سألته: باختصار، لوين رايحين نحن ولبنان الدولة والنظام والتركيبة والصيغة؟
قال: باختصار، إلى أبعد ممّا يعتقد كثيرون.
سؤال آخر مفتوح على الأهداف والنتائج.
قال: هناك نيّات مُتعدّدة ومُتشعَّبة. ثمّة رغبة أكيدة في تعطيل سياسي شامل للدولة. وعن سابق تصوّر وتصميم. ثمّة إصرار على إبقاء البلد مشلولاً عن وعي كامل، وبرغبة مكشوفة للجميع. وعلى عينك يا تاجر.
هل من رغبة في تغيير ما بالنسبة إلى النظام، أو الهيكليّة، أو الوضع بُرمّته؟
قال: من بعيد التجارب القاسية تقول لنا إن كل الاحتمالات واردة. وتنفيذ جزء مُختصر للغاية من اتفاق ودستور الطائف ينصحنا ألّا نستبعد هذا الاحتمال، أو نستغرب ذلك الحدث. لقد سبق الفضل ومررنا بتجربتين كبيرتين وفاضحتين،
وعلى صعيدي رئاسة الجمهوريّة وتأليف الحكومة. وكلاهما يُترجمان “الأسلوب” المتّبع اليوم بالنسبة إلى تأليف حكومة الرئيس سعد الحريري، والأراجيح التي تتنقَّل فيها… وعدم السماح لأيّة توليفة أن تمر. والعصي التي تتراكم في الدواليب انتقل بعضها إلى الداخل.
هل ترى البلد متُجهاً إلى أزمة مفتوحة، تأخذ النظام و”الحصص” والتركيبة بدربها؟
قال: في وضع كالذي يعيشه لبنان منذ سنوات، ولنقل منذ الفراغ الرئاسي، ثمّ الفراغ الحكومي، ثم وضع الحجارة والعراقيل، بمختلف أنواعها وأسمائها، في درب توليفة الرئيس سعد الحريري، تنصحنا بعدم استبعاد أي احتمال. واضح أن في الأجواء نيّات غير حسنة بهذا الخصوص. وليس مُستغرباً أن نستيقظ يوماً على “موقف غريب” في هذا الاتّجاه. مرور ثمانية أشهر على محاولات سعد الحريري من دون جني أيّة ثمار على صعيد التأليف، يجعلنا نتوقَّع كل شيء… حتّى بالنسبة إلى ما يستبعد عند العقلاء و”المستندين” إلى “دول المظلّة”…
بعد حادث بوسطة عين الرمّانة عشيّة 13 نيسان 1975، بقليل من الأيّام والوقت، اضطرّت “عائلة النهار” إلى العيش في فندق “كافالييه” القريب من مركز المؤسّسة. وكان الوضع في حينه أشبه بالحصار من الجهات الأربع.
في إحدى الليالي المدفعيّة القاسية اقترح الوزير مروان حماده الذي كان في عداد كبار المسؤولين عن الصحيفة أن نُقيم “جنّازاً” شعريّاً بما تيسَّر لدى كلٍّ منّا. فتحمّس الجميع، وكان في الطليعة ضيفنا العزيز وليد بك جنبلاط.
ومع أن المسألة كانت لمجرّد اللّهو وتقطيع الوقت، فقد كان التركيز يأخذنا إلى ما يُشبه القناعة أن لبنان العزّ والرزّ لن يكون موجوداً حين تنتهي تلك الحروب المجنونة، والفالتة من كل رقيب أو حسيب. “وغيبة” من هذا النوع تستحقّ الجنّازات، أو الجنانيز… خصوصاً عندما صحونا لاحقاً على تلك الفواجع التي حلَّت ببيروت ومدن أخرى مُتعدّدة.
فقلنا لقد كانت في محلّها…
… في العديد من الأحداث والتطوّرات اللّاحقة والتي نعيشها في هذه المرحلة، ومنذ فترة طويلة، ما يستوجب إعادة “جمع الشمل” وإقامة جنانيز من جديد، وأكثر مباشرة ومصارحة.
فهل المطلوب النتائج ذاتها، أو ما يُماثلها؟