كان اتفاق مار مخايل ما بين حزب الله والتيّار الوطني الحرّ استثناءًا في التجربة الحزبية وهو غريب عن البنية السياسية لذا استمدت غرابته من واقع متشظي بين كيانات طائفية و حزبية وقد ألغى من الحضور الوطني ومن طموح الوصول الى دولة عصرية بعد أن أسّس مجدداً لكيان متصل بسياسات هشّة سرعان ما يسقط بسقوط جوهر الاتفاقيات القائمة بين القوى النافذة.
أوصل الإتفاق بين الطرفين الى حيث يريد كل طرف وكان وصول التيّار واستفادته من الاتفاق أو التفاهم أقوى من استفادة حزب الله وهذا ما ضغط على الحزب من قبل حلفاء له وخاصة من قبل حركة أمل التي نبهت الحزب لمغبة المضي مع التيّار الى حيث يريد وكان تباين حزب الله – أمل واضحاً في موضوع الاستحقاق الرئاسي حيث تجاوز الحزب رأي الرئيس نبيه بري رغم ايمانه بضرورة المشي الى جانب حائط عين التينة كي يبقى سليماً وبعيداً عن الأذى وكانت تغطية حزب الله الكاملة لتجربة التيّار في الحكم فادحة وفاضحة وخاصة في الوزارات ومنها وزارة الباخرة العائمة على لجج من العتمة في بحر بيروت دون الانتباه الى شريكه في الطائفة وعلى حساب هجومات التيّار المتكررة على حركة أمل وكان أبرزها هجوم رئيس التيّار على رئيس الحركة نبيه بري وكان ذلك بمثابة فتح لهجومات متعددة على شخص دولة الرئيس بري بعد أن كانت الاشارة اليه بإصبع الإدانة أو الاتهام تعرّض صاحب الإصبع لغضب المحرومين من كل مكان .
إقرأ أيضا : هل يُعرقل جدال دعوة سوريا إلى قمة بيروت الإقتصادية تشكيل الحكومة أيضًا؟
بعد الإنتخابات النيابية وأثنائها وعلو الخطاب الطائفي عند قيادة التيّار واتساع سمع الموالين لحزب الله لخطاب تجييشي مرتكز على خلفيات جانحة وجامحة الى مرحلة تاريخية انتهت بعد حرب مضنية بدأت شفاه حزبية تلفظ بكره سياسي أدوات خطاب التيّار وبعض القيادات فيه والتي ترفع من وتيرة الأنا بأنف ماروني قديم وتستجيب بالكامل لمواقف حركة أمل من التيّار وما شجع على ذلك ما كشف عنه الرئيس بري من دور ممنهج بين الرئاستين على حساب رئاسته والذي برز من خلال التفاهم بين تياريّ المستقبل و الحرّ على حكومة معطلة لطائفة بري السياسية وهذا ما جعل العلاقة الحارّة ما بين حزب الله والتيّار الحرّ فاترة وباردة جداً خاصة بعد أن وعد أمين عام حزب الله بتمثيل المجموعة السنية وإلاّ لن تكون هناك حكومة وبعد أن وُضع الموضوع في عهدة العهد الذي أبدى مرونة لم يوافق عليه حزب الله كونها تأخذ ولا تعطي كما برّر الحزب والمجموعة السنية وهذا ما أدخل البلاد و العباد في نفق حكومي مظلم يبدو الضوء فيه صعب كونه لن يكون على حساب وعد السيّد نصرالله لأنه علم مناصريه على وعود إلهية يجب أن تتحقق واذا تم التنازل عن وعده باتت كل وعوده الأخرى محل شك وهذا ما لا يطيقه الحزب الذي جعل من وعد أمينه العام بمثابة " المقدس " البشري الواجب تحقيقه وعدم المسّ به . كما أنه لن يكون على حساب العهد القوي والذي وعد ووعده دين على تيّار يعتز بقوته وباستقلاليته وبوصوله الى ذروة الدور الماروني والمسيحي المسؤول والقادر على عدم التنازل عن قناعة لصالح ضغوطات داخلية كانت أو خارجية .
بين الصعوبتين تبدو الصعوبة الأولى أقوى من الثانية لذا لا إمكانية لتراجعها عن وعدها خاصة وأنها صاحبة الفصل في التجربة اللبنانية ويبدو تراجع التيّار سيد الموقف وهذا ما سيضر به اذ سيبدو أمام جمهوره الذي عبأه بالقوة الخارقة بأن كتلته القوية ومهما انتفخت أوداجها تنفسها إبرة حزب الله .
هل ستكون الحكومة موضوع اختبار لتفاهم حزب الله – التيّار الوطني إذا ما آلت الصعوبتان المذكورتان إلى ما ذهبنا اليه ؟ أم أن هناك إمكانية ما لجعل سعد الحريري الرئيس المكلف أن يدفع الثمن من حساب فاتورة كبيرة اعتاد على دفعها من جيب تياره وطائفته السياسية ؟