دون أن تلوح في الأفق بوادر حلٍّ تنهي هذه الأزمات، بدءاً بتشكيل حكومة تستحقّ عنوان حكومة وحدة وطنية، حكومة متجانسة ومتعاونة. لقد كنا نأمل أن تستلهم القوى السياسية محطة رأس السنة لتكون مناسبة للمراجعة والمحاسبة، ولتشكّل فرصة لإعادة النظر بكل السياسات والتوجهات التي أوصلت البلد إلى ما وصل إليه من الانحدار على كل المستويات، وحتى الانهيار.
ولفت خلال خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، الى انه "مع الأسف، لا نرى حتى الآن أية بوادر توحي بالتغيير، ولا نلحظ ذهنية جديدة في التعامل مع قضايا البلد ومصالح الناس، حتى إنَّ الكثير من اللبنانيين باتوا لا يرون حتى في تشكيل الحكومة، على أهميته ولو المعنوية، منطلقاً لمرحلة جديدة مختلفة عن الماضي، فأية حكومة ستخرج البلد من أزماته، في الوقت الذي يراد لها أن تشكّل على قاعدة الغلبة، أو في ظل وجود الهواجس والمخاوف التي تسيطر على القوى السياسية من بعضها البعض، إذ إنَّ الكلّ خائف من أن يكيد له الآخر أو يعدّ العدة لذلك، حتى بين من كانوا يعتبرون من الحلفاء".
اضاف "إننا، رغم كل هذا الواقع الذي يعيشه النادي السياسي أو الأزمات التي تنتج منه، والتي توحي بالتشاؤم، وتدفع الكثيرين إلى القول أن لا أمل من هذا البلد، وفالج لا تعالج.. لا نزال نرى أن العلاج ممكن عندما تشعر كل القوى السياسية بأنَّ هناك شعباً واعياً يرفع صوته، ويحاسب ويدقق، ولا تنطلي عليه كل الإثارات الطائفية والمذهبية وادعاءات الدفاع عن حقوق مهدورة لهذه الطائفة أو تلك، والتي باتت السلاح الأمضى لتخدير الناس وضمان سكوتهم. ومن هنا، فإننا نقف مع أي تحرك شعبي يعبّر فيه الناس عن آلامهم وأوجاعهم، شرط أن يكون مدروساً ومسؤولاً وفاعلاً، وأن لا يكون أداة في الصراع السياسي الدائر بين القوى السياسية".
واعتبر إنَّ من حقّ اللبنانيين أن يرفعوا أصواتهم ليقولوا لكلِّ الواقع السياسي المعطّل والمعرقل للحلول: كفى استهتاراً بمصالحنا وبمستقبلنا ومستقبل أولادنا لقد أودعناكم المسؤولية حتى تخفّفوا عنا، لا لتزيدوا مشاكلنا، أو لتضيفوا أعباء جديدة بسبب فسادكم أو تغطيتكم على الفساد والسّماح به، أو لتجعلونا مشرّدين في هذا العالم، نتسكَّع على أبواب الدول للحصول على لجوئها.
وامل أن تشكل القمَّة الاقتصادية التي ستعقد في لبنان في العشرين من الشهر الجاري، عامل ضغط وحافزاً لدى عقلاء السياسة اللبنانية، ومن يتحمّلون المسؤولية في هذا الوطن، بأن يحفظوا موقع هذا البلد، ويسارعوا لتشكيل حكومة تتحمل مسؤولياتها لتكون القمة فرصة يستعيد فيها لبنان دوره سياسياً واقتصادياً. كما أمل في إطار هذه القمَّة أن يعمل المسؤولون اللبنانيون لإيجاد المناخات وتهيئة الظروف التي تؤدي إلى مشاركة سوريا في هذه القمة، نظراً إلى الآثار التي يتركها ذلك في إعادة لم الشمل العربي المطلوب في هذه المرحلة.