أقل ما يمكن أن يقال في المواعيد التي يضربها عرابو تأليف الحكومة العتيدة أنها ″عرقوبية″، حيث لم يعد أحد من اللبنانيين يصدقهم، خصوصا بعدما ثبت بالوجه الشرعي أنهم يتحدثون الشيء ونقيضه، ينشرون التفاؤل، ويسرّبون التشاؤم، يبشر بعضهم بولادة الحكومة خلال أيام قليلة، ثم تتحدث مصادر هذا البعض عن صعوبات وعدم حصول خروقات في الملف الحكومي نفسه.
يتحدث الرئيس الملكف سعد الحريري عن ″عقدة وحيدة متبقية نسعى الى حلها″، بينما ما يزال الوزير جبران باسيل حتى مساء أمس يطرح الأفكار الكثيرة لتأمين التوازن بالتشكيل، يُحكى عن حل العقدة السنية باختيار وزير يمثل اللقاء التشاوري حصرا، في حين يعلن اللقاء أنه لم يتبلغ أي مبادرة بعد أن تجمدت المفاوضات معه عند سحب ترشيح جواد عدرة، يطرحون إعادة توزيع الحقائب ثم يتراجعون عنها ثم يعودون إليها، يقتنع جبران باسيل بعدم إمكانية حصول تياره على الثلث المعطل في الحكومة، ثم يعيد الكرّة من جديد في التفتيش عن هذا الثلث وإنضمام 11 وزيرا الى حصته وحصة رئيس الجمهورية، وكأن شيئا لم يكن.
يرفض الرئيس الحريري صيغة الـ 32 وزيرا، ثم تطرح عليه مجددا وتكرارا، في وقت يسعى فيه كل طرف سياسي الى رمي المسؤولية على الطرف الآخر، فيما الجميع يشددون على ضرورة تشكيل حكومة لمواجهة التحديات والأزمات، ومن ثم يعطلونها لتبقى هذه الحكومة في علم الغيب.
كل ذلك يؤكد أننا ما زلنا ندور في حلقة مفرغة من الأفكار والاقتراحات، وأن كل طرف ما يزال على موقفه من التعنت وتقديم المصلحة الخاصة على المصلحة الوطنية العليا ومصلحة اللبنانيين الغارقين بالأزمات بينما يستمر عرابو البلد والتأليف بالتنافس على وزير بالزائد وآخر بالناقص، ما يعني بحسب المثل القائل: “دق الميّ وهييّ ميّ”
تشير المعلومات الى أن العقدة التي تحدث عنها الرئيس الحريري هي عقدة بثلاثة أبعاد، الأول الخلاف القائم حول توزير الشخصية السنية المحسوبة على قوى 8 آذار، وهل ستكون من حصة اللقاء التشاوري أم من حصة رئيس الجمهورية؟، والثاني الاصرار المتجدد من الوزير باسيل ومحاولاته المستمرة للحصول على الثلث المعطل في الحكومة، والثالث إعادة طرح صيغة الـ 32 وزيرا.
وتضيف هذه المعلومات: إن اللواء عباس إبراهيم طرح توسيع الحكومة على الحريري باضافة وزيرين علوي وسرياني، لكن الرئيس المكلف رفض الأمر بشدة وطلب عدم التداول به مجددا، لكن ووفق هذه المعلومات فإن باسيل أعاد طرح هذا الأمر خلال اللقاء الذي جمعه مع الحريري في بيت الوسط يوم أمس، فضلا عن تقديمه إقتراحات أخرى تصب كلها في خانة حصوله على الثلث المعطل، ما دفع مصادر الحريري الى إبلاغ وسائل إعلامية بأن الملف الحكومي ما يزال يراوح مكانه ولم تحصل أية خروقات جدية فيه، ومما زاد من تشاؤم اللبنانيين دعوة الرئيس نبيه بري الى الرئيس الحريري لعقد إجتماع لحكومة تصريف الأعمال لاقرار الموازنة العامة وإرسالها الى مجلس النواب، وذلك في إشارة الى قناعة لدى الرئيس بري بأن ولادة الحكومة متعثرة والى أجل غير مسمى.