أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده "لإبطاء" عمليّة سحب الجنود الأميركيين من سوريا، وذلك لهزيمة "داعش" نهائياً، وفق ما أكّد السناتور الجمهوري ليندسي غراهام بعد اجتماع طويل مع ترامب وقال: "الرئيس مصمّم على ضمان أن يكون داعش قد هُزم بالكامل عندما نُغادر سوريا" وأضاف: "ترامب يُدرك أنّنا في حاجة إلى إنهاء المهمّة، سنُبطئ الأمور بطريقة ذكيّة".
يعبّر تصريح غراهام، بطريقة غير مباشرة، عن النيّات الأميركية التي تُترجم بالمرحلة الآتية، أي رسم خريطة جديدة للمنطقة. عبارة "إبطاء سحب الجنود بطريقة ذكية لهزيمة "داعش" نهائياً قبل مغادرة سوريا" وقول وزيرة الدفاع الفرنسية "لدينا مهمّة أخيرة قبل ترك سوريا هي هزيمة التنظيم"، لديهما معنى واحداً يُلخّص بالآتي:
- استخدام كلمة "داعش" هو للإشارة الضمنية إلى إيران، فمحاربة التنظيم هو للتغطية على الأعمال المقبلة ضدّ القوات الإيرانية في سوريا وغيرها.
- أما إبطاء سحب الجنود بذكاء والذي سيستغرق أربعة أشهر، فيعني أن بعض القوات انسحبت نحو العراق، وسيكون هناك مسعى لنشر قوات بديلة لحماية الأكراد ومحاربة إيران.
عندما ُيدرك ترامب أن الأشهر الأولى من السنة ستكون صعبة جداً عليه وضاغطة بسبب فتح الديمقراطيين تحقيقاً لعزله على خلفية نتائج التدخّل الروسي في الانتخابات الرئاسية وعلاقته بالروس، ومهما كانت نتيجة التحقيقات، أي عزل الرئيس أو وضعه تحت المراقبة، فهو سيواجه التحقيق بصرامة عبر إنجاز خارجي لإرضاء خصومه مثلما كان يفعل عدد من الرؤساء السابقين.
قوات عربية ضد إيران
وسط هذه التطورات، أتى فتح السفارة الإماراتية في سوريا كمقدّمة لقرار أكبر يكون بمثابة التطبيق الحرفي لمقولة ترامب "أخيراً حان الوقت ليُقاتل آخرون في الشرق الأوسط"، حيث تؤشّر الحركة السياسية والعسكرية الحالية والمقبلة إلى وجود مسعى كبير، جزء منه نشر قوّات إمارتية-مصرية في منبج شمال سوريا، يتبعها نشر قوات عربية متعددة، بينها سعودية - مغربية-جزائرية، في أنحاء متفرّقة من سوريا، وعلى الحدود العراقية، لمحاربة القوات الإيرانية وإخراجها.
وفي السياق، بدأت ملامح هذا المسعى بالظهور عندما غرّد المستشار السابق في حملة ترامب الانتخابية، وليد فارس في 22 كانون الثاني 2018 بعد إعلان الانسحاب الأميركي قائلا: "فكرة ممكنة هي نشر قوات مصرية شمال شرق سوريا لاستبدال القوات الأميركية. القوات المصرية ستساعد "قوات سوريا الديمقراطية" لإنهاء داعش".
بعد ذلك، أتت زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا اللواء علي مملوك إلى مصر لبحث مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي وهوية القوات التي ستكون محلّها برضى أميركي، وفق اللواء حاتم باشات، وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، وعضو البرلمان المصري.
توازيا مع رفض روسيا تنفيذ تركيا أي عملية شمال سوريا بعدما كانت على وشك تنفيذها، وذلك بسبب علم روسيا بالمخطط الأميركي لسوريا تزامنا مع تفويض ترامب موسكو مهمّة إخراج إيران من سوريا، والدليل هو تصريح نائب وزير الخارجية الروسية، ميخائيل بوغدانوف، أن القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها ستنسحب من سوريا بعد إعادة وحدة أراضيها.
وبالتالي، فان إحتمال نجاح هذا المسعى كبير لأنه يحصل بمباركة الروس الذين يستولون على سوريا، لذلك فالخطوات المقبلة هي استعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية والتفاف الدول العربية والخليجية حولها لمحاربة النفوذ الإيراني، كما قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش.
جبهة واحدة بلا حدود
من جهة ثانية، أكبر دليل على إلغاء الحدود بين الدول العربية وتوحيد الجبهات هو بدء العراق قصف "داعش" في سوريا بعد زيارة ترامب العراق معلناً استخدامه كقاعدة لشنّ هجمات في سوريا توازياً مع الانتهاء من بناء قاعدتين عسكريتين جديدتين على الحدود السورية، فضلاً عن تمدّد الاتهامات الإسرائيلية بوصول أسلحة وصواريخ إيرانية من لبنان مروراً بسوريا وصولا إلى العراق حيث هددت إسرائيل بقصف "كتائب القدس" في العراق بسبب الصواريخ الإيرانية التي تمتلكها.
وما يدعم مرحلة رسم خريطة جديدة للمنطقة، هو خصوصاً قول الإسرائيلي إنه ينتظر تغييراً في النظام الإيراني توازياً مع تصريحين مهمّين: الأول قول فائزة ابنة الزعيم الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني إن النظام انهار معنوياً وقد يتبعه انهيار لجسد النظام الإيراني، في حال توفّر البديل للشعب عن النظام الحالي"، تبعه توقّع حفيد مؤسس النظام الإيراني، حسن الخميني انهيار النظام الإيراني، معتبراً أنه لا ضمان لاستمراره"، فكيف سيأتي البديل؟